يحاول الرئيس الصهيوني شمعون بيرس من جديد إيهام المجتمع الصهيوني من جهة والدول العربية من جهة أخرى بأنَّ "إسرائيل" اليوم أقوى بكثير مما يعتقد شعبها وأعدائها ، وذلك في تصريحات له أثناء احتفالات الكيان الصهيوني بذكرى - النكبة - إنشائه الستين .
وبما أنّ شمعون بيرس لم يوضح لنا المعيار الذي من خلاله اكتشف أنه الأقوى عسكرياً لأنه يعلم حقيقة قوته الزائفة والوهمية ، لذلك لا بدّ أن نبين حقيقة هذا الوهم الذي أزعج العرب طوال السنين الماضية تحت عنوان "الجيش الذي لا يُقهر" وأنّ دولة "الكيان الصهيوني" قوة لا يُستهان بها ولديها ترسانة عسكرية كبيرة ، هذا ما كان يروّج له الإعلام العربي الرسمي الذي يتبع لأنظمة فاسدة تعمل لخدمة المشروع الصهيوأمريكي في المنطقة العربية ، وذلك من أجل ترويع الشعوب العربية التي تطالب هذه الحكومات بالقضاء على إسرائيل التي تحتل بلداً عربياً منذ عشرات السنين .
تماماً كما كان الآباء والأمهات يخوِّفون أولادهم بأساطير وخرافات "أمنا الغولة" حتى يناموا مبكراً ، حتى بات الشغل الشاغل لهؤلاء الأطفال الأبرياء كيف يمكنهم اتقاء شر "أمنا الغولة" ، لذلك ومع مرور السنين ترسخت في أذهانهم مبادئ الطاعة العمياء والسمع بدون مناقشة !.
ولكن سرعان ما كبر هؤلاء الأطفال وتيقنوا أنّ قوة وبطش "أمنا الغولة" ما هي إلا خرافات وأوهام لا أساس لها من الصحة ، كذلك الحال مع الأسطورة الخرافية "الجيش الذي لا يُقهر" الذي يتحدث بها "شمعون بيرس " اليوم .
فالحقيقة الغائبة عن أذهان الكثير من الناس أنّ قوة "الكيان الصهيوني" المزعومة والتي يتباهى بها شمعون بيرس قامت على أمرين مهمين :
أولاً : السجل الحافل للكيان الصهيوني في انتهاك حقوق الإنسان في فلسطين بالذات منذ العام 1948م وحتى الآن حيث المجازر البشعة التي ارتكبتها دولة - الكيان الصهيوني- بحق المدنيين الفلسطينيين منذ مجزرة دير ياسين إلى مجزرة عائلة" أبو معتق" في بيت حانون مروراً بآلاف المجازر والتي كان معظم ضحاياها من الأطفال والشيوخ والنساء.. والقائمة هنا تطول ، حيث يلاحظ أنّ الجيش الصهيوني كان عندما يفشل في صد أي هجوم فدائي فلسطيني عليه يلجأ إلى هوايته الحقيرة في استهداف المدنيين وترويعهم وذلك للتغطية على فشله الذريع في المواجهة العسكرية ، ولنذكِّر شمعون بيرس بالمجزرة التي ارتكبها في قانا اللبنانية حينما لاحقت قذائفه وصواريخه الحاقدة مئات الأطفال والنساء الذين هربوا إلى ملجأ للأمم المتحدة لحمايتهم فقُتل منهم أكثر من مائة طفل وامرأة وأُصيب العشرات ولم يحرك العالم ساكناً أمام هذا المشهد الفظيع والذي تناقلته وسائل الإعلام المختلفة من أشلاء ودماء لأطفال أبرياء ، بل وقام العرب بمكافئة المجرم بيرس بوصفه "حمامة السلام" ! .
فهل يعتبر شمعون بيرس قتل الأطفال وترويعهم رجولة ومصدراً للقوة ؟!.
ثانياً : إذا كانت دولة - الكيان الصهيوني - قوية كما يزعم بيرس فالسبب واضح وكما يقول المثل الشعبي "الأعور في دولة العميان ملك " فللأسف لا توجد لدى أي دولة عربية خاصة من الدول المجاورة أي نية لمهاجمة إسرائيل التي تحتل مساحات واسعة من أراضي تلك الدول وتسيطر على أخرى بنظام "الريموت كنترول" ، فجميع الأنظمة العربية تعمل كوكلاء لأمريكا و"إسرائيل" في محاربة شعوبهم سياسياً واقتصادياً وثقافياً وإضعاف تلك الشعوب حتى يعيش الكيان الصهيوني في أمن واستقرار ، فالكيان الصهيوني يحظى اليوم بعناية فائقة من تلك الدول حيث يعملون للأسف كـ "كلاب حراسة" على حدودها لمنع أي عمل عسكري شعبي ضدها ، ولدى تلك الدول خطط جاهزة للحيلولة دون وجود أي تحرك شعبي عربي يتعلق بالمواجهة مع الكيان الصهيوني ومن أجل ذلك يفرضون الحصار على غزة ، ويلاحقون قوى المقاومة في الضفة ، ويُخمدون أي تحرك فلسطيني من دول الجوار نحو فلسطين .
ولكن هذا الرغد والأمن الذي تعيشه دولة الكيان اليوم مرتبط بوجود هذه الزمرة الخائنة من حكام العرب ، وهؤلاء الحكام وتلك الأنظمة الفاسدة لن تبقى إلى الأبد بل سيأتي اليوم الذي نرى فيه زوال هذه الأنظمة الفاسدة ، بل إنّ هذا اليوم بات أقرب من أي وقتٍ مضى خاصة مع تطورات الوضع الميداني والشعبي في دول الجوار من مصر إلى لبنان ، حينها ستكون دولتهم أوهن من بيت العنكبوت وسيفاجأ الناس بهشاشة جيشهم وقوته المزعومة .
وعلى شمعون بيرس أن يتذكر قوة جيشه المزعومة وفشله في مواجهة رجال المقاومة الفلسطينية واللبنانية ، وكيف أنّ مجموعة من ثمانية رجال قد سيطروا على موقعاً للجيش -الذي لا يقهر- في شرق خانيونس وقتلوا وجرحوا من فيه وعاد أفراد المجموعة إلى مواقعهم وهم يأسرون أحد جنود الموقع العسكري الأكثر تحصيناً ، على الرغم من المراقبة المستمرة من الجو عبر طائرات الاستطلاع التي لا تغادر سمائنا ، خاصة مع تسرب أخبار من الإعلام الصهيوني عن هروب بعض الجنود من الموقع وترك أسلحتهم وعتادهم !.
وكيف تمكن رجال المقاومة اللبنانية من أسر جنديين وقتل باقي أفراد القوة بعد السيطرة الكاملة عليها .
فهذا جيشك يا شمعون بيرس يهرب أمام الرجال في ساحات الوغى ، ويغطى على هذا الهروب بمجازر بحق أطفال أبرياء في فلسطين ولبنان ، فسحقاً لهذا الجيش "الفاشل" وسحقاً لتلك القوة "العار" .
ولك أن تتخيل يا شمعون بيرس ماذا سيكون حال دولتك "القوية" لو حدث تغيير في إحدى دول الجوار وكان جيشها من نوعية رجال المقاومة أصحاب الوعد الصادق في لبنان وممن بددوا أوهام جيشك في قطاع غزة وأوقعوه في حقل الموت !؟ .