بين المشهدين اللبناني والفلسطيني فروقات كثيرة بالتأكيد ولكن مع الذي أقدم عليه مؤخرا حزب الله في بيروت ولجوئه إلي الحسم المسلح ضد خصومه السيـــــــــاسيين واتهامه من قبل الحكومة بالانقلاب العسكري علي المؤسسات عاد إلي الأذهان ما قامت به حركة حماس منتصف حزيران (يونيو) العام الماضي في غزة. فبين الحالتين أوجه شبه عديــــــــدة لعل أبرزها:
ـ قول حزب الله، تماما كما حماس، بأنه أجبر علي الإقدام علي ما أقدم عليه وبأنه فعل ما فعل كخطوة استباقية لأن الآخرين كانوا يتربصون به شرا. باختصار هو يعلن أنه اضطر ليتغدي بهم قبل أن يتعشوا به .
ـ في هذه الخطوة الاضطرارية يقدم حزب الله نفسه، كما حماس، علي أنه يمثل الخط الوطني النقي لحماية البلد ـ القضية وأنه تقريبا الممثل الشرعي والوحيد للمصالح الحقيقية العليا للجماهير بعيدا عن أية شبهة أو تهمة، فما بالك إن كانا يعتقدان أن الله معهما إن لم يكن قد فوضهما أصلا ليقوما بما قاما به.
ـ النتيجة الحتمية لما سبق أن الطرف المقابل لهذا الطرف الوطني المخلص لا يمكن أن يكون إلا عميلا أو مشبوها له ارتباطاته الخارجية المثيرة للريبة. وهنا فرض حزب الله، كما حماس، لغة التشكيك في الخصم السياسي وتخوينه بصيغ مختلفة.
ـ المفارقة هنا أن حزب الله، كما حماس، يطلب الحوار مع هؤلاء المشكوك في وطنيتهم، كما يراهم، بغية الوصول إلي تفاهمات وشراكة سياسية مع أن ما وصف به هؤلاء لا يستقيم معه أي حوار معهم أو مد للجسور بل إن استكمال التشبث بالثوابت الوطنية المقدسة يفترض في حزب الله، كما في حماس، أن يقطع مع هؤلاء إن لم يفلح في قطع دابرهم.
ومع ذلك، فإن فروقات بين الحدثين وبين بطليهما في كل من لبنان وغزة تستلزم التوقف عندها من أبرزها:
ـ حزب الله فعل ما فعل ثم ترك سيطرته المسلحة علي الشــــــوارع والحواجز للجيش فخلص نفسه بسرعة من وضع قد لا يقدر علي إدارته لاحقا أو تبريره. أما حماس فاستمرأت ما فعلته إلي أن تورطت فيه بالكامل فباتت الحركة التصحيحية التي قامت بها في غزة ورطة لها قبل أن تكون ورطة للجميع.
ـ حزب الله وجد في الجيش عنوانا أعاد إليه مسؤولية المواقع التي سيطر عليها فيما استحال ذلك علي حماس لأنها لم تكتف بالتقاتل مع فتح كتنظيم بل كذلك مع المؤسسة الأمنية الرسمية فتعذر بالتالي علي هذه الأخيرة أن تكون حكما لأنها صنفت منذ البداية، عن حق أو باطل، في خانة الأعداء.
ـ حزب الله تمرد أو انقلب علي حكومة لم يكن شريكا فيها، أو تركها بالأحري، في حين أن حماس انقلبت علي حكومة هي ترأسها وعلي أجهزة وزير داخليتها هو رئيس الوزراء نفسه وذلك في سابقة طريفة في تاريخ الانقلابات في العالم المعاصر.
وننهي بقولين قالهما عدوان لدودان، واحد لحزب الله والآخر لحماس، الأول هو وليد جنبلاط زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي فقد قال في حديث تلفزيوني مساء الاثنين إن حزب الله وقع في الفخ بتوجيه سلاح المقاومة ضد إسرائيل إلي صدور خصومه السياسيين في البلاد. أما الثاني فهو محمد دحلان مستشار الأمن القومي الفلسطيني السابق فقد صرح لصحيفة قطرية قبل زهاء الأسبوع أن حماس أعدمت نفسها بنفسها فهل سيتأكد مستقبلا ما قالاه أم لا؟