ثلاثة خيوط رئيسية جمعت بين قيادات مجموعة الإخوان المسلمين الذين اعتقلتهم الشرطة الأسبوع الماضى، وتنظر محكمة أمن الدولة العليا تجديد حبسهم اليوم الثلاثاء.. أولها أنهم رجال أعمال باستثناء ياسر عبده رئيس اللجنة الاقتصادية فى الإخوان، أما الرابط الثانى أن جميعهم ضمن الفريق الذى أدار فعاليات تضامن الإخوان مع غزة.. ويأتى الرابط الثالث وهو أن المقبوض عليهم أعضاء فى الأمانة العامة للجماعة، التى يترأسها د. محمود عزت الأمين العام للجماعة.. ويظهر ذلك مدى أهمية المجموعة المقبوض عليها، لأنهم يشرفون على تنفيذ تكليفات مكتب الإرشاد لقواعد الجماعة.
لكن التفسير السريع على لسان النائب الأول للمرشد د. محمد حبيب عندما قال إن الهدف هو السعى لمنع مساعدة الإخوان لحركة حماس فى فلسطين، وجاء قرار الاتهام للمجموعة المقبوض عليها ليشمل تهمة جديدة للإخوان وهى إمداد وتمويل نشاط الجماعة بمعونات مالية على حد توصيف عبد المنعم عبد المقصود، محامى المتهمين، الذى قال: هو اتهام جديد على الإخوان ويعطى مؤشرا خطرا لدينا عن احتمال إحالة هذه المجموعة للمحكمة العسكرية.. خاصة أن عملية القبض لم تتم بشكل عشوائى، ولكنها كانت معدة سلفاً.. ووصل هذا التخوف إلى قيادات الجماعة.. وعبر عنه د. عصام العريان فى مقال له فى إخوان أون لاين الأسبوع الماضى عندما كشف عن تخوف الإخوان لذات السبب.. وتعد المجموعة المقبوض عليها دينامو تحركات الجماعة، فمنهم أربعة مسئولون عن ملفات مهمة مثل ياسر عبده مسئول اللجنة الاقتصادية -وزارة المالية داخل التنظيم، ود. أمير بسام الأستاذ بكلية طب الأزهر، مسئول قسم البر الذى استحدثته الجماعة، للإشراف على الأعمال الخيرية، وأما المهندس أيمن الشافعى صاحب شركة مقاولات بالغربية، فهو مسئول لجنة فلسطين التى تتولى الإشراف على فعاليات دعم غزة، أما المسئول الرابع فهو المهندس عبد المعطى حواش النادى صاحب شركة القادسية للتبريد بمدينة شبين الكوم، وهو مسئول قسم العمال بالجماعة، والذى يعد من أنشط الأقسام داخل الجماعة مؤخراً.
وجاء على رأس قائمة المقبوض عليهم من أمانة تنظيم الجماعة، خالد بلتاجى وأحمد عباس والأخير هو مسئول قطاع القاهرة الكبرى - الأمانة العامة، وفى الجيزة تم القبض على عاطف عفيفى (رجل أعمال) مسئول أمانة التنظيم فى الجيزة، وهو رجل أعمال صاحب شركة «بريما» للسيراميك والطريف أن شقيقه هو أحد أعضاء لجنة السياسات بالحزب الوطنى.
أما مصطفى الغنيمى فهو الأمين العام لنقابة الأطباء بالغربية، والمسئول عن أمانة التنظيم عن منطقة وسط الدلتا، كما قبض على عبد العزيز النجار، مسئول أمانة التنظيم بالغربية، ومعهم كل من المهندس مسعد قطب صاحب شركة أجهزة طبية، ومحمد السروجى مدير مدارس الجيل المسلم، وهما عضوا لجنة التنظيم فى وسط الدلتا أيضا، وفى الإسماعيلية قبض على الدكتور محمد طه وهدان مسئول المكتب الإدارى للإخوان المسلمين بالمحافظة، وقبض على فتحى شهاب الدين مسئول أمانة التنظيم فى المنوفية، وفى الإسكندرية قبض على خالد عبد الحميد مرسى مهندس زراعى، ومسئول أمانة التنظيم فى الإسكندرية، وفى الشرقية قبض على عاطف راشد مدير نقابة الأطباء بالشرقية وعضو لجنة الإغاثة الإنسانية، ومعه السيد حزين عضو مجلس الشعب السابق عن دائرة أبوحماد.
وفى الدقهلية قبض على المهندس عبد المحسن القمحاوى مرشح الإخوان المسلمين فى انتخابات مجلس الشورى السابقة، وهو عضو أمانة العامة للجماعة عن وسط الدلتا ومعه د. حامد منصور، طبيب بشرى ويعد الرجل الثالث فى اللجنة السياسية فى الجماعة.
