احتجاز محام ‮٣ ‬ساعات داخل أرض زراعية والاعتداء عليه بالضرب

كلنا نعرف ان المحامين هم القضاء الواقف‮.‬
ولكن أغلبنا لا يعرف ان المحامين لهم نفس هيبة القضاء الجالس‮ (‬أعضاء الهيئة القضائية‮) ‬ولذلك نتعامل معهم باستهانه وربما نتجاوز في حقهم دون ا ن نلتفت إلي مادة خطيرة في قانون المحاماة وهي المادة‮ (٤٥) ‬والتي ربما لا يعلم عنها الكثيرون من المحامين لانهم في الأغلب الاعم يتهمون بقانون العقوبات او قانون الاجراءات لصلته الوثيقة بعملهم كمحامين‮. ‬محامي شاب اكتشف هذه المادة في قانون المحاماه بعد ان تعرض للاحتجاز داخل ارض زراعية من قبل بعض الفلاحين لمدة ‮٣ ‬ساعات وامطروه بوابل من السباب والضرب بالعصي‮.. ‬وتم انقاذه بالصدفة البحتة‮. ‬تعالوا نتعرف علي تفاصيل الحكاية كاملة‮.‬

قضية مثل أغلب القضايا التي تعرض علي المحامي الشاب‮ »‬يحيي عوض‮«!‬
شاب مات والده تاركا له قطعة أرض صغيرة لا يكفي ريعها مصاريف حياة الشاب ووالدته وشقيقاته‮.‬
الشاب قرر بيع أرضه‮.. ‬ولان الارض ضمن زمام كبير يمتلكه اعمامه فقد قرر ان يقوم برفع قضية فرز وتجنيب لقطعة الأرض حتي يتمكن من بيعها‮.‬
قضية بسيطة لو كان اعمام الشاب يوافقون علي البيع ولكن لان الاعمام رفضوا البيع ورفضوا الشراء من ابن اخيهم الراحل فقد كانت القضية صعبة‮.. ‬ولذلك قبلها المحامي الشاب‮ »‬يحيي‮«.. ‬وبدأ في الاجراءات‮.‬
‮> > > ‬
تقدم المحامي وموكله بجميع المستندات الدالة علي ملكية الابن لقطعة الأرض الموجودة بمحافظة المنوفية‮ .. ‬وقررت المحكمة انتداب مهندس مساحة لتحديد زمام قطعة الأرض الزراعية‮.‬
وفي اليوم المحدد‮.. ‬توجه المحامي‮ »‬يحيي‮« ‬مع موكله ومهندسي المساحة وكاتب من هيئة المساحة لتحرير محضر فرز وتجنيب‮.. ‬ولكن بمجرد وصول فريق العمل إلي الأرض حتي فوجئوا بما لم يخط ببالهم‮.‬
فجأة انشقت الارض عن أعمام الشاب المطالب بحثه‮.. ‬كانوا جميعا ومعهم بعض المزارعين يحملون العصي ويهولون في اتجاه لحنة الفرز والتجنيب‮.‬
‮> > >‬
‮ ‬خففت القلوب من الرعب للمشهد‮.‬
توقف افراد اللجنة عن اداء عملهم بمجرد ان صرخ أحد الاعمام فيهم بانهم لن يسمحوا لهم باداء عملهم حتي لو كلفهم الامر حياتهم‮.‬
كلمة من هنا واخري من هناك‮.. ‬ومحاولة من هنا وثانية من هناك رفض الاعمام الامتثال للجنة الفرز والتجنيب مما حدا بمهندس المساحة بمغادرة المكان بعد ان حرر محضرا بما جري‮!‬
اما المحامي‮ »‬يحيي‮« ‬فقد انصاع هو الاخر لقرار الأعمام الذين بدأوا في ضرب موكله‮ »‬ابن اخيهم‮« ‬وتوبينخه لانه يريد بيع أرض والده‮.. ‬وقف‮ »‬يحيي‮« ‬يشاهد المهزلة‮.. ‬وكلما حاول تهدئه الامور تعرض لضربه بسيطة تمنعه من المزيد من التدخل في هذا الموضوع العائلي‮.‬
الشاب صاحب‮ ‬الارض ظل مصرا علي موقفه حتي بعد ان‮ ‬غادر مهندس المساحة المكان ولم يبق معه سوي المحامي الشاب الذي فوجيء باعمام موكله يعلنون انهم قرروا احتجازهما في الأرض
‮> > >‬
في البداية لم يصدق المحامي الشاب التهديد‮.. ‬ولكنه عندما اعترض بالكلام فقط فوجيء بتجمع كبير حوله من المزارعين وراحوا ينهالون عليه وعلي موكله بالضرب بالعصي والشوم وراحوا يمطرونهما بوابل من السباب مؤكدين علي تنفيذهم لقرار الاحتجاز‮.‬
ودارت معركة‮ ‬غير متكافئة بين الشابين‮ (‬المحامي وموكله‮) ‬واصحاب الارض والمزارعين‮.. ‬ولكن رغم ذلك نجح الشاب الموكل في الافلات بحياته من هذا الحصار وانطلق يعدو هاربا وتبعه مجموعة من المزارعين بينما بقي المحامي الشاب‮ »‬يحيي‮« ‬واقفا وسط دائرة‮ ‬من المزارعين المسلحين بالعصي والشوم لا حول له ولا قوة‮.‬
