طارق يوسف
عدد الرسائل : 87 تاريخ التسجيل : 10/02/2009
| موضوع: صحافة غير مهنية -مشينة السبت 14 فبراير 2009 - 15:10 | |
| الصحافة في مصر صحافة تنويرية مسؤولة ووكانت مضرب الأمثال في الدول العربية ولها سمعة عالمية أيضا تعرفت عليها في عدة مناسبات أثناء زياراتي لمكتبة الكونجرس ولعدد من الصحف الأمريكية الكبرى لأقرأ في أرشيفها موضوعات عن صحافة مصر في أيام الاحتلال الانجليزي والفرنسي
اليوم تشهد الصحافة المصرية قفزات مهمة، ولكنها للأسف بحاجة إلى مدقق يحاسب الصحفيين الذين يهملون مهمة التدقيق في صحة المعلومات التي تتضمنها أخبارهم وتقاريرهم وهي غالبا ما تحوى تشويها للحقائق أو حقائق مبتورة بحيث يمكن إساءة تفسيرها بسهولة – وهذا له تأثير كبير في صياغة الرأي العام ورأي رجل الشارع العادي.
وربما كان ذلك واضحا وجليا في التغطية الإعلامية (إذاعة وتلفزيون وصحف) للحادثة المؤلمة التي ألمت بابنة المطربة ليلى غفران وصديقتها نادين. التسرع في الحديث عن خمور ومخدرات وجنس وفجور أدى إلى تشويه سمعة الضحيتين واسرتيهما وكان له أثر بالغ السوء في تشكيل رأي الناس وفي حكم المجتمع علي الضحيتين ... إنها جريمة أخرى ارتكبها الإعلام لا تقل عن جريمة القتل البشعة التي تحدث عنها. وبعد التسرع في النشر، اتضح أن سبب القتل هو السرقة ولا علاقة للجريمة لا بالجنس ولا بالمخدرات ولا بالخمور ولا بالفجور الذي تحدثت عنه وسائل الإعلام غير المسؤولة! وكل هذا للأسف نشر وانتشر على الانترنت وفي البريد الاليكتروني وأطلق العنان لخيال المدونات وفي الشبكات الاجتماعية مثل الفيس بوك وغيرها مما يضاعف من آلام الأسر المنكوبة! وما يكتب على النت يظل عليها إلى الأبد.
فبينما ركز الكاتب على "يهودية" ليلى مراد وأسرتها، لم يشأ أن يذكر على الإطلاق أن ليلى مراد أسلمت هي وأسرتها وكانت تنوي حج بيت الله الحرام ولكن لم يتيسر لها الحج لمرضها. لا أعرف ماذا فعل أبناء الفنانة الراحلة عندما قرأوا ما كتبته "المصري اليوم" عن والدتهم. مثل هذه الأخبار ليست بنات أفكار الكاتب، فهي حقائق مسجلة في الموسوعات والكتب. ولم تخطئ الصحيفة في ديانة الفنانة العظيمة التي أمتعتنا ولايزال تراثها الفني يمتعنا خاصة في أيام الحج ... فقد أخطأت أيضا في اسم والد ليلى مراد وقالت إن اسمه إبراهيم زكي موردخاي فحين إن اسمه زكي مراد وليس ابراهيم زكي. هذا الكلام موسوعي مسجل في الموسوعات وليس هناك أي عذر للخطأ فيه!
بالطبع رئيس التحرير لا يستطيع أن يراجع كل شيئ فهذا حال الصحافة المصرية. وأذكر قبل عشرين عاما جلست بصحبة بوب وليامز رئيس تحرير الصفحة الثانية في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية وقال لي "إن القاعة التي نجلس فيها هنا يجلس قيها كل صباح أكبر وأهم 17 صحفي في أمريكا وربما العالم لأننا نبحث الأخبار التي ستنشرها الواشنطن بوست في اليوم التالي وندقق فيها."
بالطبع تحدثنا عن الأخطاء (غير المطبعية) وهي نادرة بالمناسبة وليست متكررة كل يوم كما في الصحافة المصرية – ثم قال لي إن كل رئيس تحرير صفحة أو قسم يراجع المعلومات المعدة للنشر ويدقق في صحتها. وبعد النشر، هناك في كل وسيلة إعلام أمريكية صحفي خبير مستقل يشغل وظيفة اسمها "المدقق – اومبودزمان" شغلته أو شغلتها تمثيل مصلحة الناس والتدقيق في صحة ما تنشره الصحيفة ومتابعة ما لم تنشره للفت الانتباه إليه. وإذا نشرت معلومة خطأ يتم تصحيحها والاعتذار عنها في اليوم التالي من غير طناش كما يحدث في صحافة مصر! صحافة مصر اليوم هي انعكاس للمجتمع والتحولات الغريبة التي طرأت عليه.
| |
| |
|