الحرب بالوكالة يقوم بها جبرائيل والبدرى والوحش
عندما تطل الفتنة برأسها، تبحث دائما عمن تلتصق به فيستفيد منها أو تستفيد منه، إلا أن الأحداث الطائفية فى مصر أثبتت أن كل الأطراف متاح لها إطلاق لقب الفتنة على أى حادثة، شرط أن تبقى كل هذه الاجتهادات بعيدة عن الإطار الرسمى.. فالأزهر والكنيسة بصفتيهما الرسمية يحاولان بقدر الإمكان الظهور فى هذه الأحداث بمظهر المحايد، وإن كان حيادا صامتا، أو منحازا إلى نفى " الفتنة" وتأكيد الوحدة الوطنية.
ورغم أن هذا الحياد الرسمى أنقذ كلتا المؤسستين من الدخول فى معارك طائفية، إلا أن هناك جيشا من "المتطوعين" لخوض هذه المعارك "بالإنابة" على الجانبين، ولعل أبرز دليل على ذلك ما وقع فى الحادث الأخير بمدينة المنصورة، من صدور لبيان مستنكر للحادث من طرف القمص متى صليب عضو المجلس الملى وكاهن كنيسة مار جرجس بشبرا .. هو بيان يبدو وكأنه "كنسى" لأول وهلة، ولكن الحقيقة أنه صادر عنه بصفته رئيسا لجمعية حقوقية تدعى جمعية "السلام".
القمص متى ليس حالة متفردة، فعلى الجانب الآخر أيضا هناك كثير ممن يقومون بخوض حروب الأزهر دون أن يكون له يد فيها، أبرز هؤلاء هناك جبهة علماء الأزهر التى لا تنتظر الموقف الذى يعلنه الأزهر تجاه قضية ما فهى تبادر بابداء رأيها بوصفه رأيا" دينيا" مستمدا من اسمها "علماء الأزهر"، وأحيان كثيرة تنتقد أوضاعا لا يستطيع الأزهر انتقادها علنا فهى ترفع عنه الحرج نوعا ما.
ونستطيع أيضا أن نضيف لهذه القائمة أعضاء مجمع البحوث السابقين مثل الشيخ يوسف البدرى، الذى أكد من قبل أنه يقود حروبا مقدسة من أجل الإسلام فى الوقت الذى ينشغل فيه مسئولو الأزهر بالحفاظ على مناصبهم، وتضم القائمة أيضا المحامى نبيه الوحش بعدد لا نهائى من الدعاوى القضائية التى يؤكد أنه يقصد بها الحفاظ على تعاليم الإسلام وتقاليد المجتمع الشرقى.
إذا كان هؤلاء ينوبون عن الأزهر فى معاركه، فلدينا أيضا قائمة أخرى تتخذ من نفسها نوابا للكنيسة، مثل المحامى ممدوح نخلة والذى يملك رصيدا لا بأس به من القضايا التى يطالب فيها بأمور يراها مستلبة من الأقباط، وآخرها مطالبته للدولة السماح للأقباط بدخول جامعة الأزهر وعدم قصرها على المسلمين فقط، وهو نفس الأمر الذى يتكرر مع المحامى نجيب جبرائيل، والذى يرأس الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان، متبنيا من خلاله عددا من القضايا الخاصة بالأقباط والتى يصفها بأنها "ضد المواطنة".
والأمر لم يتوقف عند حدود من هم داخل مصر، فهناك لغط كبير أثير حول علاقة الكنيسة بأقباط المهجر، خاصة عندما يهاجمون المسلمين بتهمة اضطهاد الأقباط، فحينا يكون الصمت وحينا آخر يكون الاستنكار هو رد الكنيسة.
هذه الحروب التى تدار بالإنابة، رغم إنكار جميع الأطراف لها، خوفا من اتهامات"إثارة" الفتنة، هى فى الأصل متنفس للمؤسستين الدينيتين الأكثر تأثيرا فى مصر، واللتين تعيان هذا الأمر جيدا فتتعاملان معه بمنطلق "إن كان خيرا فدعهم يخوضوا هذه المعارك وإن كان الأمر ذا مردود سيىء فإن التصرف الأمثل فى هذه الحالة سيكون التبرؤ من الصفة الدينية لأى من هؤلاء