تفعيل قرارات مجلس الأمن التى تتعلق بمكافحة الإرهاب والدول الممولة له؛ هو المطلب الأساسى التى ركزت عليه مصر فى الجلسة الأخيرة للمجلس، لاعتماد قرار الولايات المتحدة الأمريكية بتجديد منظومة لجنة عقوبات تنظيمى "داعش" والقاعدة.
وفى هذه الجلسة قال السفير عمرو أبو العطا، مندوب مصر فى الأمم المتحدة" "إن الملاحظة التى لمسناها بشكل أكبر منذ بدء عضويتنا فى مجلس الأمن، فهى ضرورة التنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن خاصة المتعلقة بمكافحة الإرهاب، وضرورة وجود محاسبة من جانب المجلس للدول التى لا تمتثل لتلك القرارات".التركيز على هذه القرارات، هى الخريطة الأساسية التى تقود لمحاكمة دولية لإثبات تورطها فى دعم وتمويل الإرهاب، فى حال تفعيلها.
قرارات مجلس الأمن المتعلقة بمكافحة الإرهاب
القرار السابق لا يعد الوحيد المتعلق بمكافحة الإرهاب، وإنما هناك 16 قرارًا آخرين، تتعلق بمكافحة الإرهاب، والدول والكيانات التابعة له. أهم هذه القرارات وفقًا لما قاله السفير محمد العرابى، وزير الخارجية الأسبق، وعضو لجنة العلاقات الخارجية، هو القرار رقم 1373 الصادر فى 28 سبتمبر 2001 عقب أحداث 11 سبتمبر، وهو قرار ملزم للكافة وذو حجية مطلقة، ويلزم الدول اﻷعضاء فى اﻷمم المتحدة، بحظر تمويل كافة اﻷشخاص والمنظمات الإرهابية وقال العرابى، فى تصريح لـ"برلمانى" إن قطر خرقت الالتزام باحكام القانون الدولى وإنفاذ قرارات مجلس الأمن، وأن هناك العديد من الأدلة التى يمكن تقديمها للمجلس وتثبت تورط قطر فى دعم وتمويل الإرهاب، مذكرا بأنها فى عام 2015 وبعد ذبح داعش للصحفى اليابانى وجهت اللوم لطوكيو، لأنهم لم يسعوا إلى وساطتهم مع داعش.
أهمية القرار 1373، الصادر بعد احداث 11 سبتمبر، هو أنه يلزم الدول الأعضاء ان تصبح أطراف فى كل القرارات والصكوك الدولية التى صدرت من المجلس لمكافحة الإرهاب.
13 قرارًا لمكافحة الإرهاب
ووفقا لما رصدته لجنة مكافحة الإرهاب فى مجلس الامن عن باقى القرارات، تمثلت على مدار سنوات مختلفة، وفى الفترة بين عامى 1963 و 2004، وضع المجتمع الدولى، تحت إشراف الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، 13 صكًا دوليًا لمكافحة الإرهاب، مفتوحة لاشتراك جميع الدول الأعضاء. ومنذ 2005، أدخل المجتمع الدولى أيضا تغييرات جوهرية على ثلاثة من تلك الصكوك العالمية، للتصدى تحديدا لخطر الإرهاب؛ ففى 8 يوليه من ذلك العام، اعتمدت الدول التعديلات على اتفاقية الحماية المادية للمواد النووية، وفى 14 تشرين الأول/أكتوبر وافقت الدول على كل من بروتوكول عام 2005 لاتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة الملاحة البحرية، وبروتوكول عام 2005 المتعلق بقمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة المنشآت الثابتة الموجودة على الجرف القارى. وقد ركزت الجمعية العامة منذ عام 1972 على الإرهاب بوصفه مشكلة دولية، وتناولت المسألة خلال الثمانينات بشكل متقطع من خلال قراراتها. واعتمدت الجمعية خلال تلك الفترة أيضا صكين متعلقين بمكافحة الإرهاب: اتفاقية منع الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص المتمتعين بحماية دولية، بمن فيهم الموظفون الدبلوماسيون، والمعاقبة عليها (1973)، والاتفاقية الدولية لمناهضة أخذ الرهائن (1979). وفى ديسمبر 1994، وجهت الجمعية العامة الانتباه من جديد إلى هذه المسألة باعتماد إعلان بشأن التدابير الرامية إلى القضاء على الإرهاب الدولى (A/RES/49/60). وفى 1996، أنشأ مُلحق لذلك الإعلان (A/RES/51/210) اللجنة المخصصة المعنية بالإرهاب. ومنذ ذلك التاريخ، أصبحت الجمعية العامة تتناول مسألة الإرهاب بشكل منتظم.
3 اتفاقيات دولية لمكافحة الإرهاب
وخلال العقد الماضى، أكملت الدول الأعضاء أعمالها بشأن ثلاثة صكوك أخرى تتعلق بمكافحة الإرهاب تغطى أنواعا محددة من الأنشطة الإرهابية: الاتفاقية الدولية لعام 1997 لقمع الهجمات الإرهابية بالقنابل؛ والاتفاقية الدولية لعام 1999 لقمع تمويل الإرهاب؛ والاتفاقية الدولية لقمع أعمال الإرهاب النووى. وقد اعتُمدت الاتفاقية الأخيرة فى أبريل 2005 وفُتحت للتوقيع فى 14 سبتمبر 2005، يوم افتتاح مؤتمر القمة العالمى للجمعية العامة. وخلال هذا الاجتماع الرفيع المستوى الذى استمر ثلاثة أيام، وقّعت عليها 82 دولة عضوا.
