محمد هنيدى واحد من أهم نجوم الكوميديا فى السينما المصرية، ينسب له الفضل فى عودة الجمهور إلى دور العرض، ودوران عجلة الإنتاج السينمائى من جديد بوتيرة أسرع. نجاحه فى "إسماعيلية رايح جاى" الذى عرض عام 1997، ثم بطولته لمجموعة من الأفلام التى حققت إيرادات مرتفعة مثل "صعيدى فى الجامعة الأمريكية" و"همام فى أمستردام" خلقت انتعاشة فى السينما المصرية، وحمست المنتجين لتقديم مواهب شابة جديدة فى أفلامهم.
هنيدى عاد لجمهوره بفيلم "رمضان مبروك أبو العلمين حمودى"، الذى وبشهادة الجمهور والنقاد، أعاد هنيدى مرة أخرى ليتربع على عرش الإيرادات الذى كاد أن يهتز تحت أقدامه، ومن مفاجآت الفيلم أنه الأول الذى يقوم ببطولته هنيدى للكاتب يوسف معاطى.
ملابسات "أبو العلمين حمودة"، وموقع الفيلم فى تاريخ هنيدى السينمائى، وردود أفعال الجمهور فى الحوار التالى...
هنيدى بطلاً ويوسف معاطى كاتباً لأول مرة، حدثنا عن التفاصيل؟
الموضوع جاء من غير ترتيب "قسمة ونصيب"، التقيت صدفة بالكاتب الكبير يوسف معاطى فى مهرجان مسرحى. وقلت لمعاطى "أنا نفسى ألعب دور فلاح بعد ما عملت دور صعيدى"، وفوجئت بمعاطى يقول لى إن الفكرة موجودة وجاهزة "فلاح مدرس لغة عربية". ومن هنا كانت البداية وعقدنا عدة جلسات بحضور المخرج وائل إحسان، وهو بالمناسبة كان زميل "دكة " فى معهد السينما قسم إنتاج، للإعداد للفيلم وبدأنا إعداد الفيلم.
البعض هاجم صورة المدرس، كما وردت فى الفيلم، ووصلت الاعتراضات إلى المطالبة بوقف الفيلم فى مجلس الشعب، فكيف تلقيت هذه الانتقادات؟
أنا مندهش من هذه الضجة، ومندهش أكثر من الذين يطالبون بوقف عرض الفيلم أولاً، لأن هذا ليس رأى الجمهور، وثانياً لأن المعترضين لا يدركون رسالة الفيلم التى تدعو إلى عودة هيبة المدرس واحترامه، مثلما كانت فى الماضى. كما أن الفيلم طالب الحكومة بتحسين وضع المدرس حتى لا يلجأ للدروس الخصوصية، ولا أعتقد أن مثل هذه الأهداف تقلل من قيمة المدرس، بل العكس.
ولماذا إذاً لم تصل رسالة الفيلم لمن ينتقدونه؟
أنا أدعو عضو مجلس الشعب الذى طالب بوقف الفيلم إلى مشاهدته مرة ثانية بدقة، وخاصة فى المشهد الذى يقول فيه مبروك لزميله فى المدرسة بسخرية، إن الأستاذ لا يستطيع السيطرة على التلاميذ عندما يدخل بيوتهم ويشرب الشاى ويأكل الكيك. هذا المشهد دليل على الأوضاع الصعبة التى يعيشها المدرسون وكيف تؤثر على علاقتهم بالطلاب.
كيف اقتربت من شخصية المدرس فى الفيلم، هل استوحيتها من الواقع أم كنت تعكس الدور المكتوب على الورق؟
الاثنان معاً، فالمدرس مبروك يشبه الكثير من المدرسين فى مدارس مصر. فهو مدرس لغة عربية جاء من مدرسة فى "ميت بدر حلاوة" إلى القاهرة، ويشعر بالارتباك نتيجة للتناقض الكبير بين الطلاب الفقراء والأغنياء، ومنهم أبناء وزراء ورجال أعمال كبار، لكنه فى نفس الوقت يخاف على مهنته ويحترمها.
المدرس فى الفيلم ذهب إلى منزل أحد تلاميذه لمعاقبته على خطأ ارتكبه، ما الذى كنت تريد قوله من هذا المشهد؟
صحيح أنه فعل ذلك، ولكن بطريقة حكيمة وليس بالعنف الذى نسمع عنه حالياً فى وسائل الإعلام. فالفيلم يوجه رسالة للطريقة التى ينبغى أن يتعامل بها المدرس مع تلاميذه. وكيف يفرض احترامه دون أن يتجاوز دوره كأب ومربٍ. (ضحك هنيدى) أنا مثلاً ضربت كثيراً فى المدرسة لكن ليس بهذه الطريقة "الموضوع كله كان مدتين على الرجل وخلاص"، لم تصل الحكاية فى وقتنا إلى حد التشوية والموت.