ومن كفر الشيخ قبض على د. حسن أبو شعيشع نائب رئيس المكتب الإدارى للجماعة فى محافظة كفر الشيخ وعضو الأمانة العامة للجماعة، وأيمن حجازى مسئول المكتب السياسى للجماعة بكفر الشيخ، وفى الصعيد قبض على عثمان النادى المسئول عن أمانة التنظيم فى جنوب الصعيد، ويتضح من مواقع المجموعة المقبوض عليها، أنهم يعدون من أنشط الكوادر فى الإخوان.. ويلعبون دوراً كبيراً فى مختلف تحركات الجماعة.
وإذا كانت الدولة اعتمدت سياسة الاعتقال المؤقت طوال مسيرة دعم فلسطين.. فإن أسبابا أخرى أدت للتصعيد الأخير، بعد القبض على أبرز قيادات أمانة التنظيم، ويأتى هنا سيناريو يفسر هذا التصعيد، وهو يرتبط بتحركات جماعة الإخوان المسلمين فى الفترة الماضية، ليس داخل مصر بل فى الخارج، وظهر ذلك جليا فى تحركات فيها الجماعة لعل أبرزها هو عملية التقارب بين الإخوان وإيران، وهو الملف الذى يديره يوسف ندا مفوض العلاقات الدولية فى التنظيم الدولى للجماعة، ويتم ذلك بالتنسيق مع المرشد العام مهدى عاكف، ووضح التنسيق بين المرشد وندا، فى دفاع المرشد العام عن مقال ليوسف ندا تحت عنوان «نحن والشيعة» على موقع الجماعة، وأثار ضجة داخلية كبيرة، لأنه لم يكن مجرد تقارب سياسى بين الشيعة والسنة، بل تطرق ندا لأمور عقائدية تتجاهل الفوارق العقائدية بين المذهبين، ورغم اعتراضات إخوانية على المقال الذى يخالف مبادئهم، إلا أن المرشد دافع عنه، وهو ما يعكس تنسيقا بين المرشد وندا فى مسألة تقارب الإخوان مع إيران، لأن المقال تضمن لأول مرة إشارة إلى إمكانية التغاضى عن الخلافات العقائدية.. وهو ما يمكن اعتباره رسالة موجهة للدولة التى وصلت علاقتها بإيران لأسوا مستوياتها.
وتزامن قيام التنظيم الدولى للإخوان بالضغط على إخوان سوريا لتجميد أنشطتهم ضد النظام السورى، رغم عنفها فى التعامل مع الإخوان.
ولكن الضغوط التى مارسها يوسف ندا على تنظيم سوريا بقيادة حسن هويدى، النائب الثالث لمرشد الجماعة، دفعت إخوان سوريا لإعلان هدنتهم مع النظام السورى لأنها تدعم حركة حماس فى الفترة الأخيرة..ورغم هذا التقارب تجاه دول الممانعة، فإن الإخوان سعوا لفكرة الملامسة الرقيقة مع أمريكا، وهو ما عبر عنه الدكتور عصام العريان مسئول اللجنة السياسية فى الجماعة فى مقاله بجريدة الحياة قبل أسبوعين بعنوان «الإخوان والإدارة الأمريكية.. هل من جديد» وأظهر فيه رغبة الجماعة وسعيها لفتح علاقة جديدة مع إدارة أوباما.. ابن المسلم حسين الذى عاش طفولته فى إندونيسيا أكبر بلد إسلامى - وقال العريان «من الصعب أن يتغاضى الإخوان عن أن أمريكا القوة العظمى الوحيدة فى العالم، على أن تدرك أمريكا أن الإخوان أكبر حركة إسلامية فى العالم الإسلامى والعربى، وإن الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة أوباما لابد أن تفتح صفحة جديدة مع الإخوان، إذا أرادت أن تقيم علاقة جديدة وجيدة بالعالم»، عصام العريان عدد أوجه التعاون السابق بين الإخوان وأمريكا ووصفها بالمفيدة لأمريكا فى الماضى، مذكرا بوساطة عمر التلمسانى مرشد الإخوان السابق، بالتوسط بين أمريكا وإيران فى أحداث رهائن السفارة الأمريكية، وسرد جزءا من اللقاءات بين دبلوماسيين أمريكان ومسئولين إخوان، مما يعطى إشارة إلى أن الإخوان لا يمانعون من اللقاء بالأمريكان أو التحاور معهم..ويكشف مقال العريان أن الإخوان يريدون معرفة موقف الإدارة الأمريكية منهم خاصة أن الجماعة أدركت أن أمريكا تمارس فى الفترة الحالية ضغوطا على مصر.. تمخض عنها الإفراج عن أيمن نور.. كما أن توقيت المقال يسبق زيارة الرئيس مبارك المتوقعة لأمريكا فى أبريل المقبل، وتزامن أيضا مع زيارة جمال مبارك لواشنطن.. ولكن يبدو أن رسالة الإخوان لأمريكا كانت مزعجة للنظام المصرى، وجاء الرد عنيفا على الجماعة فى مساعيها للعب دور إقليمى..