يتحضر الكيان الصهيوني في هذه الفترة للإطاحة برئيس وزرائه اولمرت,وذلك بعد قضايا فساد كُشف عنها مؤخراً تتعلق برشاوى واستغلال منصب,وكما يقول المراقبون فإن اغلب قادة الكيان الصهيوني يمتلكون ملفاد فساد محفوظة لدى اليمين المتطرف في الكيان أو قل لدى اللوبي الصهيوني في العالم,وعندما ينحرف هذا القائد عن المسار العام للصهيونية العالمية سرعان ما تنكشف هذه الملفات بعد أن كانت غامضة في عداد المفقودين,واغلب هذه الملفات تتعلق بقضايا رشاوى مرتبطة برجال أعمال صهاينة في دول العالم,وهذا يفضي إلى نتيجة بأن هذه القضايا هي قضايا مدبرة شأنهم شأن الكثير من قادة العالم الذين لديهم ملفاد فساد يمتلكها الصهاينة يستخدمونها للابتزاز وللحصول على مكاسب سياسية واقتصادية.
وبالرجوع إلى موضوعنا فإن أكثر المتضررين و المنزعجين من مصير اولمرت هو عباس,الذي عول عليه بشكل مطلق في عملية التسوية,وقد راهن عباس على اولمرت للحصول على دولة خلال هذا العام ,ووضع عباس كل " البيض في سلة" اولمرت,فعباس يرفض الحوار مع حماس وأدار ظهره للعرب بعد أن حاولوا أن يكون لهم رقيب على الأقل في المفاوضات ,وصم آذانه عن كل منتقد ومتحفظ وترك لنفسه العنان بالمضي مع اولمرت ووعوده سعياً للوصل إلى سراب الدولة الفلسطينية في هذا العام,ولم تشفع دماء الشهداء ودموع الأمهات والحصار الخانق على غزة من منع القبلات والأخذ بالحضن .
لن يكون انتقال السلطة في الكيان الصهيوني سهلاً كما يظن فريق عباس,أو كما يطنون أن من سيخلف اولمرت سيمضي في مسيرته السليمة أو بنفس نهجه السلمي او محدداته,ولو كان ذلك مقبولاً لما كُشفت ملفات الفساد ولما أُطيح باولمرت,بل إن الشخص القادم لرئاسة وزراء الكيان الصهيوني سيبدأ من جديد ويعيد الأمور إلى نقطة الصفر ويحاول أن يجد لنفسه خطاً سياسياً مختلفاً عن اولمرت كي يتجنب شر اللوبي وكي يبقى على رأس سلطته,وربما لن يكون هذا ظاهراً للإعلام لكن سيسمعه المفاوضون بشكل جيد في أول اللقاءات معهم,وهذا يذكرنا بعهد نتنياهو عندما تسلم السلطة من بعد حزب العمل ونسف كل العملية التفاوضية التي تمت وما وصلت إليه من اتفاقات وبدأ مع الوفد الفلسطيني من جديد ولم تسعف الوفد كل التوسلات للعودة إلى الاتفاقات والتفاهمات الأولى.
في الجانب الآخر من العملية التفاوضية تحاول السلطة تمويه النتائج من أثر سقوط اولمرت ,صائب عريقات صرح بأن ما يحدث في الكيان الصهيوني سيؤثر على التهدئة,وكأن التهدئة موجودة أصلاً وكأن الكيان أعطى موافقته عليها أو سيلتزم بها,وربما نسي صائب عريقات أن عمليته التفاوضية التي يحتل فيها لقب " الكبير",ستهدم على رأسه ورأس أبو مازن,وسيجبر على حرق جميع الأوراق التي كتبها لأنه الآن بحاجة إلى أوراق جديدة,وسيسمع من المفاوض الصهيوني القادم كلاماً جديداً لم يسمعه من قبل,ولا ننسى تأثير ذلك على الثقة بالعملية برمتها على المستوى الرسمي والشعبي وستضيع أحلام الدولة التي وعد بها بوش,وسيضيع وعد بوش بإقامة الدولة في هذا العام الذي أصلا كل المؤشرات تدل على أنه لن يتحقق.
فصائل المقاومة لابد أن تكون حذرة لأنه وبكل التوقعات سيكون دمع الفلسطيني وأشلائه هي الدعاية الانتخابية أو دعاية القدرة على المواجهة,وهذا يستدعي الحذر والاستعداد وكذلك لابد أن يدرك سواء اولمرت أو خليفته أن المقاومة هي من سيكسر له ظهره عاجلاً أم آجلاً.
الأسبوع القادم سيكون المحدد في حياة اولمرت السياسية,وربما تسعفه صفقة سرية مع اللوبي تنقذ رأسه لكنه بشكل أكيد ستكون على حساب رؤوس فريق رام الله التفاوضي,وربما كذلك سيطاح باولمرت والنتيجة نفسها ستكون بالنسبة للفريق المفاوض.
وفي النهاية ورغم كونه كياناً معادياً,إلا أننا نتمنى أن يصبح مصير الفاسدين على الأقل في فلسطين كمصير اولمرت,وأن يخجلوا على أنفسهم ويتركوا ما هم عليه بعد أن كان الفساد عندهم بالظاهر ولا داعي لستره,وبعد أن عمّ فسادهم فلسطين,وكذلك نتمنى أن نسمع من عباس كلمة يعبر فيها عن فشله في إدارة موقعة كرئيس للسلطة وأن يكون جريئاً بجرأة صاحبة اولمرت ويعلن تنحيه عن هذا المنصب ويترك الأمر لأهله.