المخيف فى حرق بيوت البهائيين فى قرية الشورانية بسوهاج أن بعض المسلمين اعتبروا أن القرية ملكا لهم وحدهم لأنهم مسلمون، وبالتالى فمن حقهم أن يطردوا من لا تعجبهم أفكاره أو معتقده الدينى، وهذا لا يتنافى فقط مع القوانين ومع الدستور، بل ومع كل الأديان وعلى رأسها الدين الإسلامى نفسه «لا إكراه فى الدين»، «من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر».
فمصر وطن لكل المصريين أيا كانت أفكارهم ومعتقداتهم الدينية، بل ووطن أى مصرى ملحد.. لماذا؟.
لأننا لو استندنا إلى هذه القاعدة الفاسدة، فستجد من يطالب بعد قليل بطرد المسيحيين، بل ويمكن أن تجد من بين المسيحيين من يعتبر البلد وطنه هو وحده وليس وطن الغزاة العرب الذين استعمروا مصر، وبالتالى لابد من إعادة الأحفاد إلى موطن أجدادهم فى الجزيرة العربية.
والخطير أن الأمر لن يتوقف عند هذا الحد، ولكن من المؤكد أنه سيصل حتما إلى أن يطالب البعض بطرد المسلمين الشيعة أو المتصوفين باعتبارهم، كما نقرأ فى بعض الكتابات، خارجين عن الملة، بل سيصل الأمر حتما إلى أن يكفر حتى أهل السنة بعضهم بعضاً، فكل واحد يرى أنه الوحيد الذى يفهم الإسلام والوحيد الذى من حقه أن يطبقه بالطريقة التى يراها. وهذا يعنى بوضوح تفتيت البلد وتحويله إلى ساحة حرب أهلية.
والحل:
الانطلاق من أن الأديان بطبيعتها، سماوية أو أرضية، لا تعترف ببعضها البعض، ومن ثم لا مجال للمناظرات فى العقائد، فكل إنسان من حقه أن يقتنع بما يشاء.
فالله جل علاه لو أراد أن يجعل كل البشر يؤمنون بدين واحد لفعل، ولكنه أراد أن يكون الناس مختلفين فى الطباع والأفكار والأديان، بل وحتى فى لون البشرة، بل وترك سبحانه وتعالى من لا يعترفون بوجوده.. فإذا كانت هذه إرادة الله، فكيف يخالفها بشر يريدون بالإجبار والإكراه أن يفرضوا على غيرهم ما يعتقدون أنه الصحيح.
المصيبة أعظم من حرق عدة بيوت وطرد أهلها، فالبلد مهدد بحروب أهلية، ومن ثم فالتصدى للدفاع عن حق بعض المصريين فى أن يختاروا دينهم، هو دفاع عن حق كل المصريين، يعنى أنا وأنت، فى أن يعيشوا فى وطنهم دون خوف وبحرية كاملة