توصف في بعض وسائل الإعلام الغربية بأنها مركز ثقل الإرهاب في العالم لوجود حركة حماس فيها, ولكنها بالنسبة للفلسطينيين والعرب تحمل معاني أخري, إذ إنها الشاهد الرئيسي منذ زمن طويل علي بشاعة الاحتلال الإسرائيلي وسياساته, وعلي قبح قضية الاستيطان كذلك, وعلي تجاهل وسلبية المجتمع الدولي, والشاهد أيضا علي مأساة الاقتتال الداخلي الفلسطيني. فما هي غزة, وما هي قصتها؟
قطاع غزة عبارة عن شريط ضيق من الأرض يمتد علي مساحة360 كيلومترا مربعا, طوله41 كيلومترا وعرضه بين6 كيلومترات و12 كيلومترا, وتلامس أراضيه كلا من مصر في سيناء, وإسرائيل, وأكبر مدن القطاع هي مدينة غزة, وهي ثاني أكبر المدن الفلسطينية بعد القدس المحتلة, إذ يبلغ عدد سكانها أكثر من400 ألف نسمة, كما توجد في القطاع مدن أخري رئيسية مثل رفح وخان يونس ودير البلح وجباليا. ويعيش في القطاع حاليا حوالي1.5 مليون فلسطيني, ويصل معدل كثافة سكانية في القطاع إلي أكثر من26 ألف مواطن في الكيلومتر المربع الواحد, ولكن الكثافة السكانية في مخيمات اللاجئين تصل إلي أكثر من55 ألفا في الكيلومتر المربع.
وتوجد في قطاع غزة حوالي25 مستوطنة معظمها تقع علي الساحل الجنوبي للقطاع, أو في أطرافه الشمالية, ويقدر عدد المستوطنين في هذه البؤر بـ7781 مستوطنا قبل أن تستهدف الحكومة الإسرائيلية إلي إخلاء هذه المستوطنات وفقا لخطة رئيس الوزراء السابق أرييل شارون بالانسحاب من غزة. ويوجد في قطاع غزة عدد من المخيمات للاجئين الفلسطينيين, مثل مخيم جباليا في شمال القطاع, ومخيم الشاطيء غربي مدينة غزة, بالإضافة إلي مخيمات البريج ودير البلح وخان يونس وغيرها.
وتوجد في مدينة غزة ثلاث جامعات, ويبلغ متوسط دخل الفرد في غزة1763 دولارا سنويا وفقا لإحصائيات عام1997, ومن المفترض أن النشاط الاقتصادي لسكان غزة يقوم علي النشاط الزراعي وصيد الأسماك والتجارة, وهي أنشطة تعرضت للخراب في السنوات الأخيرة بسبب الحصار الإسرائيلي وإصابة الأراضي الزراعية بالتصحر نتيجة لنقص الموارد والاستثمارات.
وفي عام2005, ظن سكان غزة أن مشكلاتها في طريقها إلي الزوال بعد أن أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن إنهاء الحكم العسكري للقطاع, وأخذت تعتبر الخط الفاصل بين إسرائيل والقطاع خطا دوليا للحدود, غير أن المشكلات بدأت تزداد, حيث واصل الجيش الإسرائيلي رقابته العسكرية للقطاع وتوغله العسكري فيه بين الحين والآخر, واحتفظت أيضا بسيطرتها شبه الكاملة علي معابر القطاع مع إسرائيل, أما المعبر بين القطاع ومصر فيخضع لسيطرة إسرائيلية- مصرية مشتركة, كما لا تزال إسرائيل هي المسئولة الرئيسية عن تزويد سكان غزة بمياه الشرب والوقود والكهرباء, وهو ما يجعل غزة لقمة سائغة لإسرائيل لكي تمارس هوايتها بين الحين والآخر في حصار وتجويع وتعذيب المدنيين الأبرياء من سكان غزة.
ويرجع الشق الثاني من معاناة غزة إلي الفلسطينيين أنفسهم, فبعد أن توصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلي تفاهم في26 نوفمبر مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت لوقف إطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع, توتر الصراع الداخلي بين حماس وفتح وتصاعد إلي درجة قيام قوات حماس بالاستيلاء علي الأجهزة الأمنية في قطاع غزة فيما وصف بأنه انقلاب داخلي, وردا علي ذلك, أعلن الرئيس الفلسطيني حل الحكومة الفلسطينية برئاسة إسماعيل هنية من حماس, وقرر تعيين حكومة طارئة برئاسة' سلام فياض ومنذ منذ ذلك الحين توجد علي الأرض فعليا حكومتان فلسطينيتان, إحداهما برئاسة حماس في غزة, والأخري برئاسة فتح في الضفة الغربية. وغزة مدينة محاصرة من شتي النواحي, فمطارها الذي يقع جنوب المدينة تعرض للدمار بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل.