مازلت أتلقى اتصالات عديدة من مرضى الكبد حاملى فيروس «سى»، على أثر ما كتبته قبل أكثر من عام عن اختراع عقار جديد، توصل إليه فريق علمى بقيادة الدكتور جمال شوقى عبدالناصر، وتم الإعلان عنه بعد أن استغرق جهد الفريق نحو 13عاما، وجاء الإعلان وقتها كطوق نجاة للملايين الذين يعانون من هذا المرض الخطير وينفقون أموالا طائلة فى علاجه، وتأتى المأساة حين لا يتم الشفاء منه رغم ما تم انفاقه من أموال.
الإعلان الذى تم حول العقار الجديد قيل إنه سيكون متاحا للمرضى الفقراء لأنهم الغالبية العظمى من حاملى الفيروس، بعد أن كان علاجهم الوحيد هو الحقن بـ«الإنترفيرون» ويتكلف آلاف الجنيهات، وقيل أيضا انه تم تجريبه على آلاف المرضى وحقق نتائج باهرة، ونقلت صحيفة الأخبار شهادات ممن تم شفاؤهم بعد أن خضعوا للتجريب وفقا للأصول العلمية والأخلاقية التى تنظم ذلك، وأعلنت وزارة الصحة أنها خصصت ستة مراكز تابعة لها لتسجيل المرضى الذين يرغبون فى تناول هذا الدواء.
الأقوال أو الإجراءات السابقة، كانت حقائق خضعت لمناقشات علمية موسعة، تابعها الجميع بدءا من المرضى المعنيين، والأسر التى تتكبد المعاناة بسبب مريض فيها، وكانت وزارة الصحة طرفا رئيسيا فى كل ذلك، وظن الكل أن العقار الجديد فى طريقه إلى الأسواق بعد أن أعلنت إحدى شركات الدواء المشهورة قيامها بتصنيعه.
المثير فى الأمر أنه وفور الحديث عن العقار الجديد، تعاظم الحديث عن أن الدواء الوحيد الذى ثبت جديته هو الحقن بـ«الإنترفيرون»، وشاهدنا فريقين يتصارعان حول ذلك، فعلى سبيل المثال اتهم الدكتور وحيد دوس مدير المعهد القومى للكبد الفريق العلمى الذى قاده الدكتور جمال شوقى بعدم الجدية، وقال إن القائمين عليه لم يتقدموا لوزارة الصحة بأى أسانيد علمية تثبت فاعلية العقار، وتكلم عن مستندات لم يتقدم بها فريق البحث، وتوصل من كل ذلك إلى اتهام الفريق بعدم الجدية.
فى المقابل رد الدكتور حيدر غالب رائد علم الأدوية فى مصر ورئيس لجنة التحكيم على العقار التى شكلها الدكتور حاتم الجبلى وزير الصحة، بأن فريق البحث قام بتجربة العقار على بعض المرضى بعد تسجيلهم وفقا للبروتوكول العلمى، وتم شفاء 78 % منهم، وقال إن الطحالب المستخدمة فيه تستخدمها شركات أدوية فى أمريكا واليابان، واتهم الدكتور غالب الشركات المصنعة لـ«الإنترفيرون» بأنها تسعى بكل السبل لوقف تنفيذ الدواء الجديد الذى يقوم بجهود مصرية خالصة، لأن حجم استثمارات الشركات المصنعة فى «الإنترفيرون» فى مصر يقدر بنحو مليار جنيه، وطالب غالب الرئيس مبارك بالتدخل شخصيا فى القضية من أجل ملايين المرضى.
انتقل الحديث إلى أروقة البرلمان وتقدم أكثر من نائب بطلب إحاطة حول العقار، ورد الدكتور حاتم الجبلى عليها بأنه قيد البحث والإجراءات اللازمة، ولنتخيل جميعا حجم الأمل الذى تعلق به الجميع، وفى المقابل حجم الإحباط الذى يمكن ان يحدث بعد كل ما قيل، وكان هذا بالضبط هو اكتشافى، فعلى أثر اتصالات عديدة تذكرنى بما كتبته من قبل عن العقار، واستغاثة مرضى بى من أجل تقديم المساعدة لهم ظنا منهم أننى استطيع توفيره، تحدثت مع الدكتور جمال شوقى هاتفيا فجاءت الصدمة فيما قاله لى، بأنهم نقلوا جهودهم إلى شركات أجنبية وجهات علمية فى الخارج فى فرنسا وأمريكا بعد كل العرا قيل التى واجهتهم وكلها كانت متعمدة، والمثير أنها إدارية أكثر منها فنية، وبلغت العراقيل درجة التطفيش، وكأننا نعمل فى بلد آخرى ولمرضى ليسوا فى مصر، وأضاف أنهم أمامهم شهور قليلة وينتهى العمل مع هذه الجهات الأجنبية.
والسؤال.. ماذا يمكن قوله بعد ذلك فى وقت تتعالى فيه الأصوات من أجل ضرورة إعادة الاعتبار للبحث العلمى وعمل هيئة مستقلة له؟، وما رأى وزير الصحة والنواب البرلمانيين فى هذه القضية التى دخلت فى طى النسيان تحت أقدام مافيا الدواء؟ ألا يستحق هذا الملف إعادة فتحه من جديد بتقديم المعلومات الصحيحة عنه حتى يطمئن المرضى، ونطمئن نحن على أن فى هذا البلد من هم حريصون عليه بالحرص أولا على مرضاه، وعلى من يقدم اليهم شعاع أمل؟ فليتحدث وزير الصحة بصراحة حتى نعرف الحقيقة الغائبة، ومن هم المسئولون عنها؟
aj_server = 'http://rotator.adjuggler.com/servlet/ajrotator/'; aj_tagver = '1.0';
aj_zone = 'sarcom'; aj_adspot = '458170'; aj_page = '0'; aj_dim ='436842'; aj_ch = ''; aj_ct = ''; aj_kw = '';
aj_pv = true; aj_click = '';