اللهجة الفلاحى التى ظهرت بها فى الفيلم، كانت متقنة لدرجة كبيرة، هل مثلت صعوبة بالنسبة لك؟
الفضل فى اتقانى للهجة الفلاحى فى الفيلم يعود للكاتب يوسف معاطى، فكنا نقوم ببروفات على التليفون طوال فترة التحضير للعمل نتحدث خلالها باللهجة الفلاحى طوال المكالمة، وكان معاطى يبدأ المكالمة قائلاً "سلامه عليكوا يا أستاذ رمضان".
الفنانة القديرة ليلى طاهر عادت إلى السينما بعد غياب طويل من خلال الفيلم، فكيف جاء ترشيحها للدور؟
يوسف معاطى هو الذى رشح الفنانة الكبيرة ليلة طاهر، وأسعدنى هذا الاختيار كثيراً، لأنها فنانة ملتزمة جداً وصاحبة أداء متميز.
وهل اختار معاطى كل شخصيات الفيلم؟
اختيار باقى الأبطال كان يتم بالتشاور بيننا، أنا والكاتب يوسف معاطى والمخرج وائل إحسان، وكان للمخرج الكلمة الأخيرة فهو الذى اختار سيرين عبد النور وأغلب الوجوه الجديدة بالفيلم.
ما رأيك فى الوجوه الجديدة التى ظهرت فى العمل خاصة أنهم أبناء فنانين؟
كانوا رائعين جداً لأنهم شباب موهوب ودارس أيضاً، فطارق الإبيارى يدرس مسرحاً فى الجامعة الأمريكية، وعمر مصطفى متولى له تجارب فى التمثيل، وكذلك أمير المصرى الذى قدم عدة تجارب مسرحية أثناء إقامته بإنجلترا.
ما السبب فى اختيار اللبنانية سيرين عبد النور لتشاركك بطولة الفيلم؟
أولاً كان هناك مبرر درامى لوجود سيرين فى الفيلم، لأن السياق الدرامى تطلب ظهور مطربة لبنانية، تظهر أزمتها بعد انتهاء فترة إقامتها فى مصر.
ما رأيك فى الظهور المتزايد على اللبنانيات فى السينما المصرية؟
أعتقد أن السبب فى ذلك يرجع إلى أننا فى مصر أصبحنا نفتقر إلى الوجوه السينمائية الشابة التى تستمر، فهناك الكثير من المواهب تظهر يومياً، لكن المشكلة أنها لا تستكمل الطريق، أو لا تسير على نفس الخطى وتتعثر فى مشوارها الفنى.
هل اخترت البدلة السفارى التى كان يرتديها رمضان طوال الفيلم؟
(يضحك) طوال التحضير للفيلم، كنت أذهب بالعباءة فى الليل فى عز الشتاء إلى منزل يوسف معاطى، وكنا نجلس معاً ونتخيل شكل "رمضان" وبيئته وتركيبته وملابسه، ومن ضمنها البدل السفارى.
وماذا عن الشارب والشعر "المكتكت"؟
معاطى أخبرنى أن الفنان الكبير يحيى الفخرانى معجب جداً بالشخصية، وأنه ينصح بأن يكون للمدرس شارب وفعلت ذلك بناء على نصيحته. أما الشعر "المكتكت" والنظارة فكنا نرسمها أنا ومعاطى لتتناسب مع الحبكة الدرامية والإحساس الكوميدى العالى للعمل.
الفيلم كوميدى بالدرجة الأولى وأضحك الجمهور، هل حدثت مواقف كوميدية أثناء التصوير؟
تصوير الفيلم كان يتم فى ظل أجواء شديدة الحميمية، فأثناء التصوير اعتادت زوجة صاحب الأرض التى كنا نصور على تقديم المحشى والبط، وكان هذا أفضل ما حدث أثناء التصوير (يضحك قائلاً) "أنا وزنى زاد النص فى التصوير".
البعض انتقد العنوان الطويل للفيلم، من المسئول عن اختياره؟
اسم الفيلم مناسب له تماماً وليس طويلاَ، ويوسف معاطى هو الذى اختاره منذ البداية، ولمس فريق العمل أن الاسم سيعلق فى الأذهان، خصوصاً أن رمضان لم يقل أبداً اسمه منفرداً، بل كان دائماً يقول "رمضان مبروك أبو العلمين حمودة .. مدرس أول لغة عربية .. ورئيس جماعة الخطابة".
تعرضت فى الفترة الأخيرة لهجوم من النقاد الذين اتهموك بالإفلاس الفنى، ما تعليقك؟
أنا أدعو هؤلاء للتعليق عى ما حققه "رمضان مبروك أبو العلمين حمودة" من نجاح، كما أشكر كل النقاد الذين وقفوا بجانبى ووجهوا لى نقداً بناء، وطالبونى بالتغيير والبحث عن نصوص وسيناريوهات جيدة وجديدة.