النميمة أدب من لا أدب لهالأربعاء، 11 فبراير 2009 - 16:35
لجأ إليها روائيو الوسط الصحفى
الفن هو كيف تقول ليس ماذا تقول, ولكن هناك بعض الفنون الأدبية خرجت عن النص وخرجت علينا روايات بطعم النميمة، ليست بريئة تماما أو مدانة تماما وإنما تحتمل الوجهين، حسب قدرة الكاتب على تظفير "النميمة" داخل عمله.
الروائى الأردنى غالب هلسا، يعتبر من أوائل الروائيين الذين ذكروا شخصيات حقيقية بأسمائها فى رواياته، بدءا من روايته الخماسين، وإن أشار إلى أنه استخدم هذه التيمة من أحد الكتاب الأمريكيين، من الروايات العربية الأخرى رواية "تل اللحم" للروائى العراقى نجم والى، والتى طبعت فى مصر عن دار ميريت وهى رواية نميمة عن المثقفين العراقيين، ومن ضمن الشخصيات التى تشير إليها الرواية بشدة الشاعر حسب الشيخ جعفر.
أما عن الروايات المصرية فمنها "البيات الشتوى" للروائى خيرى شلبى، وتتناول حكايات عن جيل الستينيات وتشير إلى بعض الأسماء المعروفة، وكذلك رواية "قبل وبعد" للروائى توفيق عبد الرحمن والتى يقال إن أحد شعراء العامية الكبار هو وراء مصادرتها لأنها تشير إليه، ومن الروايات التى أشار الكثير إلى أنها استخدمت النميمة "عمارة يعقوبيان" وأثارت الكثير من الصخب، والقائمة تطول
فى الفترة الأخيرة زادت ألوان وأشكال هذه الروايات التى تتناول وسطا بعينه، سواء الأوساط الصحفية أو الثقافية أو الفنية، لتظل العيون والوجوه والألسنة داخل الوسط الذى يدور فيه العمل تبحث بشكل دائم عن هذه الشخصيات المرسومة على الورق، وتتناقل الألسنة نميمة جديدة عن البطل الرئيسى الذى هو فلان أو علان.
ومن بين هذه النوعية من الروايات رواية تدور أحداثها حول حياة بعض الصحفيين والفنانين التشكيليين والعاملين بمجال حقوق الإنسان فى وسط البلد، وتتحدث عن تسلق بعضهم وتملقه من أجل الحصول على مكاسب من أى نوع، ورواية أخرى تتناول شخصية صحفية متسلقة تستخدم الجنس والكذب وكتابة تقارير الأمن فى الوصول إلى رئاسة مجلة نسائية وعضوية نقابة الصحفيين، ورواية ثالثة تتناول فى جزء منها مشاكل البطل فى إحدى الصحف الحزبية، وغيرها من الأعمال.
الروائى إبراهيم أصلان لا يستوقفه فى أى عمل وجود هذا الأمر، ويقول "لا أجد لدى أى ميل لرد بعض الشخصيات الروائية إلى أشخاص معروفين على أرض الواقع، ولا أجد متعة ولا جاذبية فى التفكير بهذه الطريقة، ويهمنى فى أول الأمر ونهايته جودة العمل، فإذا كان جيدا أبرر له كل الوسائل التى يعتمد عليها فى سبيل تحقيق عمل جيد، وإذا كان العمل غير جيد فلا أجد أى مبرر له. متعة "أصلان" كما يقول لا تتجه إلى البحث عن مصادر لهذه الأعمال، ولا ينصرف ذهنه إطلاقا إليها أثناء القراءة، ولا يثير انتباهه أن هذا فلان وهذا علان، مؤكدا أن العمل الجيد له ذرائعه.
أما الناقد فاروق عبد القادر فقال: الرواية شأنها شأن أى عمل فنى وأدبى تأخذ طابع العصر الذى كتبت فيه، وكل شئون الحياة صالحة للعمل الأدبى بامتياز، وإذا كانت تيمة معينة تسود فى زمن، فهذا ليس لعوامل أدبية أو فنية فى الأساس، حيث يتجه الكتاب إلى السائد فى العصر الموجودين فيه.
عبد القادر يشير إلى أن من أوائل من برعوا فى الكتابة عن الوسط الصحفى هو فتحى غانم، فى رباعيته "الرجل الذى فقد ظله"، حيث تحكى الرواية كلها عن واقع الوسط الصحفى وما يحدث فيه من مؤامرات ودسائس وظل هذا الاتجاه مستمرا لفترة من الفترات، وينتمى لهذا النوع كاتب شاب يعتمد فى رواياته على هذه الطريقة ويذكر أصدقاءه وبعض المثقفين المسلمين والأقباط بأسماء قريبة من أسمائهم.
عبد القادر يوضح أن هذا ليس عيبا فى العمل إذا كان جيدا، ودون أن يتحول إلى نميمة، فالمهم هو جودة العمل الأدبى، مشيرا إلى أن نجيب محفوظ أعظم الروائيين العرب ضمن إنتاجه 35 رواية تتعرض لمثل هذه العوامل وتتعرض لمواقف مختلفة ومتعددة فى مراحله المختلفة سواء فى المرحلة الواقعية والرمزية بأسلوب مختلف فى كل عمل وكل مرحلة من مراحله، رغم أن هذا إنتاج كاتب واحد فقط.
الروائى والصحفى محمد رفعت صاحب رواية "شجرة اللبلاب" يوضح أنه شىء طبيعى حين تكتب عملا إبداعيا أن تنهل من تجاربك الشخصية والواقع الذى تعيش فيه وتعرف الأسرار الخاصة به. ويدلل رفعت على قوله بأن توفيق الحكيم استوحى عمله "يوميات نائب فى الأرياف" من عمله كوكيل نيابة فى البحيرة، وبعض أعمال يوسف إدريس مستوحاة من عمله كطبيب، لكنه فى نفس الوقت يؤكد أنه لابد أن يجيب العمل على بعض الأسئلة مثل "هل هذا العمل الذى يتناول هذا العالم والوسط مكتوب بطريقة النميمة، أم هو مكتوب بشكل فنى؟ وهل هو ممتع أم لا؟ وهل غرضه التجريح والإسقاط على بعض الشخصيات؟ وهذا هو المرفوض