تعودنا على الحساب بالقطعة، حتى لو كان ذلك ضد الحصيلة العامة.والمنتخب المصرى لكرة القدم بقيادة مديره الفنى حسن شحاتة نموذج على ذلك، فإذا لعب المنتخب مباراة سيئة تقوم الدنيا ولا تقعد، وإذا لعب مباراة جيدة كما حدث مع البرازيل، اعتبرنا المنتخب ومديره وجهازه أبطالاً وعباقرة فى فنون الكرة.
بعد مباراة الجزائر سنت السكاكين لذبح شحاتة، واستدعى الكثيرون كل مهارات التحليل الرياضى وغير الرياضى للتأكيد على أن شحاتة ودع هواه ولم يعد لديه شيئا يقدمه، ووضع أصحاب هذا التوجه كل التفاصيل الصغيرة للتدليل على نظريتهم، وبعد أيام قليلة ومع عبقرية الأداء أمام البرازيل، تراجعت هذه الأصوات لتقول كلاما مختلفا، وكأن شحاتة أصبح بين يوم وليلة من طراز مختلف، وتغير تغييرا كاملا نحو الأفضل.
الهجوم هو خير وسيلة للدفاع، هكذا تقول أبجديات كرة القدم، لكن فى حساب التعامل مع حسن شحاتة يبدو أن الهجوم من بعض محترفيه هو للهجوم وفقط، عسى أن يصيب فيبدو هؤلاء وكأنهم الأبطال الذين أحسنوا القول حين تقع الكارثة، ولأننا تعودنا على الحساب بالقطعة وليس بالجملة، يسعى منظرو "الحساب بالقطعة" إلى تسييد وجهة نظرهم، فيركبون شراع الرغبة فى التغيير، ليس من أجل الوصول إلى الأفضل، ولكن ربما من أجل أسباب أخرى.
قبل بطولة كأس الأمم الأفريقية عام 2006 تعرض شحاتة للهجوم الضارى، فرد بإحراز البطولة، وبعد هدوء الأفراح قالوا إن المكسب جاء لأن البطولة نظمتها مصر، وبعد عامين وفى بطولة كأس الأمم الأفريقية عام 2008 تعرض لنفس الهجوم، وقالوا إن المنتخب يسافر للتمثيل المشرف، فرد شحاتة بإحراز البطولة للمرة الثانية على التوالى، وبعد هزيمة الجزائر لم يتذكر منظروا " الحساب بالقطعة" فضيلة واحدة لشحاتة، وفور معركة البرازيل أصبح شحاتة صاحب كل الفضائل.
أين الحقيقة فى كل ما سبق؟ صحيح من حق الجمهور أن يستمتع بنشوة النصر الدائم، لكن من الواجب أن يقوده حملة الأقلام والأصوات المتخصصة، إلى لغة رشيدة فى النقد تؤدى إلى اعتلاء قيمة العقل وترشيد العاطفة، وخذوا الحكمة فى ذلك من الدول الكروية العتيقة، فلا هى تحاسب أجهزتها الفنية بالقطعة، ولا هى تقيل مديرها الفنى بسبب هزيمة ثقيلة، فالحساب يكون بالجملة .. حاسبوا إذن حسن شحاتة وفقا لهذا المنهج، ولا تستدعوا السكاكين لو هزمتنا إيطاليا