سعدى يوسف يعود بالقصيدة الهجائية للنور من جديدالأربعاء، 25 فبراير 2009 - 13:58
لماذا يلجأ الشعراء الآن إلى الشتائم والتعريض بالسمعة والأخلاق؟
كتب محمد البديوى
var addthis_pub="tonyawad";
يبدو أن أدب المعارضات والشتائم والهجاء الذى ازدهر فى العهد الأموى بين العديد من الشعراء، وأبرزهم الشاعران الكبيران جرير والفرزدق، عاد للظهور مرة أخرى على يد الشاعر الكبير سعدى يوسف، وكان هذا بعد أن نشر "يوسف" قصيدته المسماة بـ"رمل دبى" وفيها يهاجم "أدونيس" بصورة تنال من سمعة الشاعر وتصفه بأنه نخاس سورى وعبد للمال، مهديا هذه القصيدة إليه، وهو الأمر الذى لم يتوقعه أحد خاصة أنه لا توجد عداوة كبيرة بين الشاعرين.
الكاتب خليل صويلح كتب فى جريدة الأخبار اللبنانية مقالا بعنوان "أدونيس وسعدى يوسف يتبارزان على رمل دبى"، وفيه يقول " صحيفتا "السفير" و"القدس العربى" نشرتا قصيدة سعدى يوسف الأخيرة «رمل دبي» دون إهداء. لكنّ موقع "كيكا" أعاد الإهداء إلى مكانه: إلى أدونيس، وعرفنا من هو "النخّاس السورىّ" الذى "يُقَلِّبُ فى دارتِهِ الباريسيةِ أوراقاً ناعمةً/ وحساباتِ مصارف.../ أو أضغاثَ عناوين"... هذا هجاء من العيار الثقيل ومعركة تدور رحاها فوق "رمل دبي" على خلفية "مهرجان الشعر العالمى" الذى ستستضيفه المدينة الشهر المقبل.
كثرت الاجتهادات فى تفسير الدوافع إلى كتابة هذه القصيدة فى هذا التوقيت. وذكر البعض أن أدونيس هو أحد أعضاء اللجنة الاستشارية لـ «مهرجان الشعر العالمى». ولكن السؤال: هل اعتبر سعدى يوسف نفسه «شطب» من القائمة التى تضم مائة شاعر من العالم؟ وهل يمكن أن نفسّر فى هذا السياق ما ورد فى قصيدة سعدى من وصف لأدونيس، الصيرفى والنخّاس الذى يجلب "أرقّاء من بلدان شتى" علماً أن اسم سعدى على قائمة الممنوعين فى دبى بعد الهجاء الذى كتبه عنها، فألغى اسمه من قائمة الفائزين بـ"جائزة العويس".
أما الشاعر عبده وازن فكتب فى جريدة الحياة اللندنية يقول "هذه القصيدة ..تمسّ الآخر أو المهجوّ بشخصه وترمى عليه تهمة «النخاسة» الحديثة، وكأن أدونيس ليس بشاعر بل رجل أعمال «يقلّب فى دارته الباريسية/ أوراقاً ناعمة/ وحسابات مصارف». لو لم يكن سعدى يوسف هو مَن يقول هذا الكلام المقذع لأمكن تجاهل القصيدة، لان أعداء أدونيس كثر مثلما أصدقاؤه كثر... ولكن أن يكون سعدى من أعداء أدونيس فهذا أمر ليس مبرّراً ولا مقنعاً لأنهما شخصان مختلفان عن بعضهما، ولكلّ منهما موقعه فى الريادة، وإن كان أدونيس بلغ مرتبة عالمية لم يبلغها قبله إلا جبران. فأعماله باتت مترجمة إلى لغات كثيرة واسمه يطرح كلّ سنة فى مفكرة لجنة نوبل".
