يواصل اللوبي اليهودي حملته العنيفة ضد ترشيح مصر لوزير ثقافتها فاروق حسني لمنصب مدير عام المنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم "اليونسكو".
وذكر تقرير لصحيفة "الشروق" من واشنطن أن الحملة ضد حسني تجددت داخل أروقة الكونجرس. وأن هناك تكهنات بدعوة الحكومة المصرية لتغيير مرشحها للمنصب من أجل الحصول علي التأييد الأمريكي.
ونقلت "الشروق" عن دوائر ثقافية ودبلوماسية أن يكون الدكتور زاهي حواس رئيس المجلس الأعلي للآثار هو المرشح المصري الجديد في حالة سحب فاروق حسني لترشيحه.
والحقيقة أن الحملة الإسرائيلية ضد حسني لم تتوقف لكي تبدأ من جديد.. وإن كانت تشتد كلما نجح في كسب تأييد من جانب دول. اعتادت أن تعطي تأييدها المسبق لإسرائيل.. سواء كانت علي خطأ أو صواب.. ويبدو أن نجاح حسني في كسب تأييدها استفز اللوبي الصهيوني.. ودفعه إلي التحرك النشط ضد المرشح المصري.
إسرائيل في الواقع لا تريد حسني ولا حواس.. وإنما تسعي جاهدة إلي حرمان مصر من الحصول علي منصب رفيع داخل المؤسسة الدولية.
وفي حالة انسحاب حسني وترشيح حواس.. لن يعدم اللوبي الصهيوني الوسائل لكي يجهز ملفاً جديداً يثبت أن المرشح الجديد معاد للسامية.. ويهدد الأنشطة الثقافية للمؤسسة الدولية.
ويكفي أن حواس رفض إدعاء إسرائيل بأن اليهود هم بناة الأهرامات!!. وهو ما يؤكد وفق الدعاوي الإسرائيلية أنه معاد لدولة إسرائيل.
واعتقد أن الحكومة المصرية ليست بحاجة إلي النصائح التي تقدم إليها بتغيير مرشحيها وأن اختيارها لحسني لم يكن عشوائياً وإنما سبقه اتصالات عديدة علي المستوي العالمي.. وأشارت نتائجه إلي أن فرصة وزير الثقافة في الفوز كبيرة.. رغم أن إسرائيل لم تخف موقفها المعارض منذ إعلان الترشيح. وعلي كل الأحوال كانت ستعترض علي أي مرشح آخر.. فهي ليست معنية بالأشخاص إنما باستبعاد مصر.
والمتبرعون بتقديم النصائح إلي مصر. مع افتراض حسن النوايا.. لا يجب أن يتجاهلوا أن الترشيح شأن مصري.. وليس مسموحاً لأي طرف خارجي أن يتدخل في هذا الاختيار.
وعليهم أن يتذكروا أيضاً أن الاستجابة للابتزاز الإسرائيلي لا يؤدي إلا إلي المزيد من الضغوط التي تمارس علي مصر.. هكذا عودتنا إسرائيل دائماً.
وإذا كانت قضية ترشيح مصر لوزير ثقافتها هي القضية الأولي في عهد إدارة أوباما التي يلقي اللوبي الصهيوني بثقله من ورائها.. كما يشير تقرير "الشروق" من واشنطن فهذا أدعي لكي يلتف وزراء الثقافة العرب خلف مرشحهم ويختبروا هم أيضاً قدرتهم علي التأثير في القيادة الجديدة.. وأن يستخدموا أوراق الضغط التي يمتلكونها. خاصة أن إسرائيل بعد محرقة غزة لم تعد كما كانت من قبل. تغيرت الصورة التي حاولت ترويجها كداعية للسلام والديمقراطية التي لاتتحقق بقتل الأطفال والشيوخ والنساء المسالمين.
والذين ارتكبوا هذه الجرائم الوحشية غير المسبوقة في التاريخ لا يحق لهم التدخل في شأن هو من صميم اختصاص دولة أخري لإجبارها عن التخلي عن مرشحها بحجة معاداة السامية.
ومعركة ترشيح حسني تستاهل أن تشحذ الحكومة المصرية والحكومات العربية كل إمكاناتها للفوز.. وكشف الإدعاءات الإسرائيلية الكاذبة.
