ينصحني صديق مغترب عبر رسالة الكترونية بأن لا أكون سوداوياً في كتاباتي لان علينا الاحتفاظ ببارقة الأمل!!
واريد هنا ان اؤكد بأنني من أكثر المتفائلين بقدرات هذه الامة وتاريخها المجيد ومستقبلها الواعد بتحقيق المشروع النهضوي العربي القومي, رغم تلاشي هذا الامل مرحلياً في ظل انظمة اختارت ان تخرج من التاريخ, وان تستقبل ولا تَبُثْ وان تتأثر بالاحداث ولا تؤثر بها!!.
فاذا نظرنا الى المشهد العربي نظرة شمولية واسعة بانورامية نرى العجب, لان الموقف العربي المتشتت هو الغيمة السوداء التي تغطي مساحة الوطن العربي وتخلق مزاجاً تشاؤمياً محبطاً باعثاً لليأس الذي يقع ضحيته المواطن العربي العادي, وبعض الكتاب والمثقفين والسياسيين الذين تاهت بوصلتهم, ففقدوا الاتجاه الصحيح وارتموا في احضان اعداء العرب وخلقوا ثقافة جديدة تقود الى التغريب والتغريد خارج السرب العربي الوطني والقومي متغطين بالاجواء الانهزامية الانعزالية السائدة عربياً..
اقول بكل شفافية وصراحة ان الوضع الراهن العربي هو الاسوأ في التاريخ المعاصر, لدرجة أننا نخشى ان تشارك وسائل اعلام عربية في احتفالات اسرائيل بمناسبة مرور ستين عاماً على اغتصاب فلسطين.
ويمكن ان نلاحظ بوضوح سقوط وهزيمة النظام العربي وخروجه من دائرة التأثير, وفشله الكامل بالتوصل الى فرض حلول عادلة ودائمة على المسار الفلسطيني, وانهاء الصراع الداخلي اللبناني, وعدم لعب دور في منع غزو واحتلال العراق بل على العكس فهناك انظمة عربية شاركت في حصاره طوال 13 عاماً كما شكلت غطاء عربياً للاحتلال وقدمت تسهيلات للقوات الغازية, وكذلك ترك النظام العربي العاجز القطر السوداني الشقيق نهباً لحركات التمرد الانفصالية وهو الذي يشكل في ارضه البكر سلة الغذاء العربية في المستقبل وهو مخزن للثروات الطبيعية المؤجلة. أي ان تفكيك السودان وانهاكه او تقسيمه يهدد الأمن الغذائي الاستراتيجي للامة العربية!!.
اريد القول ان وجود نظام عربي قومي حقيقي موحد ومقتدر يستطيع مواجهة كافة التحديات وسيكون قادراً على حل أصعب المشكلات المحلية لكل قطر عربي, ولكن بغياب القرار السيادي العربي والارادة العربية وغياب العمل العربي المشترك والتضامن الجاد وظهور الصراعات والخلافات الجانبية على السطح والانشغال بها يقود الامة الى حافة الهاوية والى ارذل مكانة في التاريخ المعاصر الى ان يقدر الله لهذه الامة ان تستيقظ وتحقق مشروعها النهضوي وتحرر ارادتها وتسترد قرارها السيادي وتأخذ مكانها الذي يليق بها فوق الأرض وتحت الشمس.. بعدما يبدد الفجر الآتي ذيول العتمة.