أمي... ماذا لو تأتين للحظة،لحظة فقط كالنيزك،وتضميني لتقتلي بيدِ نقائك البرد والوحدة والغربة؟!
أرجعيني الى رحمكِ،لا بأس،فظلامه هو نورٌ تعجز كل أنوار الأرض عن الإضاءةمثله.
كيف أنتِ يا أمي؟كيف هو الحال تحت الأرض؟هل توقفت أحلامكِ؟أريد فقط أن أعرف هل يمكن للميت أن يحلُم؟!
تعالي أو ناديني،فأن كنت لاتملكين جواز الدخول لعالمٍ أعيش فيه،فيمكن ببساطة أن تناديني وسيخترق صوتكِ الملائكي كل الحدود المشروعة وغير المشروعة.. كل الفضاءات،ولا تخافي فلن يسمعكِ سواي.ناديني ولا تفكري بتهيئةِ مكان لي،فرَحِمُكِ يتّسعُ لكلّي.
آه لو تعلمين يا أمي..
ابنتكِ الصغرى أصبح بِكراً بهمومها.. بغربتها..ووحشة الليالي الطويلة بسكونها وبردها الذي يفوق برد الموت. مع ذلك ما زلتُ تلك الطفلة التي خطّت أول كلماتها بعد مماتكِ معلنةً أن (الموت لم يُخلَق للأمهات)!!
تركتيني طفلة الفقر والجوع والخوف.كبرت وأصبح عمري ثلاثة وثلاثين جرحاً.. ثلاثة وثلاثين حرباً،وما زلتُ أنتظر السلام الذي لم أجده سوى في رحمكِ.
السماء تُمطركِ ..تُمطرُ قدسية ندائي وحاجتي لكِ..فلتأتِ أو لتدعيني لعالمكِ لنحتفل معاً بهذه الليلة التي أشاركِ في رسمِ معالمها وأختيار ألوانها،فأنا أشعرِ الآن بأنني سيدة السماء وبأنكِ آلهة المطر.. وأن هذه الليلة لن نقضي حتى نجتمعَ معاً ونتوحدُ معاً،وأنتمي لحضنكِ.. لوطني الذي فقدته مرّتين،مرّة برحيلك ومرّة حين دُنِّسَت أرضٌ تحوي جسدكِ الطاهر.
أحتاجكِ الليلة يا أمي..كفاكِ صمتاً،ناديني وسأسمعكِ وسأصرخُ معكِ صرخةًً ملء السماء، وسنُمطِر معاً لنثبت قانون الأجداد بأنَّ(المطرُ خير)!