حسناً فعل محافظ القاهرة عبد العظيم وزير، حين قرر صرف مكافأة فورية قيمتها ألف جنيه لمن يضبط سيارة تقوم بإلقاء مخلفات البناء وغيرها فى غير الأماكن المخصصة لها، فى جميع أحياء العاصمة. ووفقاً لكلام السيد المحافظ ذاته فإنه من يضبط عربية كارو تلقى بالمخلفات فى غير الأماكن المخصصة سوف يصرف له مكافأة تصل إلى 250 جنيهاً.
وهناك بالطبع فى قرار المحافظ عدد من الإجراءات لا بأس بها، مثل إقامة نقاط أمنية فى الأماكن التى يتكرر فيها إلقاء المخلفات وربط هذه النقاط لاسلكياً، وتوقيع عقوبات على من يفعل ذلك، وتشغيل السيارات التى يتم ضبطها مدة 3 أشهر فى عمليات رفع وجمع المخلفات والقمامة، وتحصيل مخالفات فورية من 2000 إلى 5000 جنيه، وحرمان قائدها من القيادة عدد 3 شهور، وتحرير مخالفات بين هؤلاء تصل إلى عشرة آلاف جنيه.
كل هذا جميل، ولكن صدقونى لن تنتهى الظاهرة بهذه الطريقة، فالعقوبات بدون إدارة وإرادة قادرة وحازمة لن تكون طريقاً صحيحاً للقضاء على ظاهرة ما. بداية فإن ظواهر الانفلات فى الشارع المصرى باتت مرعبة، وهى ليست بجديدة بل عمرها عشر سنوات على الأقل، وبالذات موضوع إلقاء المخلفات أمام المدارس وعلى الكبارى العلوية بل وحتى أمام المنازل ليلاً ليستيقظ أهلها وقد وجدوا المخلفات تملأ الشارع أمامهم. وهناك ظاهرة السرقة بالإكراه على ما ينتج عنها أحياناً من جرائم قتل أو طعن بالسكين أو غيرها ولكنها أمور يتم أو لا يتم الإبلاغ عنها ليأس الناس من إمكانية الوصول إلى الجانى، أو خوفاً من انتقام هذا الجانى منهم فيما بعد.
مسألة إلغاء المخلفات أمام المدارس والمستشفيات أى الأماكن التى لا تخص شخص بعينه، أو فوق الكبارى، باتت ظاهرة معروفة فى القاهرة والجيزة وغيرها وهى تتسبب فى اختناق مرورى أو حتى حوادث مروعة، وكذا سرقة غطاء بالوعات المجارى، وكلها أمور زادت بنسبة خطيرة فى الفترة الأخيرة.
كيف يمكن حل هذه المشكلة؟! لو كان هناك إرادة حقيقية لحل هذه المشاكل وغيرها لأمكن ذلك بسهولة ويسر، أما خطة السيد المحافظ فلنا عليها ملاحظات، منها:
◄ من الذى سوف يضبط هذه السيارات وخاصة الكارو، ألا يخاف من التعرض للطعن بالسكين أو الانتقام فيما بعد من هؤلاء الجناة.
◄ هل يمكن وضع نقاط أمنية فى كل مكان ـ بالطبع لا.
◄ يبقى أن يشعر المواطن أولاً بأن هناك حكومة تحميه بالفعل، وأنه لو أبلغ عن مخالفة فسوف يتم الاهتمام بالبلاغ بالفعل ويتم حجب اسمه عن الجناة حتى لا ينتقمون منه.
أما الحل الناجح لهذه المشكلة وغيرها، فهو أن السادة المجندين وضباط المباحث يعرفون بالفعل من يقوم بهذه المخالفات. ولو لم يكونوا يعرفون حتى الآن فإن أقل قدر من التحريات سوف يوصلهم إلى معرفة هؤلاء. وأنا لا أدعو مثلا لاستخدام قانون الطوارئ معهم أو اعتقالهم، بل فقط جمعهم والتنبيه عليهم بعدم فعل ذلك، وإلا تعرضوا لعقاب شديد، وأعتقد أنهم لو أحسوا بأن المسألة جادة سوف يمتنعون فوراً، أما تركهم والاعتماد على بلاغات الجمهور، أو تصدى الناس لهم حتى لو كان هناك مكافأة كبيرة أو مفيدة، فإنه حل جزئى ومحدود ولن يوقف الظاهرة.
ولو شعر الضباط والمخبرون فى أقسام الشرطة، أن ذلك يدقق فى تقييم أدائهم، وأن الدولة بالفعل تريد القضاء على هذه الظاهرة وغيرها من الظواهر السلبية، فإن الكثير جداً من المخلفات سوف ينتهى من المنبع، خاصة أن مصر ليس بها حتى الآن عصابات للجريمة المنظمة أو لوبى جنائى أو إجرامى أقوى من الداخلية