حاول المحامي الشاب تهدئه ثورة الاعمام والمزارعين ولكن دون جدوي فقد اصر الجميع علي احتجازه حتي يقضي الله امرا كان مفعولا‮.‬
قال لهم المحامي الشاب‮: ‬عيب ياجماعة انا محامي وأؤدي عملي‮!‬
فردوا عليه قائلين‮: ‬وهذه أرضنا ونحن ايضا نؤدي عملنا ونحميها من امثالك‮!‬
قال لهم المحامي‮: ‬عاوز أمشي‮..‬
قالوا‮: ‬له في تحد‮: ‬انسي‮!‬
واستمر الجدل بين الطرفين بلا فائدة‮.. ‬والوقت يمضي ولا أحد يريد الاقتناع بوجهة نظر المحامي المحتجز داخل الارض الزراعية‮.. ‬وكلما احتد الجدل تكلمت العصي‮!‬
‮> > >‬
‮٣ ‬ساعات كاملة امضاها المحامي الشاب‮ »‬يحيي عوض‮« ‬محتجزا داخل الارض الزراعية وحوله عشرات المزارعين يحيطون به بالعصي والشوم ويرفضون ان يتحرك ولو لخطوة واحدة حتي جاء الفرج‮!‬
الفرج كان علي ايدي شيخ البلد الذي كان مارا بالصدفة في المكان فشاهد‮ »‬الرهينة‮« ‬والحصار فاقترب شيخ البلد يسأل عن سر احتجاز هذا الغريب فاخبره اصحاب الارض بانه محامي ابن شقيقهم الراحل وجاء لينزع منهم حقهم‮.‬
وتدخل شيخ البلد في الموضوع وحاول فك أسر الرهينة مؤكدا لاصحاب الارض انه قبل اي شيء ضيف علي بلدتهم ولابد من معاملته بشكل أفضل من ذلك‮.. ‬ولكن اصحاب الارض رفضوا نصيحة شيخ البلد‮.. ‬فتغق ذهني المحامي الشاب عن امر اخر وطلب من شيخ البلد ان يذهبوا به إلي العمدة لتحكيمه في الامر‮.‬
‮> > >‬
في نفس اللحظة التي وصل فيها المحامي الشاب‮ »‬يحيي‮« ‬الي دوار العمدة‮.. ‬كان موكله قد نجح في الافلات من مطاردة المزارعين له ونجح في الوصول إلي مأمور المركز ابلغه بما دار في الارض وكيف ان اعمامه يحتجزون محاميه ويعتدون عليه بالضرب‮.‬
وعلي الفور انتقلت قوة من المركز إلي الارض الزراعية لانقاذ المحامي‮.. ‬ولكن القوة عندما وصلت لم تعثر علي احد واخبرهم احد المارة ان الرهينة ومحتجزه الان في دوار العمدة‮.‬
لحظات ووصل المأمور الي دوار العمدة حيث كانت الجلسة قد بدأت وقام العمدة بتوبيخ المزارعين لاهانتهم لضيف البلد المحامي الذي جاء ليؤدي عمله‮ ‬فقط‮.. ‬وطلب العمدة من المحامي الشاب ان يتقبل اعتذارهم‮.. ‬ولكن المحامي‮ »‬يحيي‮« ‬رفض قبول الاعتذار واصر علي تحرير محضر بما جري له من احتجاز واهانة‮.‬
المأمور قام بتحرير المحضر بنفسه للمحامي الذي خرج من البلدة والرعب يملأ قلبه عسي ان يكون احد أعمام موكله يتبعه لينتقم منه علي اصراره علي الحصول علي حقه‮.‬
مرت الايام‮.. ‬وتحرك محضر احتجاز المحامي واهانته‮.‬
وبدأ المحامي الشاب اجراءاته القانونية وتوجه الي نقابة المحاميين بالمنوفية لمساندته في قضية ليخبره عاطف شهاب احد اعضاء نقابة المحامين الفرعية بالمنوفية بمفاجأة من العيار الثقيل‮.‬
مفاجأة ربما لايعرفها الكثيرون من المحامين‮.. ‬فقد ثبت ان قانون المحاماه نص في مادته‮ ‬رقم ‮٤٥ ‬علي معاقبة كل من تعدي علي محام او اهانه بالاشارة او القول او التهديد اثناء قيامه باعمال مهنته او بسببها بالعقوبة المقررة لمن يرتكب هذه الجريمة ضد أحد اعضاء هيئة المحكمة‮.. ‬وهي عقوبة السجن لمدة ‮٣ ‬سنوات بحد اقصي‮.‬
هذه المفاجأة جاءت في وقتها بالنسبة للمحامي الشاب حيث كانت النيابة العامة قد قامت بقيد القضية علي انها مجرد اتلاف لحقيبة المحامي‮.. ‬فأسرع المحامي الشاب بتعديل