ولاء بسيونى
عدد الرسائل : 543 العمر : 64 تاريخ التسجيل : 10/02/2009
| موضوع: وآه من أمة سخرت من عجزها الأمم الثلاثاء 24 فبراير 2009 - 22:45 | |
| سخر الكون من أمتي، نعم سخر واستهزأ واستهان.. لم تعد خير أمة، هي شر الأمم حيث لهت وعبثت ومجنت فتداعت عليها الأكلة من كل دين وملة فنهشت لحومها ودقت عظامها وجاءها الموت من كل باب.. أمة تعرت مما يكسو العورات.. تساقطت منها أوراق الحياء والخجل فهي لا تستحي مما يستحق الحياء ولا تخجل مما يستوجب الخجل.. | كشفت عوراتها فكانت غرضا لكل باحث عن عاهرة.. قهرت نفسها وأذلت كبرياءها وباعت مجدها بعروش يحوطها الحراس وتحف بها الجواري.. لم تجبر علي التعري، لم ترغم علي قهر النفس ولم تدفع إلي بيع المجد والتاريخ.. هي اعتادت التعري وأدمنت القهر واستمرأت الاذلال وعشقت البيع حتي مهرت في كل ذلك وفاقت الأمم.. أمة ضلت سبيلها فأمرت بالمنكر ونهت عن المعروف وتجاوزت حدود الله.. تستجلب كل ضال في الأرض وفاجر وساع فيها فسادا ليمكر بها ويفجر ثم يحصل بعد ذلك علي المكافأة.. أمة خلدت إلي الأرض ورضيت بالدنية في كل أمر فارتفعت فوق مآذنها الرايات البيض كما كانت في جاهليتها ترفع العاهرات راياتهن الحمر.. ارتقت مدارج الشيطان فأذنت في الناس: حي علي الصلاة.. لكنها ليست صلاة القبلة ولم تكن صلاة الكعبة بل هي صلاة ولت وجهها فيها قبل المغرب إذ هو أصبح الآن قبلتها وهو كعبتها ارتضتها وحجت إليها. أمتي اليوم باتت كالراقصة في ملهي يملأ فراغه السكاري والمخمورون وهي تتحلل من ثيابها قطعة تلو الأخري وكلما نزعت واحدة اهتز الملهي بالأصوات الصاخبة تطلب المزيد من التعري فتزداد نشوتها بازدياد رغبة الحضور في رؤيتها في كامل عريها الجسدي.. لست جاحدا ولا ناقما ولا منكرا لعروبتي إذ هي الشرف والعز والكبرياء.. لكن لمن؟ هل هي للجاثي علي ركبته أم للمتسامق كالنخيل؟ هل هي للمكب علي وجهه أم هي للناهض كالجبل؟ ليس من العدل أن تتهم أمتي الأقدار فهي وإن لم ترحمها لم تظلمها.. عاملتها بالعدل ولا تعارض بين الرحمة والعدل.. فغياب الرحمة لا يقتضي غياب العدل.. فقد يوجد العدل وتغيب الرحمة لأنها أمر زائد عن العدل.. لذا ترانما نردد عند الدعاء 'اللهم عاملنا بلطفك ولا تعاملنا بعدلك'.. نعم لم تكن الأقدار رحيمة بل كانت قاسية شديدة القسوة وهذا هو العدل.. لأن هذه الأمة بدلت فتبدلت.. اقبلت علي العباد وتركت المعبود فأذلها بعدو فاجر.. خشيت المخلوق ولم تخش الخالق فروعها من كل دابة تمشي علي الأرض.. نعم لم يكن القدر بها رحيما فاستدعاها في زمن لم يكن رجالها كرجاله فاستحال عليها محاكاتهم حتي استغاث منها المستيقظ بالنائم والمدرك بالغافل والعالم بالجاهل والسليم بالسقيم والجاد بالهازل.. واستجار القوي بالضعيف والحاضر بالغائب والمقبل بالمدبر والقائم بالقاعد والبصير بالأعمي.. زمن استدارت الأرض فيه فاستدار معها كل شيء.. فالشرف صار عهرا والكرامة أضحت جنونا والرجولة أمست انتحارا والعبقرية هي أن تحصل علي ثمن ما تبيع ولو كان عرض الأم والأخت أو الزوجة.. يأتمر الغرب بها ويتمالأ عليها وهي تحت مطارقه يحلو لها التأوه والتوجع ولا تحاول الفرار من الضربات لكن تتلقي المزيد وهي تدور في حلبة السحق كالأبقار حول السواقي والسياط تلهب ظهورها.. مهانة تعقبها مهانة.. ومذلة تتلوها مذلة والأعناق مشرئبة تنتظر مدية الذابح٠ وكأنها شياه الأضاحي.. تستبد بي الحيرة وتكاد تقتلني الحسرة. ويحها من أمة.. ويلها من مصير يتربص بها علي قارعة كل طريق تنادي عمرو بن العاص تخاطب