الصورة الوردية لضابط الشرطة هدية العيدالأثنين، 26 يناير 2009 - 13:45
الإعلام والثقافة تجاهلتا الصورة السيئة للضابط فى الأفلام والواقع
وزارة الإعلام والثقافة قررتا أن تشاركا فى رسم صورة وردية عن رجل الشرطة فى عيدها، بسيل من الأفلام المثالية البعيدة عن الواقع الآن، التى يظهر فيها رجل الشرطة بدور المضحى، والذى يلقى نفسه فى التهلكة من أجل المواطن البسيط، وتناستا الوزارتان الأفلام الأخرى، التى يظهر فيها رجل الشرطة أقرب للواقع الآن. وكأنها مساهمة مقصودة لتغييب المواطن عما يحدث الآن من ضباط الشرطة فى الأقسام والشارع المصرى من تعذيب وإهانة.
ففى الوقت الذى قدمت فيه السينما المصرية صورة سلبية لرجل الشرطة خلال أفلام "هى فوضى" ليوسف شاهين و"حين ميسرة" لخالد يوسف و"خارج على القانون" لأحمد نادر جلال، قرر التليفزيون والهيئة العامة لقصور الثقافة تجميل صورة رجل الشرطة تزامناً مع أعياد الشرطة وقدمت الجهتان عدداً من الأفلام التى تقدم صورة وردية لرجل الشرطة من عينة "حياة أو موت" ليوسف وهبى و"كلمة شرف" لأحمد مظهر و"ساعة الصفر" لرشدى أباظة و"سمارة" لمحسن سرحان و"نواعم" لمحمود ياسين و"الرجل الثانى" لصلاح ذو الفقار و"ابن حميدو" لأحمد رمزى، وغيرها من الأفلام التى نرى فيها الضابط الشهم المقاتل الشجاع الذى يلقى بنفسه فى التهلكة ويزرع نفسه وسط العصابة لكشف الفساد.
هناك أيضا الجانب الآخر، وهو الضابط الفاسد الذى يرتشى ويعذب المواطنين، والضابط السجان الذى يتسم بالعنف وسوء استغلال سلطته، معتقدا أنه بذلك يرضى رؤسائه، وقد أدى ذلك الدور باتقان محمود عبد العزيز فى فيلم "البرئ" لعاطف الطيب، ومن قبله محمود مرسى فى "ليل وقضبان". وهناك أيضا الضابط الكبير أو المسئول الذى يغتر بمكانته ويلفق القضايا والاتهامات للآخرين، سواء أكان ضابطاً عادياً مثل أحمد زكى فى "زوجة رجل مهم"الذى لا يصدق أن القانون هو الذى ينتصر فى النهاية، وأن انحرافه السلوكى عما يجب أن يكون عليه رجل البوليس لن يدوم ولن ينفعه أو مثل محمود المليجى فى فيلم "غروب وشروق" فى دور عزمى باشا رئيس البوليس السياسى الذى اعتاد التنكيل بالجميع وتحقيق كل أمانيه ولو على حساب الفتك بالأبرياء، وهو نموذج قدمه خالد صالح فى فيلم "هى فوضى" رغم أنه ليس ضابطاً، بل أمين شرطة لكنه تجاوز كل الخطوط الحمراء فى سوء استغلال سلطاته فى التعدى على حقوق الناس وفرض الإتاوات، حتى أنه أراد الزواج قسراً بمن أعجبته من الفتيات، وحينما رفضت اعتدى عليه.
وقدم نفس النوعية محمد متولى فى فيلم الإمبراطور مع أحمد زكى وضابط مكافحة المخدرات، الذى يعتبر أن له منطقة يحكمها ويشاطر التجار فى مكاسبهم وإلا يكشفهم، وكانت نهايته القتل على يد أحدهم، وهو زينهم أو أحمد زكى، كما قدم هذا النموذج خالد الصاوى فى فيلم (أبو على) وهو الضابط الذى قتل خطأ أحد جنوده وأراد إلصاق التهمة بغيره (كريم عبد العزيز) وتحول فى النهاية لمجرم يهم بقتل الكثيرين والاستيلاء على قطعة آثار مهربة، لكن رؤساءه سارعوا بالقبض عليه ليثبتوا أنه حالة شاذة واستثنائية.
فكل هذه أفلام جيدة جداً وكان من البديهى أن يتم عرضها، سواء فى التليفزيون على قنواته الأرضية أو فى القاعات التابعة للهيئة العامة للثقافة التى قرر الدكتور أحمد مجاهد رئيس الهيئة أن تتحول لقاعات عرض سينمائى، ولكن الجهتين تجاهلتا الأفلام التى تقدم صورة سلبية وركزتا فقط على الأفلام التى تجمل رجل الشرطة، والسؤال هنا هل تقديم هذه الأفلام جاء بتوجه من وزارة الداخلية ومن الوزير شخصياً أم أنها اجتهادات شخصية؟.