الموقع الرسمى لجريدة الامة الالكترونية
الموقع الرسمى لجريدة الامة الالكترونية
الموقع الرسمى لجريدة الامة الالكترونية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الموقع الرسمى لجريدة الامة الالكترونية

صحيفة- يومية-سياسية -ثقافية-رياضية-جامعة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابة*البوابة*  أحدث الصورأحدث الصور  دخولدخول  التسجيلالتسجيل  

 

 عيد ميلاد نجيب محفوظ

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
احمد شعلان

احمد شعلان


ذكر
عدد الرسائل : 17047
الموقع : جريدة الامة
تاريخ التسجيل : 24/09/2008

عيد ميلاد نجيب محفوظ Empty
مُساهمةموضوع: عيد ميلاد نجيب محفوظ   عيد ميلاد نجيب محفوظ Icon_minitimeالأربعاء 10 ديسمبر 2008 - 6:43

عيد ميلاد نجيب محفوظ



كل سنة وانت طيب‏!..‏ عبارة اعتدت أن اقولها كلما حل يوم‏11‏ ديسمبر فكان يبتسم ويكتفي بها قائلا‏:‏ وأنت بالصحة والسلامة‏!‏ ثم يغير دفة الحديث الي موضوع آخر فلم يكن أديبنا الأكبر يهوي الاحتفالات خاصة لو كان هو موضوعها‏,‏ لذلك لم أكن أدخل عليه بكعكة ولا شموع‏,‏ بل كنت اكتفي بهدية رمزية أعلم انه كان سيستخدمها مثل قلم حبر أو زجاجة عطر غير فواحة‏,‏ وفي مرة احضرت له من رحلة لي في الخارج علبة شكولاتة لعلمي بأنه كان يعشقها قبل ان يكتشف بالصدفة البحتة اصابته بمرض السكر‏,‏ وما أن رآها حتي رفع حاجبيه في دهشة قائلا‏:‏ ياه ما هذا؟ أنت تعلم أنني لم اضع شكولاتة في فمي منذ اكثر من‏40‏ سنة‏!‏ قلت له هذه شكولاتة خاصة بمرضي السكر فهي خالية من السكر ولا تحتوي علي سعرات حرارية‏,‏ فظل رحمة الله عليه ينظر اليها ويضحك دون ان يجرؤ علي أكلها أو الاقتراب منها التزاما بالوعد الذي قطعه علي نفسه للأطباء قبل اكثر من‏40‏ عاما بألا يأكل اية حلويات‏.‏

والحقيقة أن الوعود كانت كثيرة في حياة أديبنا الاكبر‏,‏ وكان يلتزم بها جميعا‏,‏ وقد كان أشهرها الوعد الذي قطعه علي نفسه امام رئيس هيئة الاستعلامات الاسبق حسن صبري الخولي بألا ينشر رواية أولاد حارتنا في مصر بعد الضجة الزائفة التي أثارها بعض الشيوخ ضيقي الأفق ضد الرواية‏.‏

وقد قامت أكثر من جهة داخل مصر بنشر الرواية التي سميت خطأ بالرواية الممنوعة‏,‏ ومن بينها جريدتا المساء والأهالي بعد ان نشرتها الاهرام مسلسلة عام‏1959‏ ورفضت وقفها برغم هوجة المشايخ الي ان اكتملت‏,‏ وبرغم ان ايا من الجريدتين لم تحصل علي إذن بالنشر من صاحب الرواية إلا أنهما اثبتتا امام العالم دون ان يقصدا ان الرواية ليست ممنوعة‏,‏ وان صاحبها هو الذي يرفض نشرها‏.‏

وكثيرا ما تحدثت الي اديبنا الأكبر في هذا الموضوع قائلا أنه لا يجوز ان تنشر الرواية في لبنان ومنه إلي الدول العربية الأخري إلا مصر ولا يصح ان تترجم الي العديد من اللغات الحية وألا يقرأها المصريون‏,‏ فكان يقول لي‏:‏ لكني قطعت علي نفسي عهدا امام السيد حسن صبري الخولي بآلا انشرها في مصر‏,‏ فأقول له‏:‏ لكن ذلك كان منذ اكثر من‏40‏ سنة‏,‏ والسيد حسن صبري الخولي قد توفي والدنيا تغيرت والانظمة تبدلت فيقول‏:‏ لكن عهودي لا تتغير ولا تتبدل‏.‏

