الموقع الرسمى لجريدة الامة الالكترونية
الموقع الرسمى لجريدة الامة الالكترونية
الموقع الرسمى لجريدة الامة الالكترونية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الموقع الرسمى لجريدة الامة الالكترونية

صحيفة- يومية-سياسية -ثقافية-رياضية-جامعة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابة*البوابة*  أحدث الصورأحدث الصور  دخولدخول  التسجيلالتسجيل  

 

 الحقيقة المرة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
احمد شعلان

احمد شعلان


ذكر
عدد الرسائل : 17047
الموقع : جريدة الامة
تاريخ التسجيل : 24/09/2008

الحقيقة المرة Empty
مُساهمةموضوع: الحقيقة المرة   الحقيقة المرة Icon_minitimeالجمعة 17 أبريل 2009 - 10:57

قبل أيام توقفت مصادفة وأنا أتنقل بين المحطات التليفزيونية عند برنامج على قناة "نايل دراما" بعنوان "فلاش" مقدمة البرنامج شابة مصرية، لكن مظهرها وملبسها وطريقة كلامها توحي بأنها تريد أن تبدو بمظهر غربي، ربما لكي تساير الفقرات الأفرنجية التي يحويها برنامجها، أو ربما لاعتقادها بأن "استايل" بعض المذيعات اللبنانيات هو الأفضل أو الأكثر جاذبية.
المهم، كانت هناك فقرة عن جوائز الأوسكار، وإذا بمقدمة البرنامج تبشرنا بلقاء مع الشخص الذي يصنُع تماثيل الأوسكار. وبالطبع اللقاء مأخوذ من محطة أو شركة أخرى، فهو ليس حصريا أو مقصورا على قناة "نايل دراما". بدأ الرجل في الحديث بإنجليزية ركيكة وفي يده أحد التماثيل الصغيرة، وانتظرت لكي أرى الترجمة أسفل الشاشة، أو ما يسمى في الإنجليزية Subtitle ولكن دون جدوى ، كان الرجل عاملا بسيطا من أصل لاتيني مثل كثيرين ممن هاجروا من أمريكا الجنوبية إلى الولايات المتحدة واستقروا فيها، وإنجليزيته ركيكة للغاية يصعب متابعتها حتى لمن يتقن اللغة الإنجليزية ثم تلا هذه الفقرة فقرة أخرى لسيدة أمريكية تتحدث بطلاقة ولكن أيضا دون ترجمة.
تعجبت كثيرا من هذا الإخراج التليفزيوني الغريب غير المتقن وقفزت إلى ذهني عبارة "عجبت لك يازمن" التي كان يستخدمها الممثل الكوميدي الراحل محمد رضا ضمن بعض عباراته التمثيلية الشهيرة إذ كيف يسمح القائمون على البرنامج، سواء كان مخرجا أو معدا أو مقدما بعرض لقاءين بالإنجليزية، أحدهما ركيك دون أن تصاحبهما ترجمة هل هو مجرد ملء فقرات أو تعبئة شرائط أم هو استهتار بالمشاهد المفترض أن المشاهد مصري عربي، والبرنامج مبث من محطة عربية وليست أجنبية، ومن ثم فغالبية المشاهدين ينتظرون أن يفهموا الفقرات بلغتهم الأم، العربية.
ثم سرح بي الخيال أو فلنقل "التعجب" إلى اسم المحطة نفسها فلماذا تم تغيير الاسم من "النيل للدراما" إلى "نايل دراما"؟ ليس هذا فقط، بل رحنا نسمع أيضا عن "نايل سبورتس" و "نايل لايف" وأخواتهما. ما العيب أن يكون اسم المحطة "النيل للرياضة"؟ لماذا نتخلى عن واحد من أجمل الأسماء التي نفخر بها وتربطنا بتراب هذه الأمة، ألا وهو "النيل" لنضع مكانه اسما أجنبيا هو"نايل Nile". لماذا نسعى إلى الاعتداء على لغتنا تحت دعوى التحديث؟ تذكرت وأنا أسرح بأسئلتي مقالا كتبه الدكتور محمد عبد المطلب في أخبار الأدب قبل أسابيع يرى أن التحديث أمر مطلوب، لكن هذا النوع من التحديث هو مجرد رطانة وتغريب وعدوان على اللغة دون مبرر. وتذكرت كلماته عن برامج إذاعية تحمل الآن أسماء "شوبنج" و "راندفو" وكأن "تسوق" و "موعد" أثقل في النطق وأكثر إزعاجا للأذن.
تذكرت أيضا كيف أن المذيع اللامع أحمد فوزي عندما كان يقدم برنامجه المسموع في إذاعة الشرق الأوسط في السبعينات وأوائل الثمانينات كان يسميه "الشارع الغربي" وكانت به فقرة بعنوان "حارة الذكريات". ذلك لأنه كان يقدمه من إذاعة ناطقة بالعربية رغم أن كل الأغاني التي يضمها البرنامج كانت بلغات أجنبية. لكن إذا افترضنا أن نفس البرنامج قدمه أحمد فوزي في البرنامج الأوروبي مثلا فإنه كان سيحمل عنوانا أجنبيا، إنجليزيا في أغلب الظن كـ "ويسترن ستريت" على سبيل المثال. كان البرنامج ذائع الصيت رغم أنه يحمل اسما عربيا، ورغم أن صاحبه من أكثر من يتقنون الإنجليزية.
وكنا في إذاعة الشباب والرياضة نقدم برنامجا يسمى "Let us all chant دعونا نغني" كنا نقولها باللغتين الإنجليزية والعربية.
