محمد منصور
var addthis_pub="tonyawad";
قصائد محمد منصور الفائز الأول بمسابقة اتحاد الكتاب
تعلو المآذنُ هامةَ الضعفاءْ
سِرْ في شوارعِ مصرَ
منهوبَ الخُطى
قلقًا من الجيرانِ
لا حرٌّ يسيرُ جواركَ الآنَ
انتبهْ
فالأرضُ ملأى بالعبيدْ
سِرْ في شوارعِ مصرَ
محمومًا
كما سارَ الفدائيونَ نحو قبورِهِمْ
من ألفِ عامٍ أو يزيدْ
تعلو المآذنُ هامةَ الضعفاءِ
يغفو جائعٌ فوقَ الرصيفِ
تدوسُ شاحنةٌ صغيرًا
قد تشبَّثَ في رداءِ الأمِّ
فالمأساةُ أقربُ -دائمًا- في مصرَ
من حبْلِ الوريدْ
..........
.....
سِرْ في الشوارعِ
غائبًا عن كلِّ شيءٍ
حاضرًا في كلِّ شيءٍ
لا يجوزُ لك اكتشافُ الوهمِ في شتَّى التفاصيلْ
دمُكَ المسافةُ بين ظلِّكَ والشوارعِ
بين عِتقِكَ
والكرابيجِ التي تنمو على جسدِ الضعافِ
وتنتهي رزقًا لأطفالٍ
أبوهمْ صائمٌ في صيفِ مصرَ
وأمهمْ سكبتْ بقايا ثديها
في جَوفِهمْ واستمسَكتْ بالصمتِ
علَّ الصمتَ يأتي بالقليلْ.
..........
.....
سِرْ
نيلُ مصرَ مهادنٌ كسريرِ طفلٍ
والأزقَّةُ لم تزلْ ملأى بأخطاءِ الفراعنةِ
الذين استمسكوا بالخوفِ
-في ليلِ المدينةِ-
مِنْ براءتهمْ
ومرُّوا ظامئينَ إلى البدايةِ
لا المدينةُ تعبرُ الليلَ الثقيلَ
ولا الظلامُ يذوبُ عبرَ الوقتِ
صرخةُ راحلٍ تأتي من الميدانِ
راحلةً إلى الصحراءْ
وسرابُكَ المسحورُ
يُولَدُ من تطلُّعِكَ الشريفِ إلى النهايةِ
ما النهايةُ غير تنقيحِ الفراقِ من اللقاءْ؟
..........
.....
سِرْ
قاربُ الفرعونِ مثقوبٌ
وساحاتُ المعاركِ لا تهادنُ خيلَهُ
والسيفُ لا يقوى على طعنِ الرياحْ
مِصْرُ المسربلةُ انكسارًا بالتواريخِ الحزينةِ
لا تُبالي
كُلَّما انتظر المسيحُ خلاصَهُ منها
غدتْ أقسى
فناء المتعبونَ بحملِها
واستوحشوا
في الأرضِ حرَّاسًا على بابِ الصباحْ
مِصْرُ النبيةُ لم تزلْ في كفرِها
ووليدُها يلهو بمفتاحِ الحياةِ على مقابرِ أهلِه:
ويراودُ امرأةَ العزيزِ
يفسِّر الرؤيا سجينًا خلفَ أعتابِ العروشِ
لكي يرى
قيدًا قديمًا في الفضاءِ الحرِّ لاحْ
يُصغِي إلى سَطْوِ القطيعِ على قريحتهِ
يُناقشُ كيف شاءَ الربُّ
للحكَّامِ أن يتحالفوا ضدَّ الرَّعيةِ
لا يرى في الرمزِ معنىً لافتًا
يمضي
ويأكلُ من خشاشِ الأرضِ
منتظرًا سحابَته
ليرفعَ رأسَه:
هذا هو ابنُ الله
عادَ لتوِّهِ وانصبَّ
في جسدِ التماثيلِ
استراحْ
يمضي على ثقةٍ
بأنَّ العمرَ لا يُبقى على ولهٍ
ولا يَذَرُ الغرامَ على سَجِيَّتِهِ
يمرُّ..
فتثمرُ الأيامُ ملحمةً
مؤسسةً على قطفِ الضحيةِ
قبلِ أنْ يأتي أوانُ الرفضِ والتأييدْ
سِرْ في الشوارعِ لنْ ترى إلاكَ
في اللاشيء.. سِرْ
سِرْ في الأزقةِ
ألفُ قابلةٍ وقاتلةٍ
يُقطِّعْنَ الأصابعَ
لم يَعُدْ في الأمْرِ سِرْ
سِرْ وانقشِ اسمكَ في الفضاءِ
ولا تَكُنْ كالنهرِ
كُنْ ريحًا
وعُدْ من رِحْلةِ التاريخِ
بَوْصَلَةً
تُشيرُ إلى البدايةِ دائمًا
وتُعيدُ ترتيبَ المشاهدِ من جديدْ..............
...
....
......
سِرْ في شوارعِ مِصْرَ
منهوبَ الخطى
قلِقًا من الجيرانِ
لا حُرٌّ يسيرُ جواركَ الآن
انتبهْ
فالأرضُ ملأى بالعبيدْ!
وعينُ بصيرتي لُغَتيْ
عنوانيَ الصحراءُ
قلبي موطنٌ للريحِ
وجهي صفحةُ الليلِ الشفيفِ
ونورُ عينيْ نجمتانْ
بيني وبين العابرينَ ملامحي عهدٌ
بأن يضعوا المكانَ مكانَ أعينهم
وأن يلدوا الزمانْ
لا شىءَ يمنعني رحيقَ براءتي
-تلك التي جعلتْ من القديسِ قديسًا
ومن عرافةٍ بدويةٍ نجمًا-
سوى إيقاعِ قافيةٍ
يُحفِّزُ ما تبقَّى من هدوئي
كيْ أُودِّعَ
خيمتي/ طللي/ عيونَ حبيبتي/ ومعلقاتِ الخارجين عن القطيعِ/ دراهمَ الخلفاءِ/ زندقةَ النواسيينَ/ بغدادَ القصورِ/ وصرخةَ الحجاجِ/ قيسَ/ العامريةَ/ والقرامطةَ الشيوعيينَ/ أنصارَ البديعِ وهمْ على ثِقةٍ يسوقونَ الأدلَّةَ للخليفةِ كيْ يدُسَّ السيفَ في صدرِ البيانْ
لا شيءَ يمنعني الخروجَ من القصيدةِ
كي أقولَ لآخرِ السجناءِ
إنَّ الشعرَ نارٌ تُنضجُ الأرواحَ
بالكلماتِ والإيقاعِ
لكنَّ القصيدةَ كالدخانْ
* * * *
عنواني الموتُ المؤجلُ
واليقينُ اللانهائيُ المعاني
واختبارُ الحزنِ بالإيقاعِ
عينُ بصيرتي لغتي
ومحبرتي الصدورْ
لا شئ يُخرجني من الليلِ المرابضِ
غير سنبلةٍ نمتْ في قلبِ من أحببتُ
فانتصرَ الزمانُ على المكانِ
وصرخةُ الموتى على صمتِ القبورْ
وغدٌ على أمسِ
البعيدُ على القريبِ
الحسنيانِ على الفرارِ
المستحبُّ على الفرائضِ والنذورْ
ودفاتري لا شئ يُنجيها من السلطانِ
إلا حكمةُ الطوفانِ
أو قلقُ المسافرِ من هبوب الريحِ
أو نارٌ على جبلٍ
وعذراءٌ تُخصِّصُ رحمها لله
أو غارٌ..
ويحمي ساكنَيْه يمامتانْ
لا شيء يمنعني الخروجَ من القصيدةِ
كي أقولَ لآخرِ السجناءِ
إن الشعرَ عينٌ للقلوبِ وللمصائرِ ترجمانْ!