من دون ضغط او اكراه كشفت الجامعة العربية قبل حوالي اسبوع عن اتصالات تجريها مع العديد من الدول العربية لحثها على اعادة فتح سفاراتها في العراق. فالسفير علي الجاروش مسؤول الملف العراقي بالجامعة العربية، "بشرنا" بان عمرو موسى على اتصال دائم مع قادة ووزراء خارجية الدول العربية لحثهم على فتح سفاراتهم في العراق، وان الايام القادمة ستشهد فتح العديد منها في بغداد كما يزعم، وحين يفعل موسى ذلك فهو لم يات بجديد بل هو ينفذ قرارا ت القمة العربية التي عقدت مؤخرا في دمشق وكان وكان من بينها تفعيل الدور العربي في العراق. غير ان موسى تولى عملية الاخراج، فعزا هذا الامر الى حرص الحكام العرب على مساعدة الشعب العراقي للخروج من محنته الصعبة والحفاظ على وحدة العراق ارضا وشعبا.!!!!
ليس بالامر الجديد على حكام الردة ان يتنادوا لمساعدة المحتل كلما مسه الضعف وسرى في مفاصله الوهن،
فحين فشل بوش في ادارة العراق مباشرة عن طريق الحاكم العسكري جي غارنر، اضطرالى تعيين بول بريمر خلفا له، تحت اسم الحاكم المدني الذي ابتكر صيغة مجلس حكم قوامه من العراقيين اتباع امريكا لادارة البلاد من خلاله، في حين قام وزير الخارجية انذاك كولن باول باضفاء صفة الشرعية عليه من قبل حكام الردة ومجلس الامن، وفي هذا الصدد ذكر محمد حسنين هيكل كيف اجبر باول الحكام العرب والجامعة العربية على الاعتراف بهذا المجلس واعتباره مجلسا شرعيا، حيث دعا السفراء العرب وقال لهم بان هذا المجلس اكثر شرعية من حكوماتكم فلا تزاودوا علينا بين الحين والحين وما عليكم الا الاعتراف به لكي يتسنى تسويقه الى الامم المتحدة والاعتراف به من قبل مجلس الامن. وهكذا، كما يقول هيكل، فان الحكام العرب والجامعة العربية اعترفوا بشرعية المجلس ولحسوا تصريحات الامس التي وصفوا فيها مجلس الحكم بانه غير شرعي ولا يمكن للجامعة العربية وفقا لميثاقها الاعتراف به.
وبالامس القريب، وعلى وجه التحديد في منتصف عام 2005، وبعد اقتناع بوش بتقارير القادة الميدانيين الامريكيين وغيرهم القابعين في وزارة الدفاع والمعاهد الاستراتييجية ومراكز الدراسات والابحاث، بان انهاء المقاومة العراقية عسكريا بات في حكم المستحيل، لجا هذا البوش الى حكام الردة العرب لمساعدته على انهاء المقاومة بوسائل سياسية عبر تشجيع القوى والاحزاب المناهضة للاحتلال على الدخول في مصالحة مع احزاب الحكومة العميلة والانخراط في العملية السياسية، لبعث الروح فيها بهدف عزل المقاومة العراقية عن محيطها الشعبي وليسهل انهاءها عسكريا، فما كان من هؤلاء الحكام الا الاستجابة والطاعة. ولم تمضي سوى ايام حتى ابتكر هولاء الحكام مسرحية بائسة اسند فصلها الاول الى سعود الفيصل وزير خارجية المملكة العربية السعودية وفصلها الثاني الى عمرو موسى لينتهي فصلها الثالث في القاهرة.
فالاول تباكى على عروبة العراق من الخطر الايراني، ونسى ان العراق كله في خطر وليس عروبته فحسب ، وان الجاني هو الاحتلال الامريكي ولولاه لما تمكنت ايران ولا غيرها من استباحة شبر واحد من ارض العراق او مد نفوذها داخل البلاد، وكل ذلك من اجل دفع بعض القوى المناهضة للاحتلال الى قبول المصالحة مع الحكومة لنيل حصتها في السلطة العميلة. اما الثاني عمرو موسى فقد اخذ على عاتقه اكمال ما بداه الفيصل ، فقام بزيارة الى بغداد لهذا الغرض وافلحت جهوده في اقناع بعض القوى المحسوبة على معسكر المقاومة لحضور مؤتمر المصالحة الذي شهد مبنى الجامعة العربية في القاهرة انعقاده وبحضور الرئيس حسني مبارك.
