أكتب الآن ولم يصدر بعد قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة توقيف لرئيس عربي لم يزل على رأس عمله، بناء على طلب مدعي عام المحكمة المدعو لويس مورينو أوكامبو،حين يصل هذا المقال إلى يدي القارىء، سيكون القرار قد صدر، اللافت هنا من مجمل تصريحات أوكامبو أنه "يتفلت" لزج الرئيس السوداني خلف القضبان، في خطوة لا نفهمها إلا باعتبارها محاكمة للنظام العربي كله، وملاحقة للعرب والمسلمين بأسرهم، المهم في الأمر، وإهانة مباشرة ليس للسودان وشعبه، بل لسائر الشعوب العربية والإسلامية وقياداتها المختلفة، مهما تفاوتت مستوياتها!
من هذا أوكامبو، الذي يحاكم الأمة؟ لا أريد أو اسرد سيرته الذاتية، فهي منتشرة بكثرة على صفحات الإنترنت، لكنني ساتوقف فقط أمام واقعة معينة، ميزت "مسيرة" هذا القاضي "المهنية!" وكانت كافية لمطالبة السودان بتنحية هذا الرجل عن منصبه، كقاض "نزيه!"
قبل نحو عامين رُفعت دعوى ضد أوكامبو من أحد موظفي المحكمة الجنائية وصدر الحكم فيها.
وفي تفاصيل الدعوى التي كشفها المحرر القانوني في صحيفة «التلغراف» البريطانية في حينه، أن الموظف الإعلامي في المحكمة الجنائية كريستيان بالمه ادعى قبل عامين على أوكامبو بتهمة التحرش الجنسي بصحافية من جنوب افريقيا (قال أن المدعي العام "أخذ" مفاتيح سيارتها وقال لها إنه لن يعيدها لها إلا إذا وافقت على ممارسة الجنس معه)، وهي تهمة نفاها أوكامبو طبعا. ورُفضت الدعوى عندما عُرضت أمام لجنة تحقيق داخلية في المحكمة الجنائية، ولجأ أوكامبو بعد ذلك إلى طرد بالمه. فأخذ الأخير دعواه إلى محكمة العمل الدولية التي أمرت بتعويض له يبلغ 20 ألف جنيه استرليني، المهم في الأمر، أن حكم المحكمة في جنيف قال أن بالمه أرفق مع دعواه تسجيلاً صوتياً لمحادثة هاتفية بين الصحافية ضحية التحرش الجنسي وبين أحد زملاء بالمه، وبدا على الضحية القلق لكنها نفت أن تكون أُرغمت على ممارسة الجنس مع أوكامبو، لكنها لم تنف أنها وافقت على القيام بذلك لكي تسترجع مفاتيحها(!) .. طبعا لو أن الأمور وقفت عند هذا الحد لما كانت مست بسمعة أوكامبو. إذ أن اللجنة القضائية في المحكمة الجنائية أوصت بأن يبقى بالمه في وظيفته، لكن أوكامبو طرده. وعندما أخذ بالمه قضيته الى محكمة العمل في جنيف رأت أنه تصرف بناء على ما سمعه من زميله (أو زميلته) عن تحرش أوكامبو بالصحافية، وأن ليس هناك ما يشير إلى أن الزميلة تصرفت بسوء نية. ورأت المحكمة أن قرار أوكامبو طرد بالمه غير مبرر، وأن قراراً من هذا النوع كان يجب ألا يتخذه هو لأن لديه مصلحة في طرد الموظف الذي شكاه. ورأت المحكمة بالتالي أن هناك خرقاً لمجرى العدالة وتعدياً خطيراً على حقوق المدعي. هذه طبعا ليست المرة الأولى التي يواجه فيها أوكامبو اعتراضات حول طريقة عمله. فقد سبق أن قدم عدد من العاملين في المحكمة استقالاتهم احتجاجاً على تعامله السلطوي معهم.
شخص كهذا، يرتدي عبائة "العدالة الدولية!" ليحاكم رئيسا عربيا منتخبا من قبل شعبه، فيما تنام في مكتب الشخص نفسه، حوالي مائتين وعشرة طلبات من أطراف فلسطينية ومنظمات طوعية غير حكومية، للتحري في جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل في غزة، ولا يحرك ساكنا، بدعوى أن جرائم إسرائيل ليست ضمن اختصاصاته، فهو متخصص بالعرب وإذلالهم، حتى ولو كانوا ضحايا لنظام دولي بلطجي!