تساءلت أيضا لماذا نسعى إلى إقحام بعض الكلمات الأجنبية في كلماتنا، حتى لو نطقناها خطأ. هل هي محاولة للتعالي على الآخرين أو إيهامهم بمكانة اجتماعية أرفع منهم؟، هل هي عقدة الخواجة؟
لا أدري. كنت أشاهد حديثا بعض حلقات مسلسل "حارة العوانس". ورغم كل الاحترام للفنانة ماجدة زكي، إلا أن نطقها للكلمات الإنجليزية لم يحالفه التوفيق على الإطلاق، مع أنها كانت تجسد دور سيدة جاءت من أمريكا وتعد رسالة الدكتوراة. وهذه فرصة أيضا كي أناشد مخرجي المسلسلات أن يتحروا الدقة عند التعامل مع أسماء أو عبارات أجنبية في مسلسلاتهم، وأن يأتوا بخبراء في اللغة ونطق الحروف حتى نتبين الفرق بين كلمة Park التي تعني موقف السيارة وكلمة Bark التي تعني نباح الكلب.
وأخذتني أسئلتي إلى مقال رائع كتبه الدكتور سعيد اسماعيل علي الشهر الماضي في صحيفة (المصريون) بعنوان: ما الذي جرى للتعليم الأجنبي في مصر؟ تحدث الكاتب عن الآثار السلبية لعودة اللغة الإنجليزية كي تكون هي لغة التعليم حيث يرى أن ذلك هو بدء الانقطاع بين الأجيال الجديدة وبين موروثا الثقافي إذ تحولت اللغة العربية وكأنها لغة هيروغليفية أو لاتينية قديمة، وأن ذلك من أقوى الأسباب التي جعلت الأجيال الجديدة تنصرف تماما عن القراءة لطه حسين والعقاد والمنفلوطي وزكي نجيب محمود وأحمد أمين ولطفي السيد، وغيرهم من عظماء الفكر والثقافة. وتعجب الكاتب كيف أن مدرس اللغة العربية أصبح يلقب الآن أحيانا بكلمة "مستر" بدلا من "أستاذ" أو "شيخ".
لا اعتراض لأحد بالطبع على تعلم اللغات الأجنبية، بل بالعكس هذا شيئ مطلوب وضروري للغاية، ولكن الاعتراض هو على تجاهل اللغة العربية واستخدام المفردات الإنجليزية أو الفرنسية بدلا من المفردات العربية، خاصة في وسائـل الإعلام. لقد حلت الأرقام الأجنبية محل الأرقام العربية في كل مكان. وأصبحت أسماء مراكز التسوق ولافتات المحال التجارية والإيصالات التي تحصل عليها من تلك المحال تحمل أرقاما أجنبية، وصارت خطابات البنوك الخاصة الوطنية المصرية مكتوبة باللغة الإنجليزية.
الأدهى من ذلك أن الحصول على وظيفة بات الآن مقرونا بما إذا كنت قد درست في مدرسة أجنبية أو حكومية وما إذا كنت قد تخرجت في جامعة خاصة أو عامة.
لقد تخرجت في كلية الألسن قبل أكثر من ثلاثين عاما، وتعلمت أصول الترجمة. وكانت دراسة اللغة العربية أمرا بالغ الأهمية لأنه بدون لغة عربية سليمة، لن تكون مترجما جيدا. كان كل الأساتذة يجمعون بين إتقان اللغة الأجنبية والتمكن التام من اللغة العربية، بل كان بعضهم أديبا وشاعرا. ودرسنا على يد الدكتور عبد السميع محمد أحمد عميد الكلية آنذاك رحمه الله أصول المعاجم، كما درسنا الأدب والبلاغة والشعر العربي. عرفنا كيف نتذوق اللغة العربية ونحب اللغة الأجنبية التي ندرسها. ولا أدل على أهمية اللغة العربية من قيام رئيسة قسم اللغة الروسية سابقا الدكتورة سمية عفيفي رحمها الله بترجمة معاني القرآن الكريم من العربية إلى الروسية، ولولا إتقانها للغتين معا، مااستطاعت أن تحقق هذا الإنجاز الضخم.
العجيب أن تعلم اللغة العربية أصبح صيحة الآن في الولايات المتحدة وأوروبا والصين واليابان وإسرائيل، فقد أدركوا أهمية العربية في التعامل مع المنطقة، وتزايد بشكل ملحوظ عدد الطلاب الذين يدرسون العربية في تلك الدول. أدركوا أنهم بحاجة إلى أعداد كبيرة من المترجمين إلى العربية وبالعكس. أما نحن فنتخلى طواعية عن واحدة من أجمل لغات العالم وأكثرها ثراء. ونتخلى بالتالي عن فرص قد يتيحها إتقان اللغتين معا، العربية والأجنبية.
تعلم اللغة الأجنبية وإتقانها ليس شكلا أو مظهرا اجتماعيا سطحيا، إنه أمر مهم لكي نتواصل مع العالم، نستقي منه وننقل إليه. نستزيد من معرفته وعلومه، ونعرّفه بثقافتنا وعلومنا. لقد أدرك ذلك رفاعة رافع الطهطاوي في القرن التاسع عشر. وفي القرن العشرين تحدث العقاد في كتاب له عن أثر الحضارة العربية على الغرب.

هذه صرخة متكررة إلى وسائل الإعلام، مسموعة ومرئية ومقروءة، أن انتبهوا إلى الخطر المحدق إذا استمر العدوان على اللغة العربية .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alomah.yoo7.com
 
الحقيقة المرة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الموقع الرسمى لجريدة الامة الالكترونية :: جريدة الأمة :: أخبار ممنوعة اعداد عسكرية عبد العاطى-
انتقل الى: