اوروبا والولايات المتحدة هذه الايام تساؤلات عجيبة في اطار ثقافة الكراهية ضد الشرق العربي والاسلامي والاسيوي... ومن ذلك حصة بعض المؤرخين الذين لم يجدوا في اشكال الدول المختلفة التي شهدها الشرق سوى حالات بدائية من المصاهرات السياسية..
وينسى هؤلاء ان العالم كله كان مثقلا بقواسم مشتركة لجماعات لم تكن قد اندمجت بعد في نسيج مدني.. ولم يكن التاريخ الاوروبي والامريكي بعيدا عن ذلك, بل ان امريكا اليوم تتناوب الوراثة في الحكم »بوش الاب والابن, وكلينتون الزوج والزوجة« كما ان التاريخ الاوروبي - الامريكي كان الاسوأ قياسا بالشرق وحضاراته الرفيعة, من الحضارات القديمة الى الحضارة العربية - الاسلامية..
فقد كان الاسوأ حسب ما دونه الادب الاوروبي نفسه من مسرحيات شكسبير الى روايات برونتي وجويس وقصائد اليوت..
وكان الاسوأ حسب ملايين القتلى في الحروب الدينية الاوروبية.. وكان الاسوأ حسب ملايين القتلى في حروب الوراثة منذ عهد الامبراطورية الرومانية المقدسة »الالمانية« وانتهاء بعهد امبراطورية نابليون وسلالته, وكان الاسوأ حسب ضحايا الحرب الاهلية الامريكية بسبب العبيد ورفض الولايات الجنوبية الغاء الرق..
وكان الاسوأ من حيث ضحايا حرب الوردتين في بريطانيا التي قامت بين عائلتين »لانكستر ويورك« والحق يقال ان ثمة صفحات طريفة في هذا التاريخ تذكرنا ببعض من تاريخ الشرق مثل دور المصاهرة والزيجات السياسية في تحولات مهمة اثرت على التاريخ الاوروبي كله, ومن ذلك على سبيل المثال:
- زواج فرديناند ملك اراغون من ايزابيلا شقيقة ملك كاستيل فقد لعب هذا الزواج دورا حاسما في توحيد المقاطعات الاسبانية في حربها ضد العرب المسلمين في الاندلس وفي دعم حركة الاستعمار الاوروبية الواسعة وكشوفاتها في اعالي البحار بما فيها امريكا الشمالية والجنوبية..
- تحول بريطانيا عن الكاثوليكية بسبب رفض البابا مباركة زواج الملك هنري الثامن من آن بولين »امرأة من العامة« بعد ان طلق زوجته الكاثوليكية كاترين.. وقد دعم البرلمان الملك واعتبره رأس الكنيسة بدلا من البابا...
ومن الطرائف المثالية لهذه الحادثة انه بعد وفاة هنري الثامن, تمكنت ماري ابنة كاترين من اعادة بريطانيا الى الكاثوليكية برهة من الوقت, قبل ان تتمكن ابنة آن بولين من اعادة بريطانيا الى البروتستنتينيه..