وإذا كان المنصب الدولي الرفيع لن يأتي سوي من بوابة إسرائيل واللوبي الصهيوني.. فالله الغني!
سحر مافات
.. ويبدو أن "سحر مافات" كان له تأثير طاغ علي المخرج مدكور ثابت. دفعه لأن يقضي 7 سنوات كاملة في إعداد شريط سينمائي فريد.. يسجل من خلاله تاريخ مصر بانتصاراتها وانكساراتها خلال مائة عام.
سحر مافات في كنور المرئيات.. عمل أبسط ما يقال عنه إنه جاد.. وغير مسبوق.. يثبت أهمية دور السينمائي في التأريخ لأحداث الوطن. من خلال رؤية مخرج واع.. وعاشق للتاريخ استمتعت بمشاهدة العرض في قصر الأمير طاز.. ومتابعة الحوار الجاد الذي أدارته الزميلة سوسن الدويك.
استطاع مدكور علي مدي سبع سنوات تجميع أشرطة سينمائية فريدة من مصادر متعددة.. بعضها خارج الوطن.. والآخر من الداخل.. وقدم خطوة جادة لما يمكن البناء عليه في التأريخ بالسينما.
رحلة شاقة خاضها مدكور ووصفها بأنها لم تكن مجرد بحث. وإنما معاناة في كيفية الوصول إلي أماكن الوثائق السينمائية. وكان حصاد الرحلة أكثر من رائع.
مدكور يعتبر الفيلم نموذجاً للدعوة إلي البحث والحصول علي المدفون والمختفي سينمائياً في تاريخ مصر.
وهي دعوة جادة من جانب مخرج ولد قبل ثورة يوليو بسنوات معدودة. ونمي وعيه في ظل انتصاراتها "واكتوي بنار انكساراتها وهزائمها".
التقيت بمدكور ثابت عندما تم تجنيدنا عقب هزيمة 67. عندما قررت القيادة العامة للقوات المسلحة تجنيد الحاصلين علي المؤهلات العليا والمتوسطة وإلحاقهم بالأسلحة التي تتفق مع تخصصاتهم. ولم يكن قد مرت سوي سنوات معدودة علي عملي "بالجمهورية". وتعيينه معيداً بأكاديمية الفنون.
حصلنا معاً علي أول دورة للمراسلين الحربيين أعدت لمجموعة من الصحفيين وخريجي أكاديمية الفنون.
انتقلنا بعدها إلي إدارة التوجيه المعنوي التي كانت تصدر مطبوعات القوات المسلحة "مجلة النصر جريدة القوات المسلحة" والعديد من البرامج الثقافية لتقديمها إلي المقاتلين الرابضين علي جبهة القتال من أجل خوض معركة التحرير.
واعتقد أنه لم يكن بمقدور مدكور إعداد هذا الشريط الرائع.. لو لم يمر بالتجربة التي عاشها شباب جيله داخل صفوف القوات المسلحة.. ويعود الفضل للزميلة ماجدة موريس في وصل ما انقطع لأكثر من 35 عاماً.. باصطحابي لمشاهدة الفيلم ولقاء مدكور.
الأمر المؤسف أن مدكور انتهي من إعداد الفيلم منذ عامين.. ورغم ذلك لم يعرض بإحدي دور العرض السينمائي. أو القنوات التليفزيونية خاصة أن قناة دريم مشاركة في إنتاجه.
المخرج كان يأمن أن يعرض الفيلم جماهيرياً.. والمنتج "دريم" اقترحت عرضه بإحدي دور العرض التابعة لها في مدينة 6 أكتوبر.. ثم يعرض علي القنوات التليفزيونية.. وهذا الخلاف في وجهات النظر. ما كان له أن يؤخر العرض طوال هذه المدة. ولابد من التوصل إلي حل يرضي الطرفين. وربما يكون العرض الذي تقدمه "دريم" أقرب إلي الواقعية. فهو يجنب الشركة المنتجة المغامرة غير المحسوبة بالمراهنة علي إقبال الجمهور علي مشاهدة فيلم وثائقي.. حتي لو كان يمتلك تلك المقومات التي تتوفر لفيلم سحر مافات.
كما أن عرض "دريم" يتيح للفيلم إمكانية المشاركة في المهرجانات الدولية. التي تشترط عرضه تجارياً. المهم ألا يحرم الجمهور من مشاهدة عمل كبير تتوفر له كل عوامل النجاح.