انتقد د.أحمد رمضان أستاذ الصحة العامة والوبائيات بكلية الطب جامعة الإسكندرية، الإجراءات الاحترازية التى تقوم بها وزارة الصحة حاليا ضد مرض الطاعون، مشيرا إلى أن رش السيارات ولبس الماسكات غير كاف، ولا يتناسب مع طبيعة العدوى من المرض، حيث يتم نقله فقط من الجرذان المصابة إلى الإنسان عن طريق وسيط ثالث هو "البراغيث"، مشيرا إلى أن مصر يطبق عليها إجراءات الصحة العالمية فى هذا الصدد منذ 2005، والصادرة عن منظمة الصحة العالمية، محذراً من انتشار الجرذان الحاملة للمرض، والتى تعتبر أكثر خطورة من الشخص المصاب نفسه.
وأكد رمضان على ضرورة التنسيق بين الوزارات المعنية، حيث إن الطاعون يعتبر وباء له إجراءات احترازية متشابكة بين وزارة الصحة والزراعة والبيئة. جاء ذلك أثناء انعقاد اجتماع لجنة الشئون الصحية بالمجلس الشعبى المحلى لمدينة الإسكندرية لمناقشة مرض الطاعون كوباء على حدود مصر، وأكد رمضان على ضرورة التخلص الآمن من الحيوانات والحشرات الناقلة للوباء.
وأشارت د.هيام صدقة أستاذ علم الطفيليات كلية الطب جامعة الإسكندرية إلى أن البرغوث فى حد ذاته يعد أكثر خطراً من الفئران المصابة، حيث إن العدوى لا تتم بصورة مباشرة بين الإنسان والفئران، وإنما تنتقل العدوى عن طريق نوع من أنواع البراغيث المشتركة بين التغذية على دم الإنسان والفئران معاً، ويسمى xenopsylla، والذى يعد أخطر أنواعها، حيث يقوم البرغوث بالتغذى على دم الفئران المصابة داخل حويصلة بمعدته لها حراشيف مدببة تحتفظ ببقع الدم المسحوبة، والتى تشكل بيئة جيدة لنمو وتكاثر فيروس الطاعون على أجزاء الدم المتجلطة داخل تلك الحويصلة، وتتم العدوى بقىء هذا الدم الملوث على الإنسان أثناء التغذية بدمه أو فضلات البرغوث التى يفرزها أثناء عملية التغذية، والتى تتسرب إلى الدم من خلال فتحة الامتصاص.
وأكدت على ضرورة التخلص من البراغيث، وبداية حملة جديدة تركز على التخلص منها، بدلاً من صب الاهتمام على التخلص من الفئران، وهو شىء يستحيل إتمامه بسبب كثرة توالدها والإخلال بالتوازن البيئى.
وأشارت د.هيام إلى أن التخلص منها بسيط وسهل عن طريق المبيدات التقليدية لرش الحشرات الزاحفة الموجودة بالصيدليات، خاصة للأماكن والمنازل التى بها "موكيت الأرضيات" وضرورة النظافة العامة والتهوية.
على صعيد آخر، ونظراً لقرب الإسكندرية من الحدود الليبية، أكد د.سراج عبد الحليم ممثل عن إدارة الطب الوقائى بمديرية الشئون الصحية بالإسكندرية أن المديرية تقوم بإجراءات احترازية على الحدود الليبية وليس فقط بالإسكندرية، حيث إن الإدارة قامت بإرسال فريق طبى إلى المنافذ الرئيسية على الحدود الليبية المصرية بمدينة السلوم ومرسى مطروح تقوم بالمراقبة اليومية للأمراض الوبائية كلها (أنفلونزا الطيور والخنازير والطاعون) من خلال الكاميرات الحرارية التى توجد بالمنافذ الرئيسية كمطار برج العرب وميناء الإسكندرية، وعزل الشخص المشتبه فيه وتوجيهه إلى المستشفى المختص، بعد أن قامت وزارة الصحة بفصل المستشفيات حرصا على عدم اختلاط الفيروس وتحوره، حيث تم تخصيص مستشفى الحميات (لأنفلونزا الخنازير) رأس التين وجمال عبد الناصر وكرموز العمال وصدر المعمورة (لأنفلونزا الطيور)، مؤكداً على المديرية بالتنسيق مع الجهات المعنية على المنافذ الرئيسية لمصر بالقاهرة يتبادلون البيانات الرئيسية للحالات المصابة والمشتبه بها الواردة من الخارج، خاصة الدول الموبوءة، ويتم متابعتها سواء فى المستشفى المحول إليها أو بالمنازل خلال الفترة من أسبوع إلى 10 أيام فترة حضانة الفيروس، حيث يتم عمل مسحة له تحلل بمعمل خاص لأنفلونزا الخنازير بمستشفى الحميات بالإسكندرية، والتأكد منها بالمعامل المركزية بالقاهرة.
من جانبه، طالب د.ياسر زكى رئيس لجنة الشئون الصحية بالمجلس المحلى، بضرورة إعطاء سلطة الدور الرقابى لمديرية الطب الوقائى على شركات النظافة للتخلص الآمن من النفايات، والإبلاغ الفورى عن أى موقع لتراكم القمامة وأماكن توالد القوارض، وكذلك طالب المحافظ عادل لبيب بمتابعة الجهات التنفيذية ومديرية الزراعة فى مجال التخلص من القوارض والنظافة العامة والصحة البيئية والحجر الصحى، محذرا من الأعداد الكبيرة التى تعبر الحدود الليبية ـ المصرية، والتى تقدر بحوالى من 25 ألفا إلى 35 ألف شخص يوميا.
