بعد ثلاثة أيام من المحاكمة في القضية التي عرفت باسم "قبو الرعب" ، اعترف النمساوي جوزيف فريتزل المتهم باحتجاز ابنته في قبو لعدة عقود واغتصابها وإنجاب سبعة أطفال منها ، بكافة التهم الموجهة إليه وهى العبودية والاغتصاب وسلب الحريات والاختطاف والاحتجاز والإهمال المفضي للوفاة .
ونقلت شبكة سي ان ان الإخبارية الأمريكية عن المتهم القول أمام قاضي محكمة سانت بويلتن غربي العاصمة النمساوية فيينا:"اعترف بذنبي بكافة التهم" ، وذلك في تراجع عن موقفه السابق الذي أصر خلاله على ارتكابه فقط تهم الاغتصاب والاحتجاز والسفاح ، نافيا تهمتي القتل والاستعباد .
وقال فريتزل إنه غير مسئول عن وفاة رضيع في 1996 في قبو المنزل العائلي في امشتيتن على بعد 130 كلم غرب فيينا، بعد يومين من ولادته لانه رفض نقله الى المستشفى لتلقي علاج من مشاكل في الجهاز التنفسي ، وتهمة القتل قد تعرضه لعقوبة السجن مدى الحياة.
كما نفى فريتزل تهمة الاستعباد التي قد تعرضه لعقوبة بالسجن تتراوح ما بين 10 و20 سنة وهي تهمة توجهها محكمة للمرة الأولى في النمسا ، ولا ينص قانون الجزاء النمساوي على دمج العقوبات وهو لا يبقي إلا على أقسى عقوبة.
وكانت تقارير صحفية أشارت إلى أن فريتزل يواجه تهمة قتل أحد أبنائه السبعة الذين أنجبهم من ابنته، التي لم تغادر القبو لمدة 24 عاماً، إلا أن المدعي العام غيرهارد سيدلاسك، قال إن المتهم لم يقم مثلما تردد بحرق جثة أحد أطفاله الذين أنجبتهم ابنته (43 عاماً)، ودفن رفاته داخل "قبو الرعب" ، وإنما هو تسبب بإهمال أدى إلى الوفاة ، حيث لم يطلب المساعدة الطبية لإنقاذ الطفل ميكائيل فرتيزل الذي توفي عقب ولادته مباشرة لنقص العناية الطبية.
وتوقع محامي المتهم رودلف ماير أن يواجه فريتزل في حال إدانته بتهم القتل والاستعباد وسفاح القربى والاغتصاب والحرمان من الحرية عقوبة المؤبد، حيث تحظر النمسا عقوبة الإعدام.
وشهادة ابنته المسجلة ستكون الوحيدة للضحايا التي سيستند إليها المحلفون ليقرروا ما إذا كان فريتزل مذنبا أو بريئا ، وذلك بعد أن رفض أفراد أسرته الادلاء بشهاداتهم بمن فيهم زوجته كما يجيز لهم قانون الجزاء النمساوي.
وكانت ابنته قد روت في الشهادة المسجلة "المعاناة التي لا يمكن تصورها" التي فرضها عليها والدها الذي كان يستخدمها "كدمية" بحسب عبارة المدعية كريستين بوركهايزر.
ومن جانبه ، كشف المتحدث باسم محكمة الجنايات فرانز كوتكا أن الخبيرة في الامراض النفسية ادلهايد كاستنر عرضت وجهة نظرها في اليوم الثاني من المحاكمة ، وخلصت إلى أن فريتزل مسئول قانونا عن أفعاله ، لكنه يعاني أيضا من مشاكل في شخصيته ، وقد يلعب تقريرها دورا حاسما في الحكم الذي يتوقع أن يصدر في 19 أو 20 مارس .
أسوأ جريمة بأوروبا
وكانت التحقيقات في القضية التي شغلت الرأي العام العالمي كثيراً، قد كشفت أن فريتزل بدأ في اغتصاب ابنته إليزابيث، بينما كانت في الحادية عشرة من عمرها، وفي العام التالي بدأ في بناء قبو تحت منزله، حيث احتجزها فيه وهي في عمر الثامنة عشرة، وقام باغتصابها وأنجب منها سبعة أبناء.
وتبنى فريتزل وزوجته روزماري، ثلاثة من الأولاد الذين أنجبهم من ابنته، بينما ظل ثلاثة آخرون محتجزين في القبو مع والدتهم، ولم يخرج أي منهم إلى النور منذ ولادتهم، إلى أن تم الكشف عن هذه الجريمة البشعة التي وصفت بالأسوأ من نوعها في أوروبا أواخر إبريل 2008 .
وأعلنت الشرطة النمساوية أن فريتزل، وهو مهندس ميكانيكي سابق، قام بتجهيز قبو منزله ليكون سجناً لابنته، مشيرة إلى أن القبو كان مزوداً بمواد عازلة للصوت، وباب معدني يتم فتحه وإغلاقه إلكترونياً عن طريق "كلمة سر" لا يعرفها سواه.
وقال فرانز بولز، ضابط أمن في بلدة "أمستيتن"، حيث حدثت الواقعة: "هذا الرجل عاش حياة مزدوجة لأربعة وعشرين عاماً، لدية زوجة وسبعة أطفال منها، ولديه عائلة أخرى من ابنته، التي أنجب منها سبعة أطفال آخرين".
وبعد اكتشاف جريمته، أقر فريتزل بأنه "ارتكب أعمالاً خاطئة"، وقال في ملاحظات مكتوبة كشف عنها محاميه رودلف ماير: "أعرف أن ما قمت بارتكابه طوال الـ24 عاماً الماضية، لم يكن صحيحاً، وإنني كنت مجنوناً لأقوم بارتكاب مثل هذه الأمور" ، وقال إنه كان يهتم كثيراً لأمر أسرته التي كانت تعيش داخل القبو، حيث كان يزودهم دائماً بالزهور والكتب والألعاب.
عقدة نفسية
وكشفت طبيبته النفسية أنه يعاني من عقدة نفسية قد تكون مرتبطة بأمه، مشيرة إلى أنه اعترف في أواخر أكتوبر الماضي بأنه قام باحتجاز والدته لعدة سنوات في غرفة "مظلمة" داخل المنزل حتى وفاتها، انتقاماً منها لسوء معاملتها له.
ومازالت سلطات التحقيق تبذل جهوداً مضنية للبحث عن أدلة على تقارير أشارت إلى تورط فريتزل في قضية "تحرش جنسي" في ستينيات القرن الماضي، حيث تتخلص الشرطة من سجلات الجرائم المحفوظة لديها بعد فترة محددة، بحسب القوانين المعمول بها في النمسا ، كما أشارت تقارير أخرى إلى أن سلطات التحقيق تبحث عن أدلة حول "مزاعم" تفيد بتورط فريتزل في جريمة قتل امرأة قبل أكثر من 20 عاماً، لم يتم كشف غموضها إلى الآن.