حرب أكتوبر من الوثائق السرية الأمريكية – الحلقة الـ 32
للمرة الخامسة أو السادسة يرسل الزعيم السوفييتي رسالة شديد اللهجة للرئيس الأمريكي نيكسون بسبب استمرار إسرائيل في الهجوم على القوات المصرية شرق وغرب القناة برغم صدور القرار الثاني من مجلس الأمن لوقف جميع العمليات العسكرية. في هذه المرة طلب بريجينيف من نيكسون خطوات محددة تقوم بها الولايات المتحدة لإلزام إسرائيل بالالتزام بوقف إطلاق النار. وقد رد الرئيس الأمريكي برسالة فيها مجموعة من الإجراءات والخطوات التي تضمن إلتزام إسرائيل الكامل والفوري بوقف إطلاق النار. وبرغم كل هذا فقد تبين بعد ذلك بساعات أن إسرائيل مستمرة في عملياتها العسكرية بحثا عن نصر سياسي وإعلامي بسقوط إحدى مدن القناة في أيديها.
ما الذي كان يجري بالتحديد على الجبهة المصرية شرق وغرب القناة ؟
إذا رجعنا إلى الوراء قليلا صباح يوم 18 أكتوبر ، وكانت القوات الإسرائيلية التي أحدثت الثغرة وعبرت إلى الجانب الغربي من القناة وبدأت تصلها الإمدادات العسكرية عبر رأس الجسر التي أقامته ، أصبحت هذه الثغرة لها أبعاد سياسية وإعلامية ، فقامت القيادة المصرية بتكليف قائد الفرقة 23 المشاة الآلية، اللواء 23 المدرع، فور وصوله من شرق القاهرة، بالهجوم على منطقة أبو سلطان وتدمير العدو بها، وفوجئ قائد اللواء 23 مدرع، بمجموعتين عمليات تتصديان له، لتدمير معظم دبابات اللواء، ولتلحق بكتيبة المقدمة التي دفعت قبله بوقت قصير.
أمر قائد الجيش الثاني الميداني، بتصفية القوات الإسرائيلية شرقاً وغرباً في وقت واحد، ووضع تحت قيادة رئيس أركان الجيش الفريق سعد الدين الشاذلي ـ والذي كان يدير القتال في رأس الكوبري الموحد للجيش في الشرق ـ الفرقة 16 المشاة، والفرقة 21 المدرعة من قوات الشرق، والفرقة 23 مشاة آلية وما تبقى من اللواء 23 مدرع، وما تبقى من اللواء 116 مشاة آلية، وكتيبة المظلات من قوات الغرب.
ولكن حدث ظهر يوم 18 أكتوبر، وقبل بدء الهجوم المضاد بدقائق أن تعرض رأس كوبري الجيش الثاني لهجمات جوية مكثفة، أعقبها قصف مدفعي بعيد المدى وأصيب قائد الفرقة 16 المشاة ونقل إلى مستشفيات القاعدة. وأثر القصف الجوي والمدفعي على وحدات المشاة الآلية المكلفة بمهاجمة قرية الجلاء لاستردادها، كما تعرضت دبابات اللواء الأول المدرع، من الفرقة 21 مدرعة، لنيران الدبابات الإسرائيلية التي هاجمته من الشرق والجنوب، وتعرض كذلك لنيران دبابات أخرى من غرب القناة، وتدمر ما بقي منه، وتقلص عدد دباباته إلى 9 دبابات فقط، واضطر قائد الجيش إلى
سحب باقي اللواء 24 مدرع من الفرقة الثانية، وضمه على الفرقة 21 مدرعة، حيث قام بالهجوم، مع باقي دبابات الفرقة 21، والفرقة 16، إلا أنهم قوبلوا بهجوم متفوق لدبابات العدو أجبرهم على التوقف لصده، وازداد انكماش مواقع الفرقة 16.
في الغرب كان اللواء 23 مدرع قد دمر،وأصيب قائده، واجتاحت الدبابات الإسرائيلية مواقع اللواء 116 مشاة آلية الضعيفة، واضطر قائد الجيش الثاني الميداني للدفع بباقي لواء المظلات الرقم 182 في نفس اليوم، وذلك مثل له مشكلتين كبيرتين : ظروف القتال الصعبة، والمهام الغير معتاد عليها.
أما الظروف الصعبة: فقد تمثلت في عدم قدرة قائد الجيش على التحديد الدقيق حجم العدو وأوضاعه وفكرة أعماله القتالية، وهي معلومات ضرورية كحد أدنى لينفذ المهام المكلف بها، كذلك لم تكن هناك معلومات عن عناصر الجيش الثاني الميداني نفسه، والتي سيتعاون معها اللواء 182 مظلات المصري، أين مكانها؟ وما هي قدراتها؟ ما هي الأعمال القتالية القائمة بها؟. أما المهام التي كلف اللواء المظلي (دون الكتيبة 85 مظلية، والتي اشتركت من قبل، ويظن قائد الجيش إنها "قد تكون شمالاً غرب مطار الدفرسوار") فقد حددها قائد الجيش في خمس نقاط:
تأمين الساتر الترابي الغربي ما بين جبل مريم والدفرسوار، ومنع القوات الإسرائيلية من احتلالها، ومعاونة قواتنا في الشرق منها.
منع القوات الإسرائيلية من توسيع الاختراق في الدفرسوار، وتطهير منطقة الدفرسوار من أي قوات إسرائيلية.
الاستعداد لتكوين مجموعات قنص دبابات، لتدمير الدبابات الإسرائيلية في رأس الكوبري الإسرائيلي.
تأمين المعابر في سرابيوم، ومنع القوات الإسرائيلية من الوصول إليها، وصدها وتدميرها.
السيطرة على المنطقة من جنوب الإسماعيلية، وحتى مطار الدفرسوار شرقاً، والطريق الموازي للترعة الحلوة غرباً. مع التركيز على تقاطعات الطرق، والمدقات والهيئات الحاكمة والمخاضات.
وقد تمكنت الكتيبتان المظليتان، التي يتكون منهما قوة اللواء، من تنفيذ المهام الموكلة إليهم، خاصة تأمين الساتر الترابي والمعابر، وتعرضا لهجمات من الدبابات الإسرائيلية أمكن صدها، بخسائر طفيفة نسبياً.
وفيما بعد صدر البيان العسكري رقم (53):
التاريخ: 21/10/1973
سعت : 2058
الصادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة
"بسم الله الرحمن الرحيم
دارت طوال اليوم أضخم وأعنف المعارك بين تشكيلاتنا البرية وقوات العدو شرق القناة وفي منطقة الدفرزوار وقد سيطرت قواتنا على هذه المعارك بثبات وثقة وكبدت العدو خسائر كبيرة في معداته وأفراده.
كما قامت قواتنا بعدد من الهجمات المضادة ضمت بعدها أجزاء جديدة من الأرض شرق القناة وتمكنت من أسر عدد من أطقم الدبابات المعادية وتقدر خسائر العدو في هذه المعارك طوال اليوم وحتى سعت إعداد هذا البيان بما
: