لماذا تعطل في الصاروخ "بولافا" الروسي

تأجيل تجربة الصاروخ البحري البالستي الجديد الى عام 2009.

كتبت صحيفة " ازفيستيا" مقالا تحت هذا العنوان تقول فيه :

لم يكلل بنجاح الاطلاق الاختباري العاشر للصاروخ البحري البالستي الجديد " بولافا" من على ظهر الغواصة الذرية الروسية "دميتري دونسكوي".

وصرح مصدر في المجمع العسكري الصناعي الروسي بان الصاروخ انفجر في الجو ، أي تم تدميره ذاتياً. ويعود سبب الفشل الشكلي الى عدم تشغيل المرحلة الثالثة للصاروخ. غير ان سبب الفشل الحقيقي ربما يكمن في الاختلاف بالموقف من تجارب هذا النوع من المعدات الحربية في الاتحاد السوفيتي وروسيا المعاصرة.

لقد أجريت تجربة الصاروخ "بولافا" في 23 ديسمبر/ كانون الاول للمرة العاشرة . وقبل ذلك تمت 5 اطلاقات ناجحة و4 اطلاقات فاشلة. وكان طاقم الغواصة الذرية الحاملة الصواريخ "دميتري دونسكوي" قد اطلق "بولافا" للمرة التاسعة في يوم 28 نوفمبر / تشرين الثاني الماضي. وتميزت تلك التجربة بنجاح بكافة مراحلها، الامر الذي جعل البحارة العسكريين والممثلين عن معهد المعدات الحرارية بصفته مصمما للصاروخ يعلنوا بصوت واحد ان الصاروخ قد نفذ البرنامج المحدد له بحجم كامل ، مؤكدين انه لم يبق للصاروخ الا تجربة واحدة حتى يمكن القول عن البدء في تزويد القوات البحرية الروسية بعد تصنيعه المتسلسل . ولكن الصاروخ كما يبدو اصيب بعين حاسدة!.

وبدأت الاخفاقات بالاطلاق الاختباري منذ بدايته. وكان المخطط له اولا في يوم 21 ديسمبر/كانون الاول ، ثم تم تأجيله الى يوم 23 ديسمبر/كانون الاول. فلماذا ؟ - يقال انه ثمة عدة فرضيات ، وبينها فرضية رمزية ، علما بان يوم التجربة كان يصادف عيد ميلاد ستالين . وهناك فرضية تقنية تقول ان الغواصة الذرية "دميتري دونسكوي" كانت غير جاهزة ، وفرضية ناجمة عن الارصاد الجوية مفادها ان الظروف الجوية لم تسمح بالسيطرة على الصاروخ بكافة مراحل تحليقه.

وقامت الغواصة الذرية الروسية "دميتري دونسكوي" يوم 23 ديسمبر/ كانون الاول في الساعة السادسة صباحا بتوقيت موسكو باطلاق الصاروخ " بولافا" في اتجاه ميدان " كورة" الواقعة في شبه جزيرة كامتشاتكا.

ويؤكد المشاركون في التجربة ان الاطلاق أجرى بشكل نظامي ، فاشتغلت المرحلتان الاولى والثانية للصاروخ بدون اية ملاحظات. ثم وقع عطل في الثانية الحادية والتسعين للتحليق ، الامر الذي اجبر منظومة التحكم في المجمع الصاروخي على اتخاذ القرار بالتدمير الذاتي.

والجدير بالذكر ان إخفاق التجربة الثامنة للصاروخ يعود الى مرحلته الثالثة حين نفذ الصاروخ برنامج التحليق كله عمليا ، ولم يتمكن من الفصل بين المقلدات للرؤوس النووية فوق ميدان "كورة". وصرح لصحيفة " ازفيستيا" فيكتور ييسين نائب رئيس اكاديمية قضايا الامن والدفاع والنظام القانوني ورئيس اركان قوات الصواريخ الاستراتيجية الاسبق بان مرحلة الصاروخ الثالثة تعتبر قتالية ومسؤولة عن الفصل بين الاقسام النووية. كما انها تعمل على الوقود السائل ، خلافا عن المرحلتين الاولى والثانية اللتين تعملان على الوقود الجاف. ويتم تصنيعها لا في شركة " فوتكينسكي" التي تصنع الصاروخ " بولافا" بل في مدينة كراسنويارسك في الشركة نفسها التي تصنع الصاروخ "سينيفا" العامل على الوقود السائل والمخصص للغواصات الحاملة الصواريخ "ديلتا-4" من مشروع 667 .