وقد كانت اول مرة تحدثت الي اديبنا الراحل في إمكانية نشر اولاد حارتنا في مصر في عام‏1994‏ بعد حادث الاعتداء الذي تعرض له بسبب الرواية‏,‏ وقلت له آنذاك إن من حق القارئ المصري ان يقرأ الرواية بنفسه ليعرف كيف تم تضليل بعض الناس طوال السنوات الماضية‏,‏ بالتفسيرات الخاطئة التي قدمها من ليسوا متخصصين في الأدب‏,‏ ولا يعرفون اسس النقد الادبي‏,‏ كما أن عددا من الناشرين سعوا لنشر الرواية في ذلك الوقت لكن دون جدوي ثم حدث أن قام الاستاذ بتوقيع العقد الشهير مع دار الشروق لأعماله الكاملة‏,‏ وهو عقد اكتسب شهرته ليس لأن موقعه هو أكبر أدباء الرواية العربية‏,‏ ولكن لأنه كان يمثل اكبر اجر دفعه ناشر في الوطن العربي لأديب حتي الآن وهو مليون جنيه‏.‏

وبعد بضعة اشهر من توقيع العقد قمنا انا والمهندس ابراهيم المعلم صاحب الدار بمفاتحة الاستاذ بإمكانية نشر اولاد حارتنا قائلين ان العقد يسري علي كل الاعمال وان من حق الناشر ان ينشر أي رواية تحمل توقيع الأديب الكبير‏,‏ لكنه كان مازال غير راغب في تغيير موقفه‏,‏ فنزل المهندس ابراهيم المعلم علي رغبته وتراجع عن النشر‏.‏

وفي إحدي المرات كان للأستاذ نجيب لقاء مع احد كبار الصحفيين من جريدة لوموند الفرنسية‏,‏ وهو الكاتب الروائي المعروف روبير سوليه الذي سأله اثناء الحديث عن الرواية الممنوعة فأخذت أشرح لروبير الذي تربطني به صداقة قديمة ملابسات الموضوع‏,‏ وكيف ان الرواية ليست ممنوعة‏,‏ وبعد ان انتهت المقابلة قلت للأستاذ‏:‏ ان عدم نشر الرواية في مصر يسئ الي البلد‏,‏ لأنه يؤكد امام العالم ان اديب مصر الكبير تمنع اعماله داخل بلده‏,‏ وتلك هي الفكرة السائدة في العالم الآن‏.‏

وكانت تلك هي المرة الأولي التي لم يرد علي في هذا الموضوع‏,‏ فقد اطرق الاديب الكبير برأسه‏,‏ ولم يتكلم ولمعرفتي به كنت اعلم انه يفكر جديا فيما قلت‏,‏ وما هي إلا ايام قليلة واتصل بي الدكتور احمد كمال ابو المجد يطلب القيام بزيارة للأستاذ نجيب مع صهره المهندس ابراهيم المعلم وفي تلك الزيارة أثني ابو المجد علي اولاد حارتنا كعمل أدبي راق وسأل الاستاذ نجيب‏,‏ لماذا يصر علي عدم نشرها‏,‏ فقال الاستاذ انت حجة في الاسلام‏,‏ فإذا قبلت ان تكتب مقدمة للرواية فأنا مستعد لنشرها‏.‏

وكانت تلك هي المرة الأولي منذ عام‏1959‏ التي قال فيها الاستاذ انه علي استعداد لنشر اولاد حارتنا وإن كان بشروط‏,‏ وقد اغتنم ابراهيم المعلم الفرصة مؤكدا لأديبنا الأكبر ان كبار رجال الدين الاسلامي‏..‏ وليس الدكتور ابو المجد وحده لا يعترضون علي الرواية‏,‏ ولكي يزيد من اطمئنان الاستاذ طلب بعد ذلك من الدكتور سليم العوا ان يذيل الكتاب بكلمة منه اضافة لمقدمة الدكتور كمال ابو المجد التي روي فيها قصة اللقاء الذي رتبته له مع الاستاذ وما دار فيه‏.‏

وهكذا وافق أديبنا الأكبر أخيرا علي نشر الرواية‏,‏ وهي الموافقة التي استغرقت منا‏12‏ عاما حاولنا خلالها ان نحله من وعده الذي قطعه علي نفسه امام رجل توفي‏,‏ وكان يمثل نظاما ولي منذ سنوات‏.‏

وحين نشرت اولاد حارتنا لأول مرة في مصر في مثل هذه الايام عام‏2006‏ اي مع عيد ميلاد نجيب محفوظ الذي يحل غدا‏,‏ كان صاحبها قد رحل عن عالمنا قبل ذلك بثلاثة أشهر فلم يرها‏,‏ وكأنه ظل ملتزما بوعده القديم الذي قطعه علي نفسه قبل اكثر من‏40‏ عاما‏.‏

رحم الله نجيب محفوظ الذي ربما كان آخر الرجال الذين يؤمنون بأن الرجل كلمة‏,‏ وغدا سأتذكر عيد ميلاده مثل كل سنة‏,‏ لكن دون اقلام حبر ولا زجاجات عطرـ غير فواحة ـ ولا شكولاتة بدون سكر‏,‏ بل بوردة صغيرة أضعها علي قبره‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alomah.yoo7.com
 
عيد ميلاد نجيب محفوظ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الموقع الرسمى لجريدة الامة الالكترونية :: جريدة الأمة :: كشف المستور اعداد وفاء المليجى-
انتقل الى: