ما حكم قراءة الروايات القصصية التي يدور معظمها حول الحب والعاطفة والغرام، كالروايات المسماة "روايات عبير" أو "روايات أحلام"؟ مع العلم أن معظم هذه الروايات عبارة عن ترجمة لروايات أجنبية تصور الحب والغرام، وتشجيع الرجل والمرأة على اتخاذ الأخلاء وما إلى ذلك، إضافة إلى أنه يتخلل هذه الروايات عقائد شركية - والعياذ بالله –
أرجو منكم توضيح الحكم في ذلك، كما أرجو توجيه نصيحة لمن يفعل ذلك بالاستغناء عن ذلك لما هو خير لهم، كقراءة قصص الأنبياء، وسير الصحابة والتابعين وغيرها مما هو خير لهم، وأرجو توجيه نصيحة لاستغلال الوقت فيما هو خير. بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :
هذه القصص الرومانسية والخيالية قد تأخذ القارئ بعض الوقت عن عالمه اليومي إلى عالم من الأحلام الوردية، وتُسْكِرُه بخمرة الأوهام المزيفة، ولكن هذا يُحدِث الانفصام في شخصيته، والعزلة عن الواقع، وعدم القدرة على التعامل معه بطريقة صحيحة، كما أن الإدمان عليها يُقعِد الهمة عن قراءة الكتب النافعة والقصص المفيدة، سواء كانت تاريخية أو خيالية افتراضية، فلا يَجمُل بالشاب التعلق بها والشغف بمتابعتها، علماً أن ما يسمى بالقصص البوليسية خير منها؛ لما تحتويه من التدريب على ضروب الحيلة وأنماط التفكير في المشكلات، وإن كانت هي الأخرى لا تخلو من تلك المعايب، فقلّ شيء منها إلا ويتعرض للسكر والعربدة، أو للمخادنة والعشق والعشرة الحرام، أو لتفتيح بصائر المرضى على طرق الغواية والجريمة، كما في قصص (أجاثا كريستي) وغيرها. وقد أتيح لي أن أقرأ سلسة (روائع القصص العالمي)، وهي مترجمات منتقاة من القصص الراقية والحائزة على جائزة نوبل للآداب وغيرها، فوجدت جلها مشوباً بما ذكرت، وإن كان فيها ما يخلو من ذلك، كرواية (الشيخ والبحر) لأرنست همنقواي، حيث تخلو هذه القصة تماماً من العنصر النسائي وهذا عجيب، كما تخلو من مشاهد الغرام والعشق وبابتها.
فلا أنصح بقراءة قصص الحب ورواياته إلا للمتمكنين الذين يرومون مصلحةً ما في هذه القراءة، كأن تكون قراءة نقدية هادفة.
وليشغل الناشئة وقتهم بالمفيد النافع من الكتب العلمية والأدبية والتاريخية والثقافية، وفي كتب مصطفى المنفلوطي، ونجيب الكيلاني، وعلي الطنطاوي، وأضرابهم وهم كثير، ما يُشبِع تطلعهم ويروي ظمأهم ونهمهم، ويبني شخصياتهم ويزيد في علومهم، ويؤهلهم لمرحلة أعلى وأسمى يستطيعون خلالها خوض الغمار وهم مسلحون بوسائل النجاة، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
وقراءة قصص الأنبياء وأتباعهم من العلماء والقادة والمصلحين من أولى ما تصرف فيه الأوقات، وهي عظيمة الفائدة في تقويم السلوك وتصحيح الفكر ورفع الهمة، وخصوصاً إذا كانت هذه الكتب موثقة ككتاب ابن كثير وكتب التفسير المعتمدة، أما الكتب المحشوة بالروايات الإسرائيلية فيجب الحذر منها؛ لما فيها من التشويه والطعن والتنقص للأنبياء عليهم الصلاة والسلام.