ويقول ييسين:" ان الاطلاق التاسع السابق بيّن ان المجمع الصاروخي شغال. وتكمن المشكلة لا في تصميم الصاروخ بل في التكنولوجيا. واظن ان المتخصصين سيكتشفون بعد دراسة المعطيات التيليمترية سبب العطل وسيزيلونه. اما التجارب فستستمر. وليس امامنا خيار آخر. غير انني لا اعتقد انه يمكن حل مشكلة تزويد القوات البحرية بهذا الصاروخ حتى اواخر العام القادم".

وتجدرة الاشارة الى ان شركة كراسنويارسك لبناء الماكينات لم يسبق لها ان انتجت اسلحة صاروخية منذ عشر سنوات. وتم ايقاف الشركة في اوائل التسعينات بسبب انعدام الحاجة اليها. ثم تم تشغيل الشركة مجددا منذ فترة قصيرة حين اتضح ان الغواصات الحاملة الصواريخ الروسية من مشروع 667 تحتاج الى صواريخ حربية. ومن الصعب التوقع ان شركة لم تشتغل طيلة سنوات عديدة وفقدت كوادرها وثقافة الانتاج تستطيع تصنيع معدات حديثة ، علما بان ثقافة الانتاج في القطاع المدني تختلف عنها في المجمع العسكري الصناعي. وكانتالصواريخ البالستية في الحقبة السوفيتية تشهد عشرين اطلاقا او ما يزيد عن ذلك. وكان نصفها فاشلا. وعلى سبيل المثال فان الصاروخ البحري " ار اس ام -54" المخصص للغواصة الذرية "ديلتا" من مشروع 667 تم اطلاقه 17 مرة من المختبر الارضي بما فيها نصف الاطلاقات الفاشلة ، ومن على ظهر الغواصة 13 مرة ، بما فيها 11 اطلاقا ناجحا.

هناك مشكلة اخرى. وتكمن الحقيقة في ان الصاروخ " بولافا" يخصص لتسليح الغواصات الذرية الحديثة " بوري" من مشروع 955 . و تجري الآن تجربة الغواصة الذرية الاولى من هذا النوع " يوري دولغوروكي" في شركة "سيفيرودفينسك" لبناء السفن. وتعلق القوات البحرية الروسية آمالا خاصة على هذه الغواصة كونها ستشكل اساسا لقوات الردع البجرية الاستراتيجية الروسية. وكان من المتوقع ان تصنع هذه الغواصة في عام 2007 . وقد بدأ العمل بمدينة فيليوتشينسك الواقعة في شبه جزيرة كامتشاتكا في إنشاء البنية التحتية لرسو هذه الغواصة.اما شركة " سيفماش" لبناء السفن فقد خططت في هذا العام للبدء في تصنيع الهيكل الرابع لهذا النوع من الغواصات. ويؤجل الفشل في اطلاق الصاروخ " بولافا" العمل على الغواصات الجديدة لمدة سنة واحدة على اقل تقدير. وتقول قيادة القوات البحرية ان تجارب الصاروخ " بولافا" ستستمر في عام 2009 . وستجرى 3-4 اطلاقات اضافية بالرغم عن تصريحات نائب رئيس الوزراء الروسي سيرغي ايفانوف الذي كان قد اعلن ان الصاروخ يحتاج الى اطلاق واحد فقط كي يبدأ في تصنيعه عام 2009 . واتضح الآن ان اقوال ايفانوف سابقة للاوان. ولن يتخذ القرار بمستقبل "بولافا" الا بعد سلسلة من التجارب. وسيعني ذلك ان مصير الغواصة " يوري دلغوروكي" لن يتضح الا في عام 2010.

بعض المواصفات الرئيسية للصاروخ "بولافا":

مدى التحليق 8000 كم

الوزن لدى الاطلاق 36.8 طن

عدد المراحل 3

نوع الرأس المدمرة نووي قابل للانشطار

عدد الاقسام القتالية 6-10

القدرة 100-150 كيلوطن

نظام التحكم استمراري

طول المرحلة الاولى 3.8 متر

وزن المرحلة الاولى 18.6 طن

طول الصاروخ دون الرأس المدمرة 11.5 متر