حملته في بطنها تسعة أشهر، واحتضنته بروحها تسعة أشهر، لتكتشف أن زوجها قد باعه بمبلغ 300 دولار، فانتحرت، المصادر الرسمية تعترف أن خمسة عشر طفلاًعراقياً يباع كل شهر، وسبق أن عُلّق شرف المرأة العربية العراقية على خطاف الجزارين، تحت سمع وبصر كل قادة الأمة العربية، فلماذا يعاقب العراق، وتستنزف عقول مواطنيه قتلاً، أو اختطافاً، أو تهجيراً كما جاء في كتاب "محنة أمة" للمؤلف أحمد سعيد تاج الدين؟ وماذا يريدون من العراق، ومن الأمة العربية بشكل عام؟ ولاسيما أن ذكر العرب لم يرد على لسان الرئيس الأمريكي "أوباما" مطلقاً، وهو يسترجع أمجاد تركيا، ويشيد بمكانتها، ويمجد إيران وماضيها، وحاضرها، ودورها المستقبلي، وتناسى أن في الشرق أمة عربية كانت حاضنة الإسلام؟ وكأن ما ينتظر العرب هو مزيد من التقسيم، وتقاسم مصيرهم بين الدول؟
يرى مؤلف الكتاب أن فكرة تقسيم العراق تعود لأكثر من نصف قرن، ولا ترتبط بنتائج الحرب التي تقودها الولايات المتحدة، ويقول: "إن المنطقة العربية بما في ذلك مصر والسودان والسعودية وضعت في ثمانينيات القرن العشرين في إطار خطة شاملة لتقسيمها إلى كيانات عرقية، وقومية، ودينية، وطائفية بحيث تكون إسرائيل الدولة الأهم في المنطقة". إن تقسيم العراق فكرة ليست جديدة بل "طرحت منذ عام 1957 حين نشر الصحفي الهندي "كرانجيا" كتابا بعنوان "خنجر إسرائيل" وتضمن وثيقة سرية إسرائيلية عن خطة عسكرية تهدف لإقامة إسرائيل الكبرى من نهر النيل إلى الفرات، وتقضي الخطة بتقسيم سوريا إلى ثلاث دويلات درزية وعلوية وعربية سنية، وتقسيم لبنان إلى دولتين مارونية وشيعية".
ما يمكن إضافته في هذا المجال؛ أن "راجيه جارودي" في كتابه الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية طبعة 1996، صفحة 181، ينقل عن مجلة "كيفونيم" ـ وأترجمها إلى العربية بمعنى "اتجاهات" ـ تفاصيل خطة تقسيم البلاد العربية، ومن ضمنها مصر، وتعتبر الخطة أن تشكيل دولة قبطية في صعيد مصر هو مفتاح الحل لتطور تاريخي تأخر اليوم بسبب اتفاق السلام، ولكن لا بد منه على المدى الطويل. وما دفعني إلى الاستشهاد بهذه الجزيئية بالذات من الخطة؛ ما نشر أخيراً عن تشكيل "المجلس القبطي الدولي" بقيادة "مايكل منير" زعيم "منظمة أقباط الولايات المتحدة" وما يجري في مصر اليوم من تحريض طائفي يقرع أمام الشعب المصري الأجراس.
من حق اليهودي في الدولة العبرية أن يحلم، وأن يتمنى جسد العربي سماداً لشجره، وأن يكون أطفال العرب علفاً لحيوانه، من حقه ذلك، ولكن ليس من حق القادة والسياسيين العرب الانتظار حتى يتحقق الحلم اليهودي، وليس من واجب الشعوب العربية أن تنتظر، وأن تصمت حتى يزحف عليهم الموت، إن من يسكت على ذبح غزة، وذبح العراق، ويرى السكين تشحذ للسودان، عليه أن يعرف أنه واقف على الدور، وأن الدماء التي نشفت في عروق أطفال العراق حتماً ستنزف مذلةً في كل عواصم العرب عاجلاً أم آجلاً، ولكل عنق عربية سكين.