دخلت مشروعات القوانين التي قدمها النواب المستقلون بمجلس الشعب لمحاكمة الوزراء مرحلة جديدة بعد مناقشته في اللجنة التشريعية ليثير جدلاً سياسياً واسعاً حول وقوف معالي الوزير أمام جهات التحقيق وهو في منصبه وليس بعد خروجه من الوزارة. خاصة أن القانون الحالي عفا عليه الزمن لإقراره في فترة الوحدة بين مصر وسوريا وتشكيل هيئة المحاكمة من برلمان البلدين.
والتساؤل هنا هل هناك فراغ تشريعي أم أنها قوانين للإثارة والفرقعة الإعلامية للمستقلين؟!!
يتضمن مشروع القانون الذي يناقشه مجلس الشوري 14 مادة حول التحقيق مع الوزراء وأعضاء حكومته إذا ارتكبوا جرائم حتي بعد ترك الوظيفة تشمل جرائم أمن الدولة واستغلال النفوذ للحصول علي فوائد وامتيازات لنفسه أو لغيره والاستيلاء علي المال العام والتأثير علي سير العدالة.
وتنص المادة الثالثة علي تشكيل لجنة تحقيق من ثلاثة قضاة بمحكمة النقض تختارهم الجمعية العمومية للمحكمة لمدة عامين كما تختار اثنين آخرين كعضوين احتياطيين لاستكمال تشكيل اللجنة في حالة غياب أحد الأعضاء الأصليين وتتولي اللجنة بصفة سرية بحث جدية البلاغ وتخطر اللجنة النائب العام بالموعد المحدد لبدء التحقيق ويعتبر المبلغ ضده في إجازة حتمية بمرتب كامل ولا تنتهي إجازته إلا بعد الحكم أو حفظ البلاغ كما يقوم النائب العام بإعلان الوزير المبلغ ضده بقرار الاتهام وأدلة الثبوت وكذلك إخطار رئيس مجلس الشعب ورئيس الوزراء.
وينص مشروع القانون علي أن تتولي محاكمة الخاضعين لهذا القانون محكمة خاصة تشكل من 7 أعضاء هم: 4 من أقدم نواب محكمة النقض وعضوين من مجلس الشعب وعضو من مجلس الشوري وتنعقد المحكمة بمقر محكمة النقض وتكون الأحكام الصادرة غير قابلة للطعن فيها إلا بطريق النقض وفي حالة صدور حكم بالإدانة يستوجب حتماً عزل المحكوم عليه من وظيفته دون إخلال بتوقيع العقوبة واحتساب مدة سقوط الدعوي الجنائية من تاريخ ترك العمل الوظيفي.
النائب المستقل محمد العمدة مقدم مشروع أحد القوانين المقترحة لمحاكمة الوزراء يقول: إن الدستور المصري أكد وحدد كيفية محاكمة الوزراء بشرط أن تكون بناء علي طلب مقدم من ثلثي أعضاء مجلس الشعب في حالة ارتكاب جرائم جنائية أو سياسية لذلك قمت بإعداد هذا المشروع المقترح لتأكيد مبدأ محاسبة الكبير قبل الصغير والوزير قبل الغفير. لأنه لا يوجد قانون مختص بمحاسبة ومحاكمة الوزراء عن ارتكابهم جرائم أو مخالفات يعاقب عليها القانون.
وأوضح أن مشروعه يهدف إلي إنشاء محكمة خاصة للتحقيق مع الوزراء في الاتهامات التي توجه إليهم بموجب المادة 159 من الدستور وعدم تحرك المساءلة للظروف والملابسات الخاصة وحسب حالة الرضا والغضب الحكومي علي المسئول وذلك لمواجهة الانحرافات التي يشهدها المجتمع.
حق النواب
المستشار رجاء العربي رئيس اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس الشوري أكد أن اللجنة في حالة انعقاد لمناقشة مشروعات القوانين المقدمة من أعضاء مجلس الشعب الخاصة بمحاكمة الوزراء.. مشيراً إلي أنه من حق نواب مجلس الشعب تقديم مشروعات قوانين وعرضها علي مجلس الشوري لأنها قوانين مكملة للدستور.
وقال إن هذا القانون يعد من القوانين المكملة للدستور وإن من حق أعضاء اللجنة التشريعية بمجلس الشوري تقديم اقتراحات جديدة علي اقتراحات نواب الشعب حتي تقدم اللجنة مشروعاً متكاملاً إلي المجلس لإقراره في إطار اختصاصاته الدستورية وانه طلب من الأعضاء تقديم مقترحاتهم مكتوبة في هذا الشأن.
وأوضح "العربي" أن قانون محاكمة الوزراء الصادر عام 1958 لابد من تغييره لأنه مرتبط بالوحدة بين مصر وسوريا وتشكيل المحكمة من أعضاء من مجلس الشعب في البلدين وهو ما لا يمكن تحقيقه لذلك طالبت وزير العدل موافاة اللجنة بالقوانين المماثلة في الدول المتقدمة والعربية للاستفادة بها أثناء صياغة القانون الجديد.
وقال العربي إنه لا يوجد فراغ دستوري لأن محكمة النقض أصدرت أحكاماً أن يسري علي الوزراء القوانين الجنائية العادية مثلما حدث مع الوزيرين أحمد سلطان وأحمد نوح الذين تم محاكمتهما من القضاء العادل.
حملة تشكيك
د.رابح رتيب عضو اللجنة التشريعية بمجلس الشوري وعضو لجنة القيم بالحزب الوطني قال: يكفي الوزراء ما بهم من هموم وانشغالات لدرجة تجعلهم ينسون احتياجاتهم الشخصية إزاء مجابهة المسئولية التي تقع علي عاتقهم والاحتياجات العامة لذلك فمن وجهة نظري الشخصية أن الحديث عن قانون خاص لمحاكمة الوزراء فيه تشكيك في هؤلاء الوزراء مما يزعجهم نفسياً.
وأكد أن القوانين العامة تكفي لمواجهة أي مسئول في البلاد لأنه لا أحد فوق القانون ولا أحد فوق المساءلة وإعلاء كلمة الدستور أن المسئولية العامة تكفي لمواجهة أي خطأ عمدي أو جسيم أو انحراف..مشيراً إلي اللجنة التشريعية عقدت اجتماعين بشأن قانون محاكمة الوزراء المقترح من النواب والإدلاء بالرأي صراحة وكتابة.
ووصف القانون الجديد بأنه قد يؤدي إلي عرقلة العمل الوزاري. لأنه يكبله بالقيود والأعباء ويكفيهم الهموم التي تقع عليهم لذلك فالقانون الحالي يكفي فمن يخطئ يحاسب مثلما حدث مع ماهر الجندي محافظ الجيزة الأسبق لأنه إذا حدث خطأ جسيم أثناء توليه المسئولية يتم اتخاذ الإجراءات القانونية.
المستشار فتحي رجب عضو اللجنة التشريعية بالشوري قال إن المسئولية السياسية التي يملكها الرئيس والبرلمان لا تحتاج إلي اصدار قانون لمحاكمة الوزراء لأن الوزير ليس علي رأسه ريشة في ظل سيادة القانون وحتي رئيس الجمهورية في إعفاء وإقالة الوزير من منصبه. مطالباً بتشكيل المحاكمة المختصة بمحاكمة الوزراء قضائياً.
تحقيق سياسي