منذ الآن وحتى 2011 ستسير الأمور على هوى النظام الحاكم، ومن بعد 2011 ستبقى الأمور سائرة على هوى النظام الحاكم مع وجود بعض المناوشات التى تضفى على الحياة مزيدا من الطراوة السياسية.. النتيجة السابقة ليست متشائمة فقط، لأنها نتاج معادلة بدأت فى 2005 بحاصل جمع نشاط حزبى بقيادة حزب الغد، واكتساح إخوانى للبرلمان، وسيطرة ميدانية لحركات التغيير سواء كانت «كفاية» أو أحد روافدها، مع حماس طلابى مضافا إليه عودة على استحياء للاشتراكيين الثوريين، مخلوطا بصحوة عمالية، وانتفاضة قضائية أخذت اللمسة الشعبية، حاصل جمع كل هذه الأطراف كان مقسوما على طرف واحد فقط هو النظام السياسى، وبالتالى كانت النتيجة المتوقعة لتلك المعادلة هى سقوط نظام الربع قرن أو على الأقل استجابته لضغوط الشعب ومطالب الإصلاح.
وحينما تأخر ظهور النتيجة قلنا إن هذا النوع من المعادلات معروف بتعقيداته وحاجته لمزيد من الوقت حتى نصل إلى النتيجة.. ومع ذلك كنا مطمئنين أنها ستأتى لصالحنا فى النهاية مهما تأخرت.
كحكة حمراء.. هل تذكرونها حينما كانت تزين شهادات الفاشلين كل آخر شهر فى المدرسة، هذا هو كل ما جاءت به النتيجة إلينا، صفر كبير أكبر من صفر المونديال.. خسرنا نحن وربح النظام الحاكم دون أن ننتبه أننا على مدار السنوات الثلاث الماضية كنا نخسر جبهة قتال كل فترة دون أن نقيم لها أى سرادق عزاء.
نجح النظام الحاكم بشكل ساحق فى تجفيف المنابع التى كانت تأتى منها هتافات التغيير، واشترى من البامبرز السياسى ما يكفى لامتصاص كل إفرازات جبهات المعارضة، ثم بدأ مرحلة قطع الرأس مطيحا برأس أيمن نور وحزبه، ومن بعده 40 من أبرز وأخطر وأنشط قيادات الإخوان، وسلم اتحادات الطلبة للحزب الوطنى، وبوابات الجامعة لوزارة الداخلية، وقرأ الفاتحة على روح «كفاية» أمام ضريحها بميدان التحرير، وشغل العمال بالعلاوات وبدلات التغذية والتهديد بالحرق والضرب مثلما فعل مع عمال المحلة، ثم طرح القضاة أرضا ووضع مفتاح نادى قضاة القاهرة فى جيبه، وأجبر قضاة تيار الاستقلال فى الإسكندرية على التنازل عن خوض الانتخابات بعد حيلة غير قانونية بارعة، وكتم أنفاس الناس بالأسعار ونيرانها.. برافو هل تملك رد فعل آخر لتلك المهارة الفائقة فى تقليم الأظافر؟.
هل يملك النظام كل هذا الجبروت الذى يجعله قادراً على تجفيف منابع رفضه خلال ثلاث سنوات فقط؟ قطعا الإجابة ستكون بلا، ولكن جبهات معارضة النظام هى التى كانت تملك كل الأمراض اللازمة لرحيلها سريعا، قبل أن تحدث أثرا ملموساً، كل سقوط لحق بجبهة معارضة فى مصر بداية من الأحزاب وانتهاء بتيار الاستقلال القضائى، بدأ من داخلها، وإلا بماذا تفسر قرار المستشار مكى الأحد الماضى بالتنازل عن خوض انتخابات نادى قضاة الإسكندرية بحجة مخالفة الدولة للقانون، وتصريحه بأنه سيلجأ لرفع دعوى قضائية رداً على ذلك، صحيح أن الدولة جعلت من أحد قضاتها مشرفا على الانتخابات بشكل يشكك فى نزاهتها، ولكن صحيح أيضا أن المستشار مكى يعلم من داخله أن خوض المعركة بضراوة، أفيد وأفضل مليون مرة من تنازل بلا نتيجة، ودعوى مصيرها حبال المحاكم الطويلة..
على نفس المنوال غزل قادة «كفاية» مشهد نهايتها بأخطاء تنظيمية ساذجة، وغزل الإخوان مشهد هدوئهم بشئون داخلية ترفع راية تنظيمهم أعلى من راية مستقبل الوطن، ولم يتبق فى الشارع سوى مجموعة شباب 6 أبريل بعشوائيتهم وحماستهم التى لا تقل كثيراً عن حماستك وحماستى وحماسة ربات البيوت التى تنتهى دائما مع أول هتاف فى الشارع، أو أول ظرف طارئ شخصى يأخذ الإنسان بعيداً عن القضية الأساسية.. مستقبل هذا الوطن!.