مفاهيم خاطئة .. الجنس بعد المعاش لا يصاب بالتجاعيد
أن تكبر فى السن هنا فى بلاد العرب فهذا يعنى أن تقل درجة حرارة رغباتك إلى ما تحت الصفر، وأهم هذه الرغبات وأولها الرغبة الجنسية فيكتب عليك أن تهجر الدفء والعلاقة الحميمة إلى حيث الصقيع والوحدة.
أن تخرج على المعاش هنا فى بلاد الضاد فهذا يعنى أن تلملم مع ملفات مكتبك المهجور كل ما يتعلق بمشاعرك وعواطفك وتقوم بتكهينها أو على الأقل بوضعها فى الأرشيف حيث يعشش فيها العنكبوت.
حينها إن كنت رجلاً سيطلقون عليك وصف الرجل "البركة"، وإن كنت سيدة سيطلقون عليكى وصف الست "الحاجة"، وهذه الأسماء هى الأسماء الحركية لفقدان الرغبة الجنسية فى مجتمعنا!.
هل الجنس هو قرين الشباب وعدو الشعر الأبيض ؟
هل لا بد أن نعامل الشيوخ كخيل الحكومة فنضربهم برصاص العجز؟
هل عندما يفكر العجوز فى الجنس فإنه حتماً مصاب بداء التصابى ومرض قلة الأدب والبجاحة؟!
مفاهيم خاطئة تفرض نفسها بقوة، وقابلناها نحن بالتجاهل، أما المجتمعات المتقدمة فواجهتها ووضعتها تحت الميكروسكوب وأدخلتها المعمل، فعلت ذلك حباً فى الحياة، ورغبة فى السعادة حتى آخر نفس.
"الجنس لا يصاب بالتجاعيد"، تلك هى الصيحة التى أطلقها علماء الصحة الجنسية فى العالم، ولذلك انطلقوا فى أبحاثهم أولاً على دراسة تأثير السن بيولوجياً وسيكلوجياً على الأداء والسلوك الجنسى.
وجدوا أنه بالنسبة للمرأة لا يعوق السن إهتماماتها الجنسية أو يقلل من حيويتها الجنسية، وذلك بشرط أن تكون صحتها العامة جيدة، وما دامت غير مصابة بمرض خطير، أما عن التغيرات الفسيولوجية المصاحبة لما بعد سن اليأس (وهو وصف شنيع أطالب بحذفه من القاموس)، فإنها لا تظهر فجأة ولا يكون ظهورها بنفس الأسلوب والكيفية فى كل إمرأة.
لكن ما هى هذه التغيرات الفسيولوجية ؟
هذا ما يجيب عنه العالمان ماسترز وجونسون رائدا الطب الجنسى فى العالم.
أولاً بالنسبة للثدى فإنه لا يزيد فى الحجم عند الإثارة الجنسية برغم إحتفاظه بإستجابته وحساسيته لتلك الإثارة كما هى عند الشابات الصغيرات، أما بالنسبة للإحمرار الخفيف الذى يظهر على الجلد عند الإثارة أو مايسمى بال SEX FLUSH فهو لا يحدث بنفس التكرار أو بنفس الشدة كما يحدث لصغيرات السن، ولكن هذا التغير أيضاً يعد تغيراً شكلياً ولا يؤثر بالتالى على الإحساس الجنسى.
بالنسبة لتوتر وإنقباض العضلات المصاحب لقمة النشوة أو الأورجازم فإنه يقل نظراً للنقص العادى الذى يحدث فى طول العضلة وقوتها كلما تقدم العمر.
وبينما لا تتأثر إستجابة البظر على الإطلاق، فإن وظيفة المهبل تتأثر عن طريقين:
· تقل مرونة جدار المهبل مما يؤدى لتمدد أقل لهذا الجدار أثناء الإثارة الجنسية وبعدها عند الجماع.
· البلل أو "التشحيم" الذى يحدث عادة فى جدار المهبل نتيجة الإفرازات التى تحدث عند الإثارة الجنسية لإستقبال القضيب، هذه الإفرازات تبدأ بطيئة عما كانت عليه فى الشباب مما يؤدى لبعض الجفاف فى جدار المهبل مما يسبب بعض المشاكل، ولكن هذه المشاكل لحسن الحظ من الممكن التغلب عليها بجرعات من هورمون الإستروجين أو بإستعمال بعض الكريمات والجيل مثل ال K-Y jelly.
