بــازل يقدمها مسرح الشباب علي المسرح العائم
تجسيد لسلبيات العصر الملكي وعصر الثورة
عرض يفرض عليك التفكير لتكتمل الصورة
مشهد من مسرحية بازل
المسرحية التي شاهدتها لك هذا الأسبوع هي بازل والعنوان هو اسم اللعبة المشهورة بتركيب صور مختلطة إلي جانب بعضها البعض لنحصل علي صورة متكاملة.
المسرحية كتبها وأخرجها د.سامح مهران وكان وقت كتابتها رئيسا للمركز القومي للمسرح, أما الآن فهو يشغل منصب رئيس أكاديمية الفنون.
سامح مهران ليس بعيدا عن المسرح ككاتب ومخرج فقد قدم من قبل عملين لمسرح الهناجر. وعين فترة مديرا لمسرح الغد قبل توليه المركز القومي للمسرح ثم رئاسة أكاديمية الفنون.
فماذا عن مسرحيته التي يقدمها مسرح الشباب علي المسرح العائم؟.
وإذا قلت المسرح العائم فليس معناه أنه مسرح مفتوح أي في الهواء الطلق ولكن منذ عام تمت تغطيته ليقدم عروضه صيفا وشتاء لكن بالطبع يظل اسمه المسرح العائم وهو ينقسم إلي المسرح الكبير والمسرح الصغير وهذا الأخير هو الذي تقدم عليه مسرحية بازل.
فماذا عن النص؟
بالطبع من اسم المسرحية يتأكد لنا أن النص عبارة عن أجزاء من هنا وهناك بمعني مواقف أو مشاهد أو شخصيات أيضا من هنا وهناك ولكن الرابطة الوحيدة بين كل الشخصيات هي ليلي.. ابنة الباشا الارستقراطي التي تتزوج أو لنقل يزوجها والدها من جيل ما قبل الثورة لأحد الضباط.. من رجالات الثورة حتي يضمن لها حسب مفهومه أن تظل في مكان الصدارة أو علي الأقل في المكان الذي يمكن أن يقدم لها ما ضاع منها من حياة باشوات ما قبل الثورة.
العريس هو أيضا يريد أن يصل إلي أعلي وليس هناك ما يناسبه اكثر من بنت الباشوات ولكن بالطبع الزيجة كلها من هنا ومن هناك قد قامت علي الزيف ومن ثم طبيعي أن يكون نتاجها الابنة التي تسمي كدبه.
الزوجة بعد الثورة تتأقلم علي رومانسية عبدالحليم حافظ الذي تداوم علي سماع أغانيه التي كان يقدمها أو معظمها للثورة وأمجادها.
الزوج يحصل علي جانب من الثروة التي قامت الثورة لتوزيعها علي الفقراء والمعدمين من خلال حصوله علي رئاسة الشركات في منصب يدر عليه الدخل الوفير.
بمعاونة قريبه أو صديقه والذي تقدمه المسرحية باسم ابن الحلواني يصل إلي العديد مما يطلبه وبالطبع بلا وجه حق.
لدينا أيضا الدجالة وزوجها اللذان ينحصر دورهما في الابتزاز واللعبة هنا هي سمعة الزوجة ولكن تفشل الخطة بعد تدخل ابن الحلواني الذي يمكن أن نطلق عليه جاهز لكل المهام.
باختصار النص يقدم لنا رؤية تحمل العديد والعديد مما ينتقص من الثورة التي قامت ربما علي أكتاف الشرفاء ليقضي علي العديد من منجزاتها الطامعين وليظل الحال كما هو.
إدانة واضحة وصريحة لكثير مما شاب الثورة خاصة وقد قدمت للناس الهزيمة علي أنها نصر حين أذاعت أن مصر قد أوقعت90 طائرة في الوقت الذي كانت طائراتنا جثثا هامدة!!
إذن لدينا إدانة لما قبل الثورة وأيضا لما بعد الثورة حيث استعان المؤلف بشريط سينمائي توثيقي يقدم لقطات كثيرة تبدأ بخطبة التنحي التي بثها التليفزيون لجمال عبدالناصر والتي رفضتها الجماهير.
فماذا عن الإخراج؟
قدم لنا المخرج الذي هو المؤلف أيضا سامح مهران مستويين علي خشبة المسرح. وقدم حركة مناسبة لهذه المستويات ومعها كانت هناك استعراضات كنت أفضل أن تكون أكثر مما شاهدنا ولا أقول هنا إنها خارج النص ولكن لكي تعطي فرصة للمتفرج المتلقي بأن يحصل علي بعض الوقت ليستوعب مشاهد اللعبة التي عليه أن يركبها وهي لعبة البازل. بمعني أن يحصل علي الوقت الذي يتيح له الفهم والاستيعاب أكثر.
السينما في الخلفية كانت أكثر من اللازم ولو أنها كانت ضرورية في بعض أجزائها لكن ليس بهذه الكثرة خاصة أن الصورة كانت غير واضحة في معظم اللقطات.
الديكور كان يمكن أن يكون أفضل والموسيقي مناسبة لكثير من المشاهد وأما عن تصميم تمثال أو عروسة عبدالحليم حافظ فكنت أفضلها أكثر إتقانا مما شاهدنا خاصة أنه كان لها دور مع البطلة في الكثير من المشاهد وأما الصوت الذي قدم أغاني عبد الحليم حافظ وهو خالد النجدي فكان موفقا إلي حد كبير.
فماذا عن الأبطال؟
أجدهم أيضا مادمنا في مسرح الشباب فمعظمهم من الشباب أو ممن تخطي بسنوات قليلة مرحلة الشباب البطولة النسائية والتي اعتمد عليها الخط الدرامي الأساسي في العمل هي نرمين زعزع في دور ليلي ابنة الباشا وكانت ممثلة يمكن أن نقول إنها متفهمة للشخصية التي تقدمها وهذا أمر بالغ الأهمية.
أما جلال عثمان في دور حافظ أو لنقل الضابط الانتهازي فكان أيضا أداؤه موفقا ولعل أحمد الحلواني الذي قام بدور ابن الخياطة كان اكثر شخصيات العمل توفيقا في الأداء الذي اتسم في بعض أجزائه بالكوميديا التلقائية.
محمد يونس في دور الطبيب كان مبالغا وكانت مروة يحيي في دور إيما ورانيا النجار متلائمين مع شخصياتهما.
أما الباشا خالد النجدي فلم يكن موفقا في دور الباشا أو ربما كان في حاجة إلي كتابة الدور بأسلوب مختلف.
عموما عرض أهم ما فيه أنه يحرك الذهن هنا وهناك الآن ومن قبل وأيضا من بعد لمحاولة استكمال الصورة وذلك برغم صعوبتها.
لكن ما أقدم له التحية هو فرقة مسرح الشباب الذي يقدم عرضين في وقت واحد العرض الأول هو فانتازيا الجنون بمسرح السلام والثاني هو بازل بالمسرح العائم.