بعد انصراف المواطن عن الإذاعة المصرية إلى شاشات التلفزيونات المختلفة، حتى من تبقى منهم لا زال يستمع إلى الراديو تركز اهتمامه فى تلك الإذاعة الإعلانية المعروفة، تقوم حاليا إذاعة البرنامج العام برئاسة الإذاعى عبد الرحمن رشاد، على إعادة المواطن إلى الإذاعة المصرية بإنتاج برنامج يعد نقلة نوعية فى الإعلام المسموع يحمل اسم "هنا القاهرة" وهو برنامج استثنائى يعد أول برنامج إذاعى من نوعية برامج الأحداث الجارية أو التوك شو الإذاعى، ويذاع يومى الخميس والجمعة من كل أسبوع، يقدم بانوراما إخبارية لأهم ما شهدته الساحة من أحداث فى مختلف المجالات، وتم اختيار هذا التوقيت لإذاعة البرنامج بسبب إجازة برامج التوك شو الفضائية فى هذين اليومين.
نجح برنامج هنا القاهرة فى أن تعود الإذاعة المصرية للقيام بدورها فى خدمة المواطن بعد أن تحول إلى همزة الوصل بينه وبين المسئولين، وذلك من خلال شكل إخراجى جديد للإذاعة، بحيث يتم لقاء المواطن صاحب المشكلة فى بيته ثم الذهاب معه إلى مكتب المسئول فى الحال وعلى الهواء للبحث عن حل لمشكلته، وأثبت البرنامج نجاحه بهذا الأسلوب فى تلبية احتياج المواطنين، فكان للبرنامج المبادرة فى حل مشاكل الغاز وطوابير العيش داخل القاهرة، أما فى مختلف محافظات الجمهورية، فكان للبرنامج دورا بارزا فى إنهاء إضراب السائقين فى أسيوط بعد أن جمعهم مع اللواء نبيل العزبى محافظ أسيوط لمنحهم شقة من المحافظة لتلبية مطالبهم، وفى محافظة بنى سويف نجح فى توصيل سيدة مسنة إلى المحافظ اللواء مصطفى السيد حصلت بعدها على شقة.
وجاء هذا بعد أن نجح البرنامج فى أن يكسب ثقة الشارع المصرى من خلال فريق من المراسلين منتشرا فى جميع أنحاء الجمهورية للتواصل مع الجمهور وعرض مشاكله على المسئولين حتى أن بعض حلقات البرنامج يتم نقلها بالكامل من الشوارع وبيوت المواطنين بعيدا عن إستديوهات ماسبيرو.
البرنامج أيضا نجح فى أن يكسب ثقة المسئولين على السواء بالجمهور، حتى أن الوزير عائشة عبد الهادى قد خصت البرنامج بخمسين وظيفة شهريا من وزراة القوى العاملة يقوم البرنامج بتوزيعها بمعرفته على المواطنين الباحثين عن فرصة عمل.
"هنا القاهرة" وجد لنفسه هامشا من الحرية يتمتع بسقف أعلى من غيره من وسائل الإعلام، ربما لا يتوفر لبعض الفضائيات، فقد تطرق لمعالجة العديد من قضايا الأمن القومى الشائكة مثل انتهاك الحدود على رفح المصرية أثناء العدوان على غزة، وتغطية أحداث الفتنة الطائفية فى المنيا، ترتب على ذلك نجاحه فى تحقيق السبق لعدد من الانفرادات متفوقا على البرامج والصحف المحترفة فى هذا الأمر، فكان للبرنامج السبق فى إذاعة حادثة قاتل مصر الجديدة الشهيرة وتفجير قضية نبيل البوشى ومتابعة تطور الأحداث فى غزة واستشهاد الضابط المصرى على الحدود.
هامش الحرية الذى ينفرد به البرنامج على مستوى وسائل الإعلام المسموع، أيضا امتد لبعض الضيوف الذى نجح البرنامج فى استضافتهم بعد أن كانوا ممنوعين من دخول ماسبيرو، مثل الشيخ جمال البنا فى فقرة بعنوان "أغرب الفتاوى".
أشرف نوار رئيس تحرير البرنامج، يتحدث أيضا عن فقرة بعنوان "يعنى إيه كلمة وطن" والذى يعتبرها فقرة استثنائية بين وسائل الإعلام المختلفة، وهى عبارة عن لقاء إسبوعى بين فضيلة الشيخ أحمد ترك إمام مسجد النور ونيافة الأنبا بسنتى أسقف حلوان، ويدور بينهما نقاش حول الهموم المشتركة للمواطنين المصريين باختلاف الديانة. وتعد هذه الفقرة مع فقرة "من الناس للناس" التى تعرض لهموم الناس هما الفقرتان الأساسيتان فى البرنامج.
ومن خلال باقى فقرات البرنامج المتنوعة يقدم أيضا بعض الخدمات التى تجيب على أسئلة المستمعين من بينها فقرة طبية للحديث عن أهم الأمراض المزمنة، ومن أبرز ضيوف تلك الفقرة الدكتور جمال عصمت الذى يتحدث عن زراعة الكبد فى الصين، هذا بالإضافة إلى فقرة الطبيب النفسى مع الدكتورة هدى رضوان أخصائية الصحة النفسية، وتقوم بالإجابة على تساؤلات المستمعين عن طريق الرسائل القصيرة.
ميرفت خير الله المشرف العام على البرنامج، تشير إلى أن أهم ما نجح فيه برنامج "هنا القاهرة" هو أن تعود الإذاعة إلى دورها كمنبر إعلامى لوزراء الحكومة لتوجيه خطاباتهم إلى المواطنين، من بين هؤلاء الوزراء المهندس طارق كامل وزير الاتصالات وأمير أباظة وزير الزراعة وأحمد درويش وزير التنمية الإدارية الدكتور حاتم الجبلى الذى تحدث عن علاج المواطنين على نفقة الدولة.
عبد الرحمن رشاد رئيس إذاعة البرنامج العام يتحدث عن هذا البرنامج لليوم السابع قائلا "جاءت فكرة البرنامج من خلال رؤية الإذاعة التى تهدف إلى خدمة المواطنين وهو الدور الوطنى المعهود لها منذ نشأتها عام 1936، والذى تحاول إذاعة البرنامج العام استعادته من جديد فى حياة المواطن المصرى الذى ارتبط ذكرها بالدور الوطنى للإذاعة المصرية الذى بدأ بإعلان معاهدة 1936، مرورا بمساندة الفدائيين فى قناة السويس ضد الاحتلال الإنجليزى، وسبقها بإعلان بيان حركة الضباط والكفاح الوطنى فى 1956، كما أن إذاعة البرنامج العام هى أول جهة تذيع بيان العبور عام 1973.
وبرنامج "هنا القاهرة" نجح فى أن يعيد المواطن المصرى إلى حضن الإذاعة المصرية بعد أن أصابه الملل من تكرار ما تعرضه الفضائيات دون جدوى، وهو ما يجعل الوقت مناسبا لكى نعيد اكتشاف الإذاعة التى من الممكن أن تصل إلى المواطن فى بيته وعمله وأثناء قيادة السيارة أو وجوده بوسائل المواصلات، وإذاعة البرنامج العام تتميز بأنها تصل إلى جميع أنحاء الجمهورية