المتغيرات فى الثوابت فى الوطن أحيانا ما تخلق لنا نوعاً من التباين, والتناقض. وبنظرة تحليلية إلى ما صار إليه حالنا خلال عدة عقود من الزمن فسنجد أن الحظ حالف جيلاً من أبناء مصر, ونجد أن النحس صاحب جيلاً آخر.
نعم نعترف بأن جيلنا نحن كان الأوفر حظاً والأسعد من الجيل الذى بدأ يستنشق عبير الحياة بعد حرب 1973.
نعم نعترف بأننا عشنا أحلى أيامنا بالرغم من لحظات الانكسار وصاحبها لحظات الانتصار, عشنا ثراء التجربة فأصبحت حياتنا ثرية بكل المفاهيم والمبادئ والقيم والوطنية والولاء والانتماء. نعترف أيضاً بأن هناك أخطاء فى تلك التجربة، وسواء كانت سلباً أم إيجاباً، لكن فى النهاية أثرت فينا دفعاً للأمام ولم يكن تراجعاً للخلف.
جيل عاش أحداثاً وطنية وحروباً كثيرة، لم تكن عسكرية فقط، ولكن حروب تنموية فى المجتمع المصرى، وقد أتت ثمارها فى مراعاة البعد الاجتماعى. جيل عاش تأميم قناة السويس, وعاش بناء السد العالى, جيل تعلم ممارسة السياسة فى المدارس والجامعات حتى ولو من خلال هيئة التحرير والاتحاد الاشتراكى ومنظمات الشباب، لكن المهم أننا مارسناها بقدر ما .جيل أسعد حظاً فى عدم تعرضه للبطالة، ولم تكن للمشكلة العقارية أى تأثير، فالوحدات السكنية قد توافرت سواء عن طريق الدولة أوعن طريق أصحاب الأراضى فى ذاك الوقت. نعم، ونحن بقدر ضعف المرتبات عشنا مرحلة جميلة من الحياة وحصلنا على حقنا, ربما نحن ندفع الثمن, ولكنه وكما يقول أحد الكتاب بأن الشر يسود ويسيطرعلى المجتمع لأن الطيبين وقفوا مكتوفى الأيدى. ونحن الطيبون عشنا مقيدى الأيدى والأرجل خوفاً على مستقبل أولادنا وحياتهم ولم نتحرر منه. بل أصبح الغد هو الشغل الشاغل لنا, فاهتزت القيم الدينية لدينا وخشينا على رزق الغد مع علمنا بأن الله هو الرازق وما هو مقدر علينا سوف يكون، فركنا إلى الحياة الدنيا واستبد بنا الخوف ولم نحاول أن ندافع عن مستقبل الأجيال القادمة وكأن الأمر لا يعنينا.
نعم نحن جيل أسعد وأوفر حظاً , لكن صفحات التاريخ سوف تلعننا أيضاً للتفريط فى حقوق الأجيال القادمة.
أما الجيل المنحوس فأنتم جميعاً تعرفونه بل تضمونه بمنازلكم، حيث لا حرية ولا فرصة فى العمل ولا الانتماء، بل فقدوا الإيمان بأنفسهم وفقدوا الثقة بمستقبلهم، فأصبح السواد والظلمة هى عنوان مستقبلهم. واستسلموا لقضائهم، لكن أيضا سوف تلعنهم كتب التاريخ لأنهم لم يحاربوا من أجل حقهم.
ففى النهاية سواء كان هناك جيل محظوظ وجيل منحوس فسوف نتساوى أمام صفحات التاريخ من حيث اللعنات. المحظوظ والمنحوس