بعد فشل هذه المحاولات اوكلت المهمة الى مؤتمر القمة العربية الذي عقد في الرياض العام الماضي، وتصدى لانجاحها هذه المرة الملك عبد الله ملك السعودية وبطريقة مسرحية تنطوي على قدر من الخداع والتضليل، حين اعلن عن "اكتشافه الخطير" بان العراق محتل وعلى القمة العربية ان تجد حلا لانهاء الاحتلال والبحث عن وسيلة لسحب القوات المحتلة وفق جدول زمني،وكما يقال "جاء يكحلها عماها"،فان الملك العتيد وحكام الردة لم يطالبوا المحتلين بالرحيل، لا دفعة واحدة ولا ضمن جدول زمني، وانما دعا الملك المذكورالقادة العراقيين من احزاب السلطة ومن خارجها الى عقد اجتماع في الرياض لاجراء مصالحة فيما بينهم عبر اعادة تقسيم الحصص بالتساوي حتى يضمن بوش نجاح العملية السياسية، ولولا تمسك عملاء الاحتلال بمكاسبهم ورفض تقاسمها مع الاخرين لنجح هذا المشروع وخلق بدوره ارباكا في صفوف العراقيين الامر الذي سيعرقل مسيرة المقاومة العراقية باتجاه تحرير العراق. ومع ذلك ظل حكام الردة يبذلون قصارى جهودهم لانقاذ مشروع الاحتلال من السقوط عبر هذه الوسائل، وقد نجد نموذجا لاحقا عنها في المؤتمرات التي عقدت من اجل الغرض نفسه في اسطنبول وبيروت والبحر الميت.
نعود الى اصل الحكاية ونسال حكام الردة عن السفارات التي ينوون فتحها في بغداد والتي بدات طلائعها بتسمية البحرين لسفيرها في العراق، نسالهم هل تريدون حقا مساعدة الشعب العراقي والحفاظ على عروبة العراق ووحدته ارضا وشعبا؟ ام تريدون مساعدة المحتل للخروج من مازقه؟ تعالوا نتحاكم امام الناس على اساس الوقائع والاحداث وليس على اساس رمي التهم جزافا، ولنبدا من الادعاء الاول حول مساعدة العراقيين للخروج من الظروف الصعبة التي يعانون منها.
ترى كيف يمكنكم فعل ذلك وتتجاهلون عن عمد الجاني الحقيقي الذي يقف وراء خلق هذه الظروف عن سابق اصرار وتعمد ؟ اليس هذا الجاني هو الاحتلال واتباعه من عرب وعجم واجانب؟. الم يكن العراق قبل الاحتلال امنا وشعبه مطمئنا وابواب البيوت مفتوحة اناء الليل واطراف النهار وان شوارع بغداد ومقاهيها تعج بالزوارفي كل وقت وحين؟ هل سمعتم عن جثة واحدة مقطوعة الراس في الشوارع أو في المزابل قبل الاحتلال؟ هل سمعتم قبلا عن قتل مستمر على الهوية فهذا شيعي وذاك سني؟ وهل سمعتم قبل الاحتلال عن حكومة وبرلمان اساسه المحاصصة الطائفية، وهل قراتم عن دستور عراقي يثبت هذه المحاصصة ويسمح بتقسيم العراق ؟.