فيما نفى المسئولون بالحجر الصحى ومديرية الشئون الصحية ومحافظة مطروح، إصابة 3 أشخاص واحتجازهم بالحجر الصحى بمنفذ السلوم لإصابتهم بالطاعون، مؤكدين أنه لم يتم ظهور أى حالات إصابة بالطاعون أو أنفلونزا الطيور أو الخنازير بين القادمين من ليبيا، وأنه تم اليوم الاثنين، احتجاز عامل زراعى من محافظة سوهاج يدعى ياسر رمضان عبد الحميد أحمد (26 سنة) بالعزل الصحى كان يعمل فى مدينة طرابلس وهى بعيدة جداً عن المنطقة التى ظهرت فيها الإصابات بمرض الطاعون، وتبين من خلال الكشف والتحاليل الأولية عدم إصابته.
وأكد د.عادل أبو زيد وكيل وزارة الصحة بمطروح الذى ينتقل للمنفذ 220 كيلو يومياً لمتابعة الإجراءات عن قرب، أنه تم رصد حالة تعانى من الإعياء وارتفاع فى درجة الحرارة من بين العمال المصريين القادمين من ليبيا، وتبين من خلال الكشف الطبى والتحاليل الأولية عدم إصابته بالطاعون، وجاءت النتائج سلبية، كما تم إرسال عينات إلى المعامل المركزية بوزارة الصحة للتأكد من النتيجة ومن عدم إصابته بالأنفلونزا.
وأشار إلى أنه ليس معنى إصابة أى شخص بارتفاع درجة الحرارة أنه مصاب بالطاعون، فهناك مسببات كثيرة لرفع درجة الحرارة.
وحيث تلقت الأجهزة المختلفة بالمحافظة وأصحاب الفنادق والشقق المفروشة مئات الاتصالات من المصطافين بمطروح، والذين يعتزمون القدوم إليها للتأكد من صحة الخبر، كما تتردد معلومات عن قيام عدد كبير بإلغاء حجوزات الشقق المفروشة بسبب المخاوف من وجود إصابات حقيقة رغم النفى الرسمى والشعبى.
يأتى ذلك وسط انتقادات شديدة من أهالى مطروح، وخاصة العاملين بالسياحة وأصحاب العقارات السياحية والتجار، لوسائل الإعلام المختلفة فى طريقة تناولها لظهور حالات إصابة بالطاعون بالأراضى الليبية بالقرب من الحدود المصرية وتضخيم الأمر لدرجة إشعار المواطنين بالخوف والقلق، وكأن المرض متفشى فى مطروح، مما نتج عنه تأثر حركة السياحة وانعكاس ذلك على مصدر دخل معظم أهالى مطروح، والذى يعتبر المصدر الوحيد لكثير منهم طوال العام وكذلك وجود بعض المضايقات لبعض الصحفيين بسبب تغطيتهم للأحداث.
مصطفى محمد، تاجر، أكد أن الأمر مبالغ فيه ولم نسمع به سوى من الصحف مثلنا مثل أى أحد فى محافظات مصر الأخرى، ولا يوجد أى مخاوف من المرض فى مطروح، فالمنطقة المصابة فى ليبيا تبعد عن مدينة مطروح بحوالى 350 كيلو، إضافة إلى وجود وسائل الوقاية والرقابة الطبية على الحدود مع ليبيا لمنع تسرب أى إصابات داخل مصر فلا داعٍ للقلق.
حسام على يمتلك ويدير عدداً من الشقق المفروشة، يقول "كنا نتوقع أن يكون هذا الصيف أكثر رواجاً بسبب قصر فترة المصيف، لكن ظهور الطاعون فى ليبيا وكثرة الحديث عنه أدى إلى هروب عدد كبير من المصيفين إلى مناطق أخرى غير مطروح، رغم أن الأوضاع هنا مستقرة وآمنة، ولا نشعر بأى مخاطر من الأمراض بسبب نقاء الجو وعدم الزحام كالمحافظات الأخرى، إضافة إلى عدم ظهور أى من الأمراض المعدية التى انتشرت مؤخرا".
فاروق حسين مصطاف من القاهرة أكد أنه لا يشعر بالقلق حيال انتشار الطاعون فى ليبيا، وأنه موجود مع أسرته على شواطئ مطروح منذ بداية الأسبوع ولم يلحظ تغيراً عن الأعوام السابقة، وأن كل ما يذاع وينشر حول الموضوع مبالغ فيه.
علاء عبد الشكور مدير عام إدارة السياحة والمصايف بمطروح أكد عدم تلقى أى معلومات مؤكدة عن إلغاء حجوزات المصطافين فى الفنادق أو المنشآت السياحية المختلفة، وكذلك عدم تأثر حركة السياحة، فهى فى معدلها الطبيعى، مشيرا إلى أن امتحان الثانوية العامة سبب عدم الإقبال بكثافة من قبل الأسر المصرية، كما أنه معروف أن أعلى نسبة كثافة تكون خلال شهرى يوليو وأغسطس من كل عام، وتوقع عبد الشكور أن تتضاعف الأعداد خلال هذه الفترة هذا الصيف بسبب قدوم شهر رمضان المبارك خلال فترة المصيف.