آرهقني بحثي ، واربكني تيهي ، وانا ابحث عن عمل أغزله من خيوط الروح ، ثم اغلفه بشغاف القلب اصنع منه هدية امي ، لاقول لها في عيدها ، هاأنذا كافأتك اليوم في عيدك على امومة عمر .
وحين عجزت رحت ابحث عن كلمة حب ازينها بشريط وفاء واكتبها فوق غلاف البر واهديها اليها ، واشعر اني قدمت شيئاً لمن احبتني بصدق كل حياتي .
خذلني عجزي عن ان اجد عملاً او ان اقع على كلمة اهديها لامي :
امي التي احبتني من اول رؤية ، قبل ان تعرفني أوتعرف كيف سأكون ، وكيف ستجعلني الايام .
امي التي حين وقعت عيناها على وجهي القادم من عالم الغيب اول مرة ، نسيت كل ليالي وجع الحمل وساعات الم الوضع واحبتني وما سألت هل سابقى وفياً ام سأعق مع الايام .
امي التي رعتني حين قدمت الى هذي الدنيا وحيداً ابكي عجزي عن ان ارفع يدي احمي نفسي من اذى او ادفع عن نفسي الاعداء .
امي التي كانت حضن حنان دفأني حين خرجت الى هذه الدنيا وفاجأني برد الغربة ، وانا اعمى لا يعرف شيئاً ولا يعرف عمّا اذا كان حوله ليل او نهار !
امي التي اقلقها مرضي وحيرها مغصي وارقها بكائي وسهرها نكدي ، وبقيت دوما عيناً ترعى لا تنام الا بعد ان انام .
امي التي خدمتني بفرح وانا اعجز عن خدمة نفسي في ما لا يقبل ان يخدمني غيرها فيه و حفظتني من كل اذى وما يمكن ان يفعله عجزي وجهلي وقلة حيلتي بي.
امي التي ابكاها بكائي … افرحها فرحي … واقلقها قلقي … وان اغضبتها يوماً دعت لي الله ان يهديني .
امي ….و امك هل يكفي ان نحتفي بها ليوم واحد . ثم ننسى تاخذنا عنها مشاغل الحياة … ماذا بعد هذا اليوم … وماذا قبله ؟
اما كانت قبل العيد ، اما ترعى تعطي دون سؤال ، تضحي دون تردد ؟ وماذا بعد هذا العيد الن تبقى امي وامك ، القلب الادفأ والحب الاصدق والوفاء الابقى على مر الايام ، ايكفى يوم واحد نجعله عيداً لمثل هذا الانسان .
اي هدية تليق بامي وامك التي زين جبينها تاج الخالق عز وجل الذي قال لنا عنها في قرآن الحق لا تقل لها اف حتى وان اكرهتك على ما لا ترغب .
اي هدية نقدمها اكرم من ثلاثية رسول الصدق وهادي الناس امك … ثم امك …. ثم امك ، وهو عليه السلام ما رأى قولاً او فعلاً يكافأ وجع دقيقة وضع حين اتت بك الى هذه الدنيا .
اي هدية اكرم من ان يجعلها رب الكون الامين على خلقه وحاضنة الطفولة والاصدق في رعاية عباده بعده، والاكرم في العطاء بعد عطائه .
هل عرف العالم عظيماً او زعيماً او عالماً او اديباً لم تصنعه ام ذات يوم ، افي هذه الدنيا عزيمة اقوى وصبر ابقى وثبات اقوى من عزيمة وصبر ام ، اهناك بين صفات الخلق صفة انبل من امومة ام ، تفوح بعطر محبة وتنشر نسائم حنان وتبعث في حياة الابن امواج سلام .
تاه طريقي وانا ابحث عن ما اهدي امي ، فانا حين رايت عطاء الخالق فيها ونظرت الى ضياء الوجه الذي زينه الله تعالى بصدق امومتها ، سقطت من عيني كل هدايا الدنيا فهي دون نبيل عطاء الام وكمال تضحية الام ، فليس هناك هديه اعبر فيها عن حبي وتقديري ووفائي لامي . افتقد ابي الراحل هذا اليوم ، فلقد كان لماحاً شفاقاً بارعاً في التعبير عن تقدير امي في عيدها .
وكانت هدية ابو داود عند أمي الاعز وما كنا ندري اهي عزيزة لذاتها ، ام لانها من ابو داود .
زبدة القول ان الحياة احلى مع امي .
سهى حافظ داود طوقان