فبراير 2009 - 14:33
إنعام اتجهت للرواية لأن الصحافة لا توضح صورة الاحتلال القاتمة - تصوير عصام الشامى
إنعام كجه جى هادئة ليست كبطلة روايتها "الحفيدة الأمريكية"، تعمل فى الصحافة منذ أكثر من 25 سنة وتعيش فى باريس، واتجهت إلى كتابة الرواية بعد أن تخطت الأربعين من عمرها، صدر لها رواية "سواقى القلوب" 2005، بالإضافة إلى "حفيدتها الأمريكية" التى اختيرت ضمن القائمة القصيرة المرشحة للفوز بجائزة البوكر.
اليوم السابع التقاها فى زيارتها السريعة إلى مصر مؤخراً، تعترف فى حوارها أنها اتجهت لكتابة الرواية لأن الصحافة لا تستطيع أن تكشف الصورة القاتمة للاحتلال، وأن المقالات النقدية التى كتبت عن روايتها بسبب أنها صحفية، وتقول إنها لم تتوقع اختيارها ضمن القائمة القصيرة المرشحة للبوكر، لكنها حزينة لأنها تريد لروايتها أن يقرأها الشعب العراقى وأن تطبع هناك.
هل "الحفيدة الأمريكية" رصد لتجربتك كمغتربة عراقية فى رصد الواقع العراقى؟
أنا كاتبة عراقية مقيمة فى الخارج لا تعتبر نفسها مغتربة عن وطنها، وإنما تقيم خارج الوطن ولم تنقطع زيارتها له ولا صلاتها بعائلتها وإخوتها هناك، ثم إننى صحفية فى الأساس وواصلت عملى فى الصحافة بعد أن انتقلت للإقامة فى باريس، وجئت إلى الرواية متأخرة، حيث كتبت روايتى الأولى 2005.
وتجربتى فى كتابة الرواية كمغتربة بالتأكيد تحمل هموم العراقيين المغتربين، وتظهر جلياً فى الروايتين، وخصوصاً العلاقة بين الاغتراب والوطن، وعدم القدرة على الفكاك من براثن هذا الوطن الحميمية والعميقة والجذابة فى آن واحد
لماذا جاءت شخصية البطلة العراقية الأمريكية بهذا التمزق؟
لنقل أن بطلة رواية "الحفيدة الأمريكية" عاشت طفولتها فى العراق، أما نشأتها وشبابها فى الولايات المتحدة، بحيث طغى انتماؤها الأمريكى على انتمائها العراقى، وهذا ما يجعلها تتطوع للعمل كمترجمة مع الجيش الذى احتل بلدها الأصلى، وكلمة "تتطوع" هنا مجازية، لأنها فى الحقيقة مثل كل المقاتلين تعمل مقابل مرتب مالى كبير ومغر يصل إلى آلاف الدولارات شهرياً.
وهى عندما تعود لا تصطدم فقط بالعراقيين أبناء الوطن الذين يقفون فى مواجهة الاحتلال، وإنما تصطدم بجدتها والدة أمها آخر ما بقى لها من العائلة على قيد الحياة فى بغداد، وطبعاً كانت صدمة الجدة كبيرة عندما ترى حفيدتها ترتدى ثياب الجنود الأمريكان، خصوصاً أن الجد المتوفى كان ضابطاً وطنياً فى الجيش العراقى فى الأربعينيات والخمسينيات، وشارك فى حرب فلسطين 1948، ومن هنا كانت الجدة تؤمن أن حفيدتها قد أسيئت تربيتها فى أمريكا، وقررت أن تصحح تربيتها من خلال أن تروى لها فصولاً من تاريخ العائلة علها ترعوى.
شخصية البطلة زينة، هل هى انعكاس لما يحدث فى العراق، وهذا الولاء المزدوج؟
الحفيدة لم تكن تشعر أنها تعيش ولاء مزدوجاً، فلا شك لديها أن ولاءها لأمريكا، وهى كانت مؤمنة عندما ذهبت إلى العراق أن الأمريكيين ذاهبون لتحقيق مهمة جميلة تتمثل فى مساعدة العراقيين على بناء ديمقراطية، وفى العراق تكتشف الحفيدة ما وراء هذا الشعار البراق من تعسف وخراب ودموع وإذلال، وتعود من مهمتها العسكرية مريضة بداء الشجن، وهو الداء الذى يستمر فى تربيتها حتى بعد وفاة جدتها.
لكن العلاقة بين الواقع والخيال فى روايتك تبدو غير منفصلة عن الواقع الحقيقى؟
الواقع فى العراق أغرب من الخيال، كثيرون يقفون فى صف الحرية المزعومة التى جاءت بها أمريكا، وكثيرون يحصلون على مرتبات من الجيش الأمريكى والبيت الواحد ينقسم إلى فريقين متناقضين فى الأساس، أردت أن أرصد الواقع بعيون عراقية، أنا أصلاً اتجهت لكتابة الرواية عندما وجدت أن المقالات والصحافة لا تستطيع أن توضح الصورة القاتمة للاحتلال.
كيف ترين الوضع فى العراق الآن؟
الأمور متشابكة ومعقدة بشكل يصعب معه التنبؤ بمستقبل العراق، واليقين من إمكانية عودة المجتمع إلى ما كان عليه من تصالح وجدية فى العمل وقدرات على الإبداع الثقافى فى كافة المجالات، لذا أتفادى الآراء السياسية المباشرة، وأحاول دس قناعاتى فى رواياتى.
هل "الحفيدة الأمريكية" بمثابة شهادة تقدمينها على الفشل الأمريكى فى العراق؟
وماذا تنفع شهادتى، وما قيمتها عن الفشل الأمريكى إذا كانت كل الأحداث دامغة على هذا الفشل الرهيب، صوتى هو قطرة فى تيار الأصوات المعترضة على المشروع الأمريكى فى العراق.
البطلة فى النهاية كانت مصابة بداء الشجن، بعد أن فقدت أخوها وجدتها وفقدت نفسها، وفقدت وطنيها العراق وأمريكا.
ما توقعاتك للفوز بجائزة البوكر؟
لا أدرى، كنت سعيدة عندما دخلت الرواية القائمة الطويلة، لكن عندما أعلنت الجائزة القصيرة، وجدت اسمى بجانب أسماء أقرأ لها منذ سنوات، وأحمل لها التقدير والإعجاب، أسعدنى ذلك، فقط اختيارى ضمن القائمة القصيرة يسعدنى.
كيف استقبل الجمهور العراقى الرواية، وكيف استقبلها النقاد؟
ماذا ينفع استقبال النقاد إذا كان الكتاب العربى محكوم بسوء التوزيع، وما يصدر فى بيروت لا يصل إلى القاهرة أو بغداد، وما يصدر فى المغرب لا يصل إلى بيروت ولا الكويت أو البحرين، ولذلك عدد النسخ التى وصلت العراق يعد على أصابع اليدين، عن طريق البريد أو أحد المسافرين حملها معه إلى صديق.
أتمنى أن تكون هناك طبعة عراقية، لأن القارئ الأساسى لهذه الرواية هو القارئ العراقى، ثم إننى لا تغيرنى المقالات النقدية كثيراً.
لماذا، رغم أنها تساهم فى رواج للكاتب والكتاب؟
لأننى أعمل فى ميدان الصحافة منذ زمن فى الصفحات الثقافية، وأغلب هذه الأسماء الكبيرة ستهتم بروايتى لأنى صحفية أكثر من شخص لا يعرفونه، وأظن أيضاً أن الاهتمام بالرواية جاء بسبب موضوعها الساخن المتعلق بالحدث العراقى