فى بحث هام آخر أجراه العالم "ليبلم" 1983 أكد على أن السيدات النشطات جنسياً فيما بعد سن اليأس يعانين بنسبة أقل من هذا الإنكماش والجفاف اللذين يصيبان جدار المهبل، لوجود زيادة فى نسبة الهورمونات والتى تفرز من الغدة النخامية والتى تؤثر بالتالى على هورمونات الأنوثة.
ولكن ماذا عن الرجل العجوز .. هل للرجل سن يأس ؟
بالنسبة للرجل فالأمر يختلف بعض الشئ، فالقدرة على الإخصاب عند الرجل بلا نهاية وليس لها سقف محدد بعمر او سن لأن الرجل من الممكن أن يكون أباً حتى ولو إحتفل بيوبيله الماسى!! وبالرغم من أن إنتاج الحيوانات المنوية يقل بعض الشئ بعد سن الأربعين إلا أنه من الممكن أن يستمر حتى التسعينات، وبينما يتأثر هورمون التستوستيرون "الهورمون الذكرى" وينخفض ببطء بعد سن الستين إلا أننا لا نفاجأ بهبوط حاد فى الهورمونات الذكرية مثلما يحدث بالنسبة للهورمونات الأنثوية.
فى أبحاث عالم الصحة الجنسية الشهير "كولدونى" تم صك تعبير جديد وهو تعبير سن اليأس بالنسبة للرجل فقد وجد أن 5% من الرجال فوق سن الستين يعانون من سن اليأس، (وهو تعبير أيضاً مجاف للحقيقة ولا نستطيع الحكم عليه بدقة لأن توقيته ليس مضبوطاً بحدث جلل مثل إنقطاع الطمث كما يحدث عند المرأة).
لكن ما هى أعراض ما نطلق عليه سن اليأس عند الرجال عموماً ؟
· الضعف.
· الإجهاد.
· الشهية الضعيفة.
· قلة الرغبة الجنسية.
· التوتر.
· فقدان القدرة على التركيز.
هذه الأعراض لحسن الحظ ترجع فى معظمها لقلة هورمون التستوستيرون، ومن الممكن أن يتحسن بعضها بجرعات من هذا الهورمون.
نعود للتأكيد على أن ما سبق ذكره لايتعدى 5% من الرجال، وكما تحدثنا عن التغيرات الفسيولوجية للجنس عند المرأة، فسنذكر هذه التغيرات أيضاً عند الرجل الذى تعدى الخامسة والخمسين.
· يأخذ القضيب وقتاً أطول، وإثارة أكثر لكى ينتصب.
· يميل الإنتصاب إلى أن يكون أقل صلابة عما قبل.
· إرتفاع الخصيتين حتى منطقة العانة الناتج عن إنقباض عضلة خاصة يقل نوعاً ما.
· تقل كمية السائل المنوى.
· تقل قوة القذف.
· تطول المدة مابين القذف الأول ومحاولة القذف التالى له وهو مايسمى فى علم الجنس ال REFRACTORY PERIOD.
كما ذكرنا بالنسبة للمرأة فإن الإحمرار الجلدى وتوتر العضلات المصاحبة له تقل درجته. بالرغم من أن هذه التغيرات الفسيولوجية لا تحدث فجأة إلا أن بعض الرجال يصيبهم الفزع والرعب بأن هناك خطأ ما وفى حالات أخرى يصيب الإنزعاج الطرف الآخر ويكون أول المنتبهين إلى هذا التغيير.
نضرب مثالاً للتدليل على ذلك ولتوضيح كم يقتل الجهل الجنسى كثيراً من دفء علاقاتنا، ويقصقص ريشها، فلا تستطيع التحليق بسعادة، وأيضاً للرد على الكثيرين ممن يتهموننا بالقباحة!!.
إن الكثير من الرجال بعد هذا السن يحسون بأنهم من الممكن أن يستمتعوا بالجنس بدون قذف فى كل لقاء جنسى، أما الطرف الآخر الذى لا يستطيع إستيعاب هذه المسألة فيفسرها على أنها كراهية وهجر، وتهتز ثقتها فى نفسها، فهى فى عرفها لم تعد مرغوبة، بعد أن فقدت جاذبيتها وأصاب الصدأ مغناطيسها العاطفى!!. احمد شعلان