وسط جو من الضباب وجلد الذات والبحث عن كل ما يصيبنا بالاكتئاب وأخبار الهاربين إلي لندن وأي مكان من أحكام أو الخائفين من عاقبة ما ارتكبوه في حق الناس أو أمثال البوشي وحكاياته المثيرة للعجب ليس عن شخصه ونصبه بقدر ما هي عن المودعين "السذج الأذكياء" وعن الملايين الفائضة عند فلان وعلان. وما خفي كان أعظم!
وسط كل هذا الاحباط تطل علينا قناديل مصرية في سماء العالم. منها ما اشتهر وبلغت سمعته الآفاف مثل أحمد زويل الحائز علي جائزة نوبل أو محمد البرادعي أمين العالم علي النشاط النووي أو فاروق الباز عالم الفضاء ومصطفي السيد صاحب ثورة في مستقبل علاج السرطان أو مجدي يعقوب طبيب القلب الذي عاد إلينا أو محمد غنيم الأستاذ في أمراض الكلي وفي عشق الناس والوطن الذي لم يتركنا يوما.
وأسماء أخري كثيرة تعمل في جد وصمت وترفع رأس مصر عاليا وان كنا - للأسف - لا نقابل - ذلك النجاح بما يستحقه من مد الجسور والتكريم إلا قليلا!
ولقد قرأت مؤخرا لعالم له مصداقية ان معظم وحدات الأبحاث في الطاقة النووية في مختلف عواصم الدنيا يعمل بها علماء مصريون وأننا نملك من مقومات استخدام تلك الطاقة الكثير.. ولكننا!!
ومن ألمانيا أيضا تأتي أخبار المهندس المصري هاني عازر الذي انتقلت إليه مسئولية إنشاء مترو أنفاق عملاق في مدينة شتوتجارت بعد نجاحه في مترو برلين وشهرته بل وتفوقه علي المهندسين الألمان.
ويكتب عبدالرحمن فهمي عن الدكتور عبدالمجيد عامر الذي أكمل تعليمه في ألمانيا ونال الدكتوراه من جامعة آخن وعمل سنوات قبل أن يعود إلي مصر مؤمنا بأن بلده أولي بعلمه فأصبح استاذا ووكيلا لكلية الهندسة بجامعة الأزهر محتفظا بوفائه لجامعته الألمانية يهديها كتبه وأبحاثه راعيا متطوعا للطلبة المصريين الذين يتعلمون سواء في المانيا أو في المدارس والجامعة الألمانية بالقاهرة فاستحق وساما المانيا رفيعا قدمه له سفيرها في القاهرة.. كل هذا ونحن لا نكاد نعرف قمة الرجل إلا عندما اختاره الله إلي جواره ونشر سفير المانيا بالقاهرة نعيا له في الأهرام وحضر ومعه زوجته وجميع أعضاء السفارة سرادق العزاء وكتب عنه عبدالرحمن فهمي المهموم بشئون الوطن.
وممدوح غنام ابن الوزير الوفدي الشهير سليمان غنام الذي هاجر إلي كندا بعد ما فعلته الثورة بأبيه وهناك أكمل دراسته وتقدم الصفوف استاذا ثم رئيسا لاحدي جامعاتها وأصبح وزيرا للتعليم في كندا.
كم من أبناء مصر يشرفونها في سماء العالم ويرفعون رءوسنا جميعا وهم علي استعداد لتقديم الكثير مما يملكونه ويقدرون عليه حتي لو كانوا قد خرجوا منها غاضبين أو عاتبين أو تالهم بعد نجاحهم لقاء فاتر أو عدم اهتمام أو تعرضوا لدسائس من كبار صغار!