اتفاقية قمع وتمويل الإرهاب هى الأهم
اتفاقية قمع وتمويل الإرهاب هى الاهم فى هذه الاتفاقيات والتى يمكن استغلالها أيضا فى إثبات تورط قطر فى علاقتها بالمنظمات الإرهابية،
خاصة أن هذه الاتفاقية تقضى بأن تتخذ الأطراف خطوات لمنع تمويل الإرهابيين والحيلولة دون هذا التمويل، سواء كان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، عن طريق جماعات تدّعى أن لها أهدافا خيرية أو اجتماعية أو ثقافية، أو تشترك أيضا فى أنشطة غير مشروعة مثل الاتجار بالمخدرات أو تهريب الأسلحة؛
وتُلزم الاتفاقية الدول بتحميل من يموّلون الإرهاب مسؤولية جنائية، أو مدنية، أو إدارية عن القيام بذلك العمل؛
تنص على تحديد الأموال المخصصة للأنشطة الإرهابية، وتجميدها ومصادرتها، وكذلك تقاسم الأموال المتأتية من المصادرة مع دول أخرى، على أساس كل حالة على حدة. ولم تعد الأسرار المصرفية مبررا كافيا للامتناع عن التعاون.
المسار القانونى لمحاكمة قطر
المسار القانونى لمحاكمة قطر، يتمثل فى تقديم أدلة لمجلس الأمن تثبت فعليا تورطها فى دعم وتمويل الإرهاب، وكذلك عدم التزامها بكافة القرارات والاتفاقيات السابق ذكرها، وفى حالة موافقة مجلس الامن على دراسة هذه الادلة من حقه إحالة الملف إلى الجنائية الدولية.
أدلة دعم قطر للإرهاب، تحتاج إلى تضافر من كل الدول والمؤسسات التى أكدت على أن لديها ما يثبت تورط قطر فى قضية الإرهاب، ويضم إليها أيضا اعتراف وزير خارجية قطر بان بلاده موجودة فى ذيل قائمة الدول الداعمة والممولة للإرهاب.
وقال مدير عام المخابرات الفرنسية الأسبق، ايف بونى، فى تصريحات سابقة له، إن عناصر جهاز الاستخبارات الفرنسية DGSI، وتحديدا المختصين بأمن الحدود، رصدوا منذ عدة سنوات وجود أياد قطرية خلف سفر الشباب الفرنسى للتدريب فى معسكرات تمولها الدوحة فى تونس ومدينة درنة الليبية، وإعدادهم بها، ثم تسفيرهم إلى تركيا، ومنها إلى القتال فى سوريا والعراق.
وقال بونى خلال مشاركته فى بمؤتمر (الاستثمارات القطرية فى أوروبا بين السياسة والإرهاب "فرنسا نموذجا") - إن ضباط الاستخبارات رفعوا تقارير بهذا الشأن إلى متخذى القرار، لكن لم يتم التحرك، وذلك لتوغل النظام القطرى وسيطرته على الاستثمارات بحجم ضخم فى القارة الأوروبية بالكامل وخاصة فى عهد الرئيس الفرنسى الأسبق نيكولاى ساركوزى.
بالإضافة لذلك فإن مصر، تقدمت فيما سبق فى إحدى جلسات مجلس الامن بمذكرة، تثبت تورط قطر فى تمويل ودعم الجماعات الإرهابية فى ليبيا، وهى احد الأدلة التى يمكن استغلالها أيضا، ويضاف أيضا تقرير الخارجية الامريكية حول تمويل الإرهاب، الذى اكدت خلاله أن الممولين الإرهابيين داخل دول قطر مازالوا يستغلون النظام المالى الغير رسمى فى قطر لدعم وتمويل الإرهاب فى المنطقة.
من حق الدول تقديم ملف لمجلس الأمن
ومن حق الدول فى حالة تجمعها بكافة هذه الادلة وتقديم ملف كامل لمجلس الأمن عن دعم وتمويل قطر للإرهاب، لدراسته وبحثته واتخاذ قرار بشأنه.
الجنائية الدولية الخطوة الأخيرة
وقال الدكتور محمد عطا الله، الخبير فى القانون الدولى، إنه إذا ثبت لدى أى دولة فى العالم من المجتمع الدولى أن هناك دولة ما ترتكب بعض الأفعال التى تخل بحفظ الأمن يجب التقدم لمجلس الأمن بهذه الأدلة لإحالة الملف للمحكمة الجنائية الدولية للتحقيق فيه، مثلما حدث فى واقعة السودان.
أما إذا لم يكن هناك دليل فهذا الطلب سيدرسه مجلس الأمن ولن يتم إحالته، كذلك المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية إذا تأكد وحصل على أدلة تثبت أن قطر أو أى دولة أو كيان يرعى الإرهاب، ويرتكب أعمال تخل بالأمن والسلم الدوليين يستطيع إحالة الملف لمجلس الأمن لدراسته واتخاذ قرار.