سنتحدث هذه المرة عن وضع الاسلام في روسيا وعن افاقه، وكم هي صائبة تلك التنبؤآت القائلة بزيادة عدد المسلمين بشكل ملحوظ في روسيا خلال السنوات العشر القادمة ، وكيف تنظر الى ذلك السلطات الروسية؟ وكيف هو الحال بالنسبة لبناء المزيد من المساجد والمدارس الاسلامية في روسيا؟ وما هو وضع المسلمين في جمهورية الشيشان ، وما هي افاق تطور الاوضاع هناك؟ وهل توجد تناقضات بين ما يسمون بـ"المسلمين التقليديين" و "المسلمين السلفيين" في روسيا؟ يتطرق برنامج "بانوراما" الى حقائق وافاق الاسلام في روسيا الاتحادية. وسنجيب على اسئلة المشاهدين التي أُرسلت على موقع القناة وبريد بانوراما وعلى اليوتيوب بخصوص موضوع هذه الحلقة.
معلومات حول الموضوع: دخل الإسلام اراضي روسيا في القرن الثامن الميلادي. ومن ذلك الحين بات يعتبر الدين الثاني من حيث عدد ابناء الشعوب التي تدين بالأديان السماوية في روسيا. وفي الحال الحاضر يقيم في جمهورية روسيا الإتحادية ، حسب التقديرات، قرابة عشرين مليون مسلم يؤمون اكثر من خمسة آلاف مسجد.
"الفرع الروسي" من شجرة الحضارة الإسلامية يمتد على مساحات شاسعة من موسكو وبطرسبورغ الى سيبيريا والشرق الأقصى الروسي، من حوض الفولغا الى شمال القوقاز. وتضم تلك المناطق ابناء عشرات الشعوب المتلاحمة معا في وحدة قائمة على القيم الدينية والروحية والأخلاقية الإسلامية. مسلمو روسيا الذين يشكلون جزءاً من الحضارة الإسلامية انما هم في الوقت ذاته مواطنون مخلصون موالون لروسيا ومكون عضوي راسخ من مكونات المجتمع الروسي. فالمسلمون الذين يعيشون طوال القرون جنبا الى جنب مع الروس وباقي ابناء شعوب روسيا يتعاونون معهم ويتفاعلون في شتى ميادين الحياة ، وبذلك اسهمت الشعوب الإسلامية القاطنة في روسيا بقسط مرموق في تتنمية الإقتصاد وتطوير الثقافة في البلاد. مسلمو روسيا لم ولا يكتفون بالتعاون الودي مع الروس وباقي شعوب بلادنا، بل غدوا ، في اعتقاد كثير من الباحثين، حلقة الوصل بين العالم الإسلامي والعالم المسيحي من خلال المساعدة والعمل على بناء روسيا بوصفها حاضنة ً لحضارة مميزة.
في ظل النظام الشيوعي في الإتحاد السوفيتي تعرض الإسلام في روسيا، شأن جميع الأديان الأخرى، بالطبع، لزمن صعب. الا ان عملية إحياء الإسلام سارت بخطى متسارعة منذ بداية التسعينات في روسيا وفي باقي الجمهوريات القاطنة في المجال السوفيتي السابق. وتجلى ذلك ليس فقط في بناء آلاف المساجد الجديدة وعدد كبير من المؤسسات التعليمية الإسلامية. فقد تغير نحو الأفضل وبصورة مبدئية موقف الدولة حيال الإسلام. وجاء انضمام روسيا الى منظمة المؤتمر الإسلامي بصفة مراقب مؤشرا آخر على الإعتراف بالدور الكبير للإسلام والمسلمين في حياة روسيا ودليلا على الرغبة في تطوير التعاون مع العالم الإسلامي من جميع الوجوه.