الموقع الرسمى لجريدة الامة الالكترونية
الموقع الرسمى لجريدة الامة الالكترونية
الموقع الرسمى لجريدة الامة الالكترونية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الموقع الرسمى لجريدة الامة الالكترونية

صحيفة- يومية-سياسية -ثقافية-رياضية-جامعة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابة*البوابة*  أحدث الصورأحدث الصور  دخولدخول  التسجيلالتسجيل  

 

 وحش من صنع الانسان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
طارق يوسف

طارق يوسف


ذكر
عدد الرسائل : 87
تاريخ التسجيل : 10/02/2009

وحش من صنع الانسان Empty
مُساهمةموضوع: وحش من صنع الانسان   وحش من صنع الانسان Icon_minitimeالأحد 15 فبراير 2009 - 1:01

اعتادت أدبيات التعبير عن الغلاء في وسائل الإعلام على وصفه بالوحش، وكأنه كائن خرافي اكتشفناه بيننا فجأة، أو كأنه مخلوق شكّله التلوث واضطراب الجينات فتمرد على الطبيعة، أو كأنه كائن فضائي هبط علينا من مجرة مجهولة، وتسعى الدول والمؤسسات والجمعيات وحتى الأمم المتحدة إلى مكافحته، بينما في الواقع، هو ليس كذلك، وإن كل وصف يحاول فصله عن ممارسة الإنسان يكون قد ارتكب خطأ جسيما.



إن وصف الغلاء بالوحش هو محاولة لتبرير الظاهرة ولإعلان العجز والهزيمة قبل المواجهة، رغم أن العديد من الجهات تصرح وتعلن أنها لم تستطع كبح جماحه، وكأنه إعصار تسونامي، بينما الظاهرة متعمدة ومصنوعة من قبل الإنسان، الذي يتحكم بالقرار، أي يتحكم بالاقتصاد وبمصائر الناس ومدخلهم، ويتحكم باستقرارهم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، ويريد أن يلتهم قدر استطاعته، ويحقق أرباحا خيالية. وهذا الإنسان هو الذي يصنع الأزمات والحروب بصفته يتحكم بالإنتاج والأنظمة والنظم الإلكترونية، ويتحول إلى وحش يفترس كل من يقف أمامه، وبالتالي أصبح الشك بوصفه إنسانا على المحك، فالإنسان لا يمكن أن يقوم بهذه التصرفات اللاإنسانية، وحين يتحكم الجشع والطمع به ويتحول إلى تمساح يلتهم ويقتل ويجرح كل من يعترض طريقه.



من الطبيعي أن تكون دول العالم الثالث أكثر الدول متضررة بالغلاء، وذلك لسبب بسيط وهو: أنها دول غير منتجة وغير صناعية، وبالتالي تستهلك ما تستورد وليس ما تنتج، وهنا بيت القصيد الذي أدى إلى التبعية والخنوع وعدم القدرة على قول كلمة لا، وسوف تظل تحت رحمة الدول المنتجة، وهي بذلك معرضة لأزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية عديدة، بسبب عدم استقرارها. وغالبا ما يكثر في هذه الدول الفساد والتجاوزات والتعدي على القانون والتحايل عليه، رغبة في تحقيق الأرباح والتحكم بالاقتصاد، الذي يؤدي إلى التحكم بالقرار. لكن هذا التحكم يفضي إلى مخاطر جمة، أقلها انتشار الجريمة والفقر وخلخلة القيم، الأمر الذي يؤدي إلى فلتان يقود إلى ثورات تحرق الأخضر واليابس، ثورات قد تخلق الفوضى أكثر مما تخلق واقعا جديدا أو تصحيحا لخطأ ما.



نحن في الوطن العربي نملك خيرات أنعم الله بها علينا ويمكنها أن تحقق الاكتفاء الذاتي، النفط والمعادن الثمينة في دول الخليج العربي والعراق وليبيا، الزراعة في بلاد الشام والمغرب والسودان، والطبيعة والجمال، والكفاءات البشرية والأيدي العاملة الموجودة في كل مكان، لماذا لا نستثمر هذه الخيرات والمصادر الطبيعية في ما بيننا؟ لكي يقوى اقتصادنا في وطننا العربي وتكون لنا كلمة السبق في المحافل الدولية، ولماذا نتناول الطماطم من هولندا، والجبنة من بلغاريا، واللحوم من استراليا، ونرتدي ثيابا من الصين، ونتعطر من فرنسا، ونتجمل من أمريكا، ونقود سيارات يابانية وألمانية، وننام على أسرة إيطالية، ونقوم بالسياحة في لندن وتايلاند وماليزيا وأوروبا، ونضع أموالنا في سويسرا؟ لماذا خلق الله لنا أوطانا إذن؟ أليس من أجل تعميرها لنا ولأجيالنا القادمة؟



الغلاء الذي نعاني منه سببه قلة التنسيق بين أقطار هذا الوطن الغني بموارده وطبيعته، وعدم الاستثمار في الصناعات الأساسية، الاستسلام لمعاهدات واتفاقيات دولية حرمتنا من إنتاج الدواء وتصنيعه، وفرضت علينا أن نستورد كل شيء ونحرر الأسعار تنفيذاً لاتفاقيات منظمة التجارة العالمية، وبالتالي، القوي يأكل الضعيف.



إن غياب الدعم من قبل الحكومات هو تنفيذ لاتفاقيات التجارة العالمية، ونحن لا نفهم كيف تسمح الحكومات لنفسها التوقيع على اتفاقيات تضر بمصالح مواطنيها، وترفع الدعم عنهم، فتزيدهم فقرا وأزمات.



إن إفرازات الغلاء لم تعد تهدد الجيوب والاقتصاد فحسب، وإنما باتت تهدد المنظومة الاجتماعية بأكملها، وهذه تجلياتها وتحدياتها:

أولا: تساهم تكاليف الحياة في مجتمعاتنا في زيادة نسبة العنوسة بين الشباب والفتيات، وهذا يهدد منظومة الأسرة وينشر التوجه نحو البحث عن علاقات غير سوية تهدد الاستقرار المجتمعي، وفي المقابل ينشر ظواهر دخيلة على مجتمعاتنا التي هي في الأصل بدأت تتعرض لرياح التغيير السلبي. ومن جانب آخر، زادت موجة الغلاء من المشاكل الأسرية الأمر الذي أدى إلى ارتفاع نسبة الطلاق أو انفصال رب الأسرة عن أسرته لعدم قدرته على تلبية احتياجاتها، خاصة إذا كان مغتربا، الأمر الذي يؤدي إلى نشوء مجتمعات ذكورية.



ثانيا: تساهم في التخلي عن بعض المبادئ والأخلاقيات، وانتشار السكن المختلط بين الشباب والبنات ضمن شقة مجزأة إلى غرف، ما هو إلا علامة من علامات خلخلة النظام الاجتماعي، الذي يقود إلى ترهل في القيم، وتراجع للتوجهات والمبادئ التي شبت عليها مجتمعاتنا العربية.



ثالثا: تساهم في نشر مقولات أقلها: الغاية تبرر الوسيلة، يعني تحويل المجتمعات إلى مجتمعات مادية لا تعير مسائل الربح الحلال أو الحرام أهمية، ولا تسأل: من أين لك هذا، ويصبح هدف الحصول على المادة على رأس الأولويات، بغض النظر عن مفاهيم مثل الشرف والدين والرضا النفسي والأمانة والإخلاص.



رابعا: تساهم في إلهاء الناس عن قضاياهم الجوهرية الوطنية والعقائدية، وتجعلهم ينشغلون باستمرار في البحث عن قوت يومهم.



خامسا: الغلاء يؤثر في التحصيل العلمي للجيل الصاعد، حين يجبر الطالب على قطع الدراسة والدخول إلى سوق العمل مبكرا، وهذا له سلبيات كثيرة منها، أنه سيقبل بأي وظيفة وأي دخل، وعلى الجانب الآخر، سيترك سوق العمل عرضة للخبرات الأجنبية المؤهلة والمدربة.



سادسا: أثرت موجة الغلاء في صحة الناس فازداد توترهم، وأدت ضغوطات الحياة إلى زيادة في أمراض القلب والجلطات، كما نشرت أمراضا مثل السكري وضغط الدم وغيرها، وعلى الصعيد النفسي زادت من ظاهرة الاكتئاب والعصبية.



لقد حاولت التركيز على الإفرازات الاجتماعية للغلاء وفلتان الأسعار، لأن الجبهة الاجتماعية هي خط الدفاع الأول عن أي تنمية اقتصادية أو بشرية، وبالتالي فإن سقوطها يعني سقوط جبهات أخرى، فإلى متى سيستمر هذا السقوط؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
وحش من صنع الانسان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الموقع الرسمى لجريدة الامة الالكترونية :: جريدة الأمة :: أخبار ممنوعة اعداد عسكرية عبد العاطى-
انتقل الى: