واحد صفر".. كيف يسىء فيلم للكنيسة القبطية؟
الأربعاء، 4 فبراير 2009 - 19:04
فيلم إلهام شاهين أثار ردود فعل قبطية غاضبة
رفع مجموعة من المحامين منذ أيام دعوى قضائية لوقف عرض فيلم "واحد صفر"، مبررين لجوئهم للقضاء بإساءة الفيلم لـ "سر الزيجة"، أحد أسرار الكنيسة السبعة. اللافت فى الأمر أن المحامين الأقباط بدوا كما لو كانت السينما هى محل اهتمامهم الأول والأخير، متناسين، ربما، تراجع حقوق المواطنة وقضايا أهم تشغل بال الأقباط.
الحقيقة تكمن فى أن كثيرا من الأقباط يحملون كلمات الكتاب المقدس شعارات أينما ذهبوا، حيث أشار هؤلاء المحامون إلى أن الفيلم يظهر سيدة مسيحية متزوجة ترفض الكنيسة تطليقها تحاول إقامة علاقة جنسية دون زواج، وهو ما يعد زنا، ما حرمه الكتاب المقدس، فأقاموا المحاكم لشنق هذه المرأة التى لا وجود لها بين صفوف المسيحيين، متناسين موقف السيد المسيح الذى لا يتساهل مع خطيئة الزنا، إلا أنه مع المرأة الزانية أطلقها بسلام قائلا "ولا أنا أدينك أذهبى ولا تخطئى أيضا"، معطيا مثلا للشفقة والحنان، فعندما تجد إنسان غارقا لا توبخه وتعظه ثم تهم لإنقاذه، فهو ليس فى حالة تسمح له للاستماع بل مد يد العون وأمسح دموعه ثم عظه.
السؤال الآن: من منكم بلا خطيئة ليرجمها بحجر؟ وهل تحريم المسيحية للزنا يجعل المسيحيين غير خطاه ؟ ألم يحرم الإسلام الزنا أيضا إلا أن السينما المصرية طوال مشوار ظهورها تناولت "طبيعة النفس البشرية الضعيفة والمخطئة" دون أن يواجهها مجموعة من المحامين المسلمين.
ما الذى يجعل مصطفى يزنى وجورج لا يزنى؟! والمفروض أن يقبل ذلك الناس وكأنه شىء عادى، وعندما تظهر السينما جاكلين تزنى بينما تعيش عائشة شريفة عفيفة يثور المسيحيون، ألم يكرم الإسلام العلاقة بين الرجل والمرأة ووضعها فى إطار الزواج الذى أساسه الإشهار، أى معرفة الناس كافة ما يجمع هذين الشخصين.
والأكيد هنا أنه عندما تجتمع الأديان على شىء ويخالفه معتنقوه ليس الخلل فى الدين وإنما فى الأشخاص ذاتهم، مما يجعل هذه المخالفة ليست إساءة للدين وإنما هى إساءة للشخص ذاته، وهو ما لم يدركه الكثيرون، رافضين وجود امرأة مسيحية زانية فى صفوف المسيحيين وعلينا رجمها ودفنها دون أن يشعر أحد..
فمجرد فكرة وجودها تنتقص كثيرا من هيبة الدين المسيحى أمام الآخرين وكأنها مباراة لنفى وجود خطائين من هذه الفئة ومعتنقين لهذه العقيدة، ولا مانع من تبرير القتل الذى هو خطية أيضا لإخفاء خطية أخرى. وتعد خطيئة الزنا فى المسيحية إساءة من الشخص موجهة لذاته على عكس كافة الخطايا، والتى تعد إساءة موجهه لشخص الله، إلا أن الزنا يفصل الإنسان عن الله ويسىء لتلك النفس التى كرمها الله وللجسد الذى يعتبره هيكلا مقدسا ومسكنا، فإن لم يختر الإنسان بإرادته التخلى عنها فلا جدوى من حبسه أو معاقبته.
وإن كان الفيلم يظهر سيدة مسيحية تعيش حياة مضطربة، فضلا عن كرهها لزوجها ورغبتها فى تركه ووقوعها فى حب شخص آخر ما يدفعها إلى التفكير فى إقامة علاقة جنسية دون زواج مع من تحبه.. أعتقد أنها ليست حالة غريبة أو نادرة، فالمسيحيون بشر أيضا يخطئون ويعودون، وليست غريبا أيضا أن تمر كثير من الزيجات المسيحية باضطرابات وأحيانا تفشل تماما، إلا أن المسيحية لا تبيح الطلاق إلا لعلة الزنا.
فلم لا يعتبر الإخوة المحامون أن الفيلم رسالة لكل سيدة تعانى ظروفا مماثلة، وقد يساعد الإعلام كثيرا فى حل مشكلات إذا عرضها بشكل موضوعى، وفى رأيى المتواضع قد يعد هذا الفيلم رسالة للتدقيق والاختيار الجيد قبل الزواج بأى شخص لمجرد أن الوقت حان لذلك، فلا وقت للسعادة وإنما السعادة تحتاج إلى شخص مناسب وليس وقتا مناسبا.
لابد لكل معارضى الفيلم التحلى بروح قبول الخطاه ولا داعى لشن هجوم على فيلم يناقش واقعا. ولا تقليل أو انتقاص للمسيحية، فكيف يهتز جبل مثلا عند إلقاء حجارة عليه، بالعكس فهو قادر على استيعابها واحتوائها، وإن أظهر الفيلم إساءة لأسرار العقيدة المسيحية، وهذا ما لا أعرفه. إلا أنه، وحتى لو حدث، فلا إساءة للمسيحية أكثر من رفض الخطاه واعتبارهم عارا ومحل خجل، فى الوقت الذى قبل فيه المسيح الأكل مع الزناة والعشارين والاستماع لهم دون أن يشعر بأنها إساءة موجهة له، وهو ما جعل الكتبة والفريسين يهاجمونه.