ياقاتلى إنى صفحت عنك.. فى اللحظة التى استرحت فيها منى.. استرحت فيها منك".. من أمل دنقل إلى أمل كأس القارات الذى ضاع.. لا أحد يطلب منى صفحا عمن تسبب لى فى ألم يقصم الظهر ويحنى الكتف.. لا تطلبوا منى أن أتحلى بثقافة الهزيمة، أنا فى الأصل أترك ثقافتى وعلومى وكل ما جمعته من هموم فى مشوار الحياة من أجل 90 دقيقة أشعر بها فى الانتماء الخالص .. وأنا أضع قلبى بين أقدام اللاعبين وأترك أعصابى قربانا أمام شاشة التلفزيون.
أنا لا أملك الصفح عن لاعبين قتلوا بداخلى أمل أن أرى النسر الأصفر يرفرف فوق جبال الماس، لا تحدثونى عن أخلاق اللاعبين وتدين اللاعبين وسجود اللاعبين وشعر اللاعبين وتاريخ اللاعبين، لا تحدثونى عن الفضيحة ومن اختلقها ومن فعلها ومن استغلها ليلهينا عن الخيبة الثقيلة.. حدثونى فقط عن دعوات الملايين ولعناتهم التى تطارد أملاً طار فى لحظات التراخى والتخاذل أمام الأمريكان الذين أثبتوا أنهم ليسوا مجرد "علوج" .. كان أولى بنا أن نثبت لهم أننا "فراعين"، لكن عجزنا حتى أن نثبت لهم أننا رجال .. وحدها النساء هى التى تندب حظها العاثر هكذا بعد كل خسارة.
أبشروا ينقصكم قليل من الشعر والسلاسل لتكتمل صورتنا الهزيلة بين تماثيل الحرية.. تمثال الحرية الذى انهار أمامه السد العالى بكل ألوانه الحمراء والبيضاء والسوداء .. ماذا سيفعل الحضرى وهو يقف بصدره عارياً دون دفاع، وماذا يفيد أبو تريكة فى هجوم بالرأس.. منزوع الخطورة.. وعلى الأجناب لا نجيد سوى الرفع وكأننا لا ندرى أن أساليب النحو الكروى تشمل أموراً مثل النصب والجر ومزاحمة الأكتاف، فأصبحنا كتلميذ خائب مات أبوه ليلة الامتحان وتزوجت أمه يوم النتيجة.
أحد عشر فرداً ومعهم مدربهم كانوا سببا فى حزن 80 مليوناً من البشر لا نشك أن 70 مليوناً منهم ينتظرون هذه اللحظات لتذوق بعض الفرح .. يبدو أنها أصبحت كلمة بذيئة نرفضها من شدة أدبنا، لا تطلبوا منى شكرا عما فات، فلست أنا من يكتب القدر ولست أنا من يقسم أنصبة الحزن، وحدها أقدامكم هى التى تسعدنى وتشقينى .. اعذرونى فقد كنتم بخلاء علينا ببضع ضحكات ننسى بها حزن الليالى الحالكات .. وحدها نصيحتى إليكم هى التى تشفى غليلى.. ادفنوا أنفسكم فى الرمال لعلها تكون أحن عليكم من حضن هذا الوطن الذى خذلتموه، ولا تنتظروا منى ابتسامة، تكفيكم ابتساماتكم البيضاء فى إعلانات الشيبسى والبيبسى واللبان السحرى .. فلا نامت أعين المهزومين.