لنفترض ان الله ختم على سمعكم وابصاركم غشاوة ولم تسمعوا عن كل هذه الجرائم، ترى كيف لكم التعاون مح حكومة عينها الاحتلال وكان من بين واجباتها خلق مثل هذه الظروف لغايات معروفة؟ اليست هي الحكومة نفسها التي قتلت بواسطة مليشياتها المسلحة عشرات الالوف من العراقيين وشردت خمسة ملايين خارج العراق؟ واذا افترضنا جدلا بان ضمائركم استيقظت وتريدون عبر سفاراتكم العتيدة مساعدة الشعب العراقي للتكفيرعن ذنبوكم، فهل بامكانكم فعل ذلك ومخطط الاحتلال الامريكي يسعى اصلا وقبل كل شيء الى تدمير العراق ارضا وشعبا؟ ام انكم بلغتم سن الرشد واصبحت لديكم القوة وصار بامكانكم الوقوف بوجه امريكا لانقاذ العراق من محنته ونحن غافلون؟
ثم ماذا عن الادعاء الثاني وانتم تتحدثون عن حرصكم على عروبة العراق، الم ينزع الدستور الدائم الذي سنه الاحتلال امام سمعكم وابصاركم عروبة العراق صراحة حين ربط الدستور العراق بالامة الاسلامية وتجاهل كونه جزء من الامة العربية ؟ وماذا عن الادعاء الثالث حول الحفاظ على وحدة العراق ارضا وشعبا؟ الا تخجلون من هذا الادعاء وانتم تعلمون ان شمال العراق اصبح دولة مستقلة دون الاعلان عن ذلك ، وان هذا الاستقلال لم يعلنه الكرد الا بتشجيع من المحتل الامريكي؟ وان الاحزاب العراقية التابعة لايران تخطط علنا لفصل جنوب العراق ومنحه هدية لايران؟ ثم ماذا كان موقفكم غير السكوت عن قرار الكونغرس بتقسيم العراق؟ وقبله السكوت عن الدستور الدائم الذي قسم العراق وفق المادة 118 منه،ليس الى ثلاث دول، وانما الى 18 دولة على عدد محافظاته؟ ؟ ثم لماذا الذهاب بعيدا وعمرو موسى اعترف بان العمل على تفعيل الدور العربي ومن ضمنه فتح السفارات جاء تلبية لمطلب الحكومة العراقية عبر وزير خارجيتها هوش زيباري في مؤتمر القمة العربي في دمشق كونه يساعد من وجهة نظرالهوش في انهاء الارهاب وتحقيق الامن والاستقرار؟ وهل يقصد هذا الهوش بالارهاب غير المقاومة العراقية؟
ان ملف حكام الردة اسود وشديد السواد، فصفحاته مليئة بالحقد والكراهية للعراق واهله، فهم من فتح اراضيهم للعدوان الامريكي على العراق عام 1991 وتباهوا بتدميره وهم من شاركوا في الحصار الجائر على العراق طيلة13 عام تحت ذريعة عدم تطبيق العراق لقرارات الشرعية الدولية والذي راح ضحيته مليوني عراقي، وهم ايضا من ساهموا ،كل حسب قدرته واستطاعته، باحتلال العراق وتكريس هذا الاحتلال فيما بعد.
وبهذا الصدد، فلسنا سذج حتى نطالبكم بالعودة الى جادة الصواب وانصاف العراق واهله ومساعدته على تحرير نفسه من الاحتلال الامريكي، فانتم رهن اشارة البيت الابيض ولا حول لكم ولا قوة وكل همكم الحفاظ على مراكزكم وتوريثها لابنائكم واحفادكم،و نقول لكم لقد ساعدتم في ذبح العراق وتدمير دولته وحل جيشه ومؤسساته الامنية ، وعرضمتوه الى مخاطر التقسيم وتمزيق وحدته الوطنية وسكتم عن الاحتلال ، بل واعترفتم به واضفيتم صفة الشرعية عليه. هذا العراق الذي تتامرون عليه، قاتل على امتداد الوطن العربي من اجل قضايا الامة، وقدم كل ما بوسعه لمساعدتها وكان الاجدر بكم ان تردوا التحية بمثلها اواحسن منها، وتساعدوا المقاومة على تحرير العراق بدل محاصرتها والتامر عليها. نحن كعراقيين نحذركم من التمادي في ارتكاب جرائم اخرى بحق العراق واهله،فالمقاومة الوطنية العراقية قد اتخذت قرارها بتدمير اي سفارة عربية او غير عربية تفتح في العراق، واعلموا بان هذه المقاومة حين تقول فانها تفعل ، فكيف لا وقد استطاعت ان تمرغ انف اكبر قوة عسكرية في التراب وتضعها على طريق الهزيمة عاجلا ام اجلا ، فهل ستكون عاجزة عن هزيمة