عمر بن الخطاب تصرخ في علي وعثمان.. تستغيث بخالد بن الوليد وصلاح الدين.. تستحضر قطز وبيبرس فيخرج لها من الأرض ويأتي لها من الفضاء ألف أبي جهل وألف أبي لهب وألف أمية بن خلف وألف والًً لعكا.. تستجير بمحمد بن عبدالله سيد الأولين والآخرين فلم يجبها.. فهي الغثاء وهي الزبد.. فلا الغثاء يلبث ولا الزبد يمكث.. امتي توشك أن تخرج من التاريخ كما خرجت من الجغرافيا.. قديما حمل أجدادنا أمتعتهم ورحلوا عن الأندلس تطاردهم خيل العدو وتلاحقهم سهامه ورماحه حين ركنوا إلي الدعة وعيش القصور وحين استعان بعضهم بعدوه ليقتل أخاه .. ما أشبه الليلة بالبارحة .. ويا لقدرك أيها الزمن وطول اصطبارك .. رددت الكرة عليها وأعدت رسم اللوحة بكل تفاصيل العار فيها .. نعم أمتي توشك أن تغادر التاريخ كما غادرت الجغرافيا من قبل فلم تحسن صناعة أسباب البقاء ولم تتقن عوامل القوة التي تصون التاريخ والجغرافيا معا .. ألقت العلم خلفها وطاردت العلماء وضيقت عليهم في الرزق حتي كادوا يكفرون بما في عقولهم .. أقصت النبهاء والمبدعين وأدنت البلهاء والفاشلين ورعت المفسدين في الأرض وتحالفت معهم .. منحت اللصوص والسراق مفاتيح الخزائن فافرغوها ثم فروا مصحوبين بالحماية والتأييد .. بوأت أهل الضلال منابر الإعلام والدعوة وصياغة العقول والابدان فأنشاؤا أجيالا تؤمن بالنظرية لا بالعقيدة .. غرثوا في ادمغة الناس مقولة السلام بمفهومه الذي يرجونه حتي تعلم النشء ثقافة انحناء الظهر وانكفاء الوجه في مذلة وانكسار .. تعلم النشء منهم كيف يكون عابثا وماجنا ولاعنا لوالديه وقاتلا لهما وباذلا عرضه وشرفه لمن يدفع .. حكماء الأمة غائبون وعقلاؤها عاكفون في زوايا البيوت .. أما داعي الفرقة فهو حاضر دائما .. فما يكاد الاخوة يتقاربون حتي يدهمهم هذا الداعي فيلعن أولهم آخرهم ويكفر ادناهم باعلاهم ويضرب بعضهم رقاب بعض .. يستبد بي الأسي وتسكنني اللوعة وتصحبني الهموم إلي مضجعي .. انظر للافق عساني أرقب ما يبدد أساي وينزع لوعتي ويصرف همومي فلا أري إلا كسفا من السماء ساقطا ولا أبصر إلا طيرا من أبابيل وكأن عادا وثمود وابرهة قد عادوا يطاردهم العذاب.. اجثو واحثو علي وجهي التراب يا لعاقبة أمتي ما لها في السوء من قرين فها هي الذئاب تغير علي حظائر الأغنام.. غيبة الرعاة اغرت الذئاب فاستعانت بكل جارح وكاسر للفوز بوجبة شهية من لحم بلا ثمن .. عجت الساحة بالشياطين وغصت بالمرجفين .. الأخ يأكل لحم أخيه حيا وميتا والوالد يبرأ من والده والابن يلعن أباه والزوج يطعن زوجته في عرضها والزوجة تطعنه في رجولته والجار يؤذي جاره ويغتصب أهله والصديق يبيع صديقه والمؤتمن يخون من أمنه ويسرف في الخيانة .. ويحك من أمة أعيا داءك الأطباء وحير الحكماء واسكن العقلاء تيه الظنون .. ويحك من أمة هتكت بيدك عرضك وأزهقت بسيفك دمك فلم تصوني عرضا ولم تحفظي دما ولم تبق لنفسك شرفا ولا كرامة .. مددت عنقك لعدوك فقادك إلي بحيرة الموت حيث التماسيح الجائعة. عودوا يا حكماء الأمة اخرجوا يا عقلاء الأمة .. اصرخوا في أمتكم التي ضلت طريقها .. يا حكماء الأمة اصرخوا .. ويا عقلاءها اصرخوا .. ليصرخ الرجال ولتصرخ النساء وليصرخ الأطفال .. ليصرخ الأجنة في بطون الأمهات .. ليصرخ الموتي في مساكن الآخرة..اصرخوا جميعا .. نادوا أمتكم أسمعوها صوتكم وقولوا لها واصرخوا فيها جميعا : كفي يا أمتنا عن السير نحو حتفك عودي إلي ما كان عليه أجدادك واستعيدي مجدهم وارفعي رايتهم وكفاك تيها في القفار. اللهم اني قد بلغتك اللهم فاشهد ان بلغت أمتي. |
| |
|