لكن ما يحدث أكبر من ذلك، فأدونيس بحسب العدد الأخير من أخبار الأدب ليس عضوا فى لجنة مهرجان دبى التى تنظم المهرجان، وحتى إذا كان عضوا فى اللجنة فسعدى يوسف يعلم أن أدونيس لا يملك أن يضع اسمه ضمن شعراء مهرجان دبى العالمى للشعر لأن هناك خصومة بينه و"دبى" التى حصل سعدى على جائزتها "جائزة العويس" وشتم الشيخ زايد رئيس دولة الإمارات، مما أدى إلى سحب الجائزة منه "معنويا وليس ماديا"، وسواء كان أدونيس عضوا أو لا فهذه الخصومة ستلقى بظلالها، وبالتالى من المستحيل أن تقبله دبى ضمن شعرائها الذين تستضيفهم.
كما أن أدونيس لن يذهب أصلا إلى هذا المؤتمر لأنه قرر ألا يذهب إلى المؤتمرات العامة، ومن هنا كان رفضه الحضور لمؤتمر الشعر العربى بالقاهرة واختار أن يحضر إلى الإسكندرية فى إبريل المقبل.
تكهنات تقول إن سعدى يوسف أراد أن يجدد الخصومة مع دبى واعتبر أن من يذهبوا إليها أرقاء وفى نفس الوقت يعلن الصراع الحقيقى بينه وبين أدونيس على زعامة الشعر خاصة بعد رحيل درويش، مع ملاحظة أن سعدى لم يشتم فى حياته محمود درويش رغم شتائمه لكثيرين، وهو ما أعطى الفرصة للكثيرين للتأكيد بأن هناك مصالح مشتركة بينهما وان سعدى هو المستفيد الأول، الأمر الذى جعله يذعن لاختيار الجماهير لمحمود درويش كشاعرها المفضل.
معركة الزعامة بين الشاعرين طرحت كثيرا من قبل، خاصة لدى النقاد عندما يقارنون بين الشاعرين، مثلا الدكتور عدنان الظاهر كتب يقارن بين قصائد أدونيس وسعدى يوسف والبياتى عن أمريكا، وحمل المقال انحيازا نوعا ما ضد أدونيس ومما تضمنه المقال "لم يعرف أدونيس السجن، لكن سعدى دخل أبشع أنواع السجون ورأى الموت بأم عينيه مرارا، لكنه ظل متوازن الخلق والشخصية دافيء الصوت دمث الأخلاق"، بينما نجد عبد القادر الجنابى فى بعض مقالاته يدافع عن سعدى يوسف، ونجد على وجيه يهاجم سعدى يوسف.
ويبدو أن أدونيس أصبح القاسم المشترك فى الخلافات بين الأدباء والمثقفين، وبحسب جريدة "الغاوون اللبنانية" كان أدونيس قد صرح أن أفضل الشعراء لديه هم المصرى عبد المنعم رمضان واللبنانى عباس بيضون والبحرينى قاسم حداد.
التساؤل الذى يطرح نفسه: لماذا اختار سعدى يوسف هذا التوقيت بالذات ليهاجم أدونيس؟ وما رد فعل أدونيس؟ وهل وصل الأمر بالشعراء إلى هذه الدرجة من التخاصم والتناحر على رئاسة زائفة للشعر وزعامة جماهيرية؟ وما مستقبل مثل هذه الصراعات؟
قصيدة رَمْــلُ دُبَــى للشاعر سعدى يوسف
"نقلا عن موقع كيكا"
" إلى أدونيس"
إبَرٌ من أغصانِ صنوبرةٍ كانت تفرِشُ أرضَ الممشــى ،
والـمَمشــى كان رفيقاً يصعدُ نحوَ الدارةِ
حيثُ يبيتُ أرِقّاءٌ من بُلدانٍ شَـتّى ، لَيلتَهُم ، منتظِرينَ النخّاسَ الســورى .
النخّاسُ السوريُّ
يُقَلِّبُ فى دارتِهِ الباريسيةِ أوراقاً ناعمةً
وحساباتِ مصارفَ ...
أو أضغاثَ عناوينَ .
النخّاسُ الســورى ، يسيرُ الآنَ إلى الدارةِ
حيثُ أقامَ أرِقّاءٌ من بُلدانٍ شــتّى ليلتَهــمْ .
سيقولُ صباح الخيرِ
ويضحك ضحكتَهُ الخافتةَ .
الشعراءُ الـمَسْلوكونَ إلى حبلٍ من مَسَــدٍ
كانوا ينتظرونَ النخّاسَ السورى .
...........................