إذا كان الحزب الوطني الديمقراطي.. حزب الأغلبية البرلمانية.. التي يستحوذ عليها محتميا برئاسة رئيس الجمهورية له.. قد اختار أو عيٌن رجل الأعمال الملياردير أحمد عز في منصب أمين التنظيم فذلك شأن خاص من شئون الحزب الداخلية. رضخ له وارتضاه أعضاؤه.. سواء المؤمنون بمبادئه (مبادئ الحزب وليس أحمد عز) أو الملتحقون به والمنتفعون بعضويته.. بوصفه حزب الحكومة والأغلبية الدائمة.
</TD></TR>لكنه ليس شأنا خاصا من شئون الحزب أن يترك الحبل علي الغارب للسيد عز.. مستخدما منصبه الحزبي بالغ التحكم والتأثير في فرض سطوته وهيمنته علي نواب الحزب الذين يملكون أغلبية البرلمان لإصدار التشريعات والقوانين وفقا لمصالحه الخاصة ومصالح زملائه من رجال الأعمال، مع ملاحظة أن وصف 'مصالح خاصة' جاء علي لسان وزير العدل أثناء مناقشة قانون الرسوم القضائية في اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس الشعب الأسبوع الماضي.
لقد بلغت سطوة وجبروت السيد أحمد عز الذروة باقتحامه اجتماع اللجنة مطالبا بصيغة الأمر تغيير مادة من مشروع القانون الذي أعده وزير العدل ووافقت عليه المحكمة الدستورية وأقره أعضاء اللجنة تمهيدا لعرضه في جلسة عامة لمجلس الشعب لاقراره، وهو التغيير الذي قوبل بالرفض لعدم دستوريته حسبما أوضح الوزير الذي يحسب له انحيازه للحق واحترامه للدستور، وإن جاء موقفه هذا متفقا مع رأي نواب المعارضة والمستقلين.
كما بدا مسلك أمين تنظيم الحزب 'الديمقراطي' مثيرا للاستياء بانسحابه من اجتماع اللجنة ثائرا.. متوعدا وزير العدل (الذي هو وزير في حكومة حزبه).. منتهكا الدستور.. صائحا متحديا (هانغيرها.. يعني ها نغيرها) يقصد المادة التي يريد تعديلها لخدمة مصالحه الخاصة!
ألا يمثل هذا المسلك من جانب أحد القيادات المهمة في الحزب الحاكم وصاحب الأغلبية البرلمانية إهانة لكرامة البرلمان وخروجا علي التقاليد النيابية.. ومن ثم تتعين احالته إلي لجنة القيم حسبما طالب النائب مصطفي بكري؟
ثم هل سيوافق الحزب الوطني 'الديمقراطي' علي توعد عز لوزير العدل وتحديه للدستور ويرغم نوابه (أغلبية البرلمان) علي تغيير المادة كما يريد 'عز' لصالح 'المليارديرات' ولخدمة مصالحهم وعلي حساب مصالح عموم الشعب؟ وهل يحق بعدها للحزب - إن فعلها - أن يصف نفسه بحزب الأغلبية؟
ويبقي السؤال الأهم: 'يطلع مين أحمد عز ده'؟! وهو السؤال الذي طرحه مستنكرا أكثر من نائب بعد تطاوله علي اللجنة التشريعية ووزير العدل، وبعد أن 'داس علي الدستور' علي حد تعبير نائب آخر.
الإجابة عن هذا السؤال الذي يردده أيضا الرأي العام في مصر باتت ضرورية.. إزاء ظاهرة عز الذي تحول في بضع سنين من تاجر حديد صغير إلي ملياردير وأكبر محتكر لإنتاج حديد التسليح في مصر.. ثم مركز قوة في الحياة السياسية والبرلمانية، وعلي نحو بدا معجزة في غير زمن المعجزات!
من هو أحمد عز.. الذي يفرضه الحزب الحاكم رئيسا للجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب وهو المنصب الذي تولاه نواب من علماء الاقتصاد في البرلمانات المتعاقبة؟
من هو أحمد عز.. الذي بعد أن احتكر الحديد أطلق الحزب يده داخل البرلمان لتشريع الاحتكار وها هو يتوعد باحتكار التشريع لخدمة مصالحه الخاصة وعلي نحو ما حدث في القانون الذي صدر عن البرلمان قبل عدة أشهر تحت عنوان 'حماية المنافسة ومنع الاحتكار' والذي فرضه عز علي البرلمان.. فجاء معيبا غير دستوري.. متناقضا مع الهدف من اصداره فاستحق وصفه بقانون 'حماية الاحتكار'!
مرة أخري.. الإجابة عن سؤال من هو أحمد عز باتت ضرورية. بعد أن صار عز وحديده عبئا علي الحزب وحكومته، بل علي النظام.
مرة أخري وأخيرة.. الإجابة عن السؤال باتت ضرورية، حتي لا يتحول الحزب الحاكم إلي حزب 'عز' ومجلس الشعب إلي مجلس 'عز' وحتي لا يأتي يوم - لا قدره الله - يفرض فيه علي البرلمان تغيير اسم جمهورية مصر العربية إلي جمهورية مصر 'عز' الحديدية!
</TD></TR></TABLE></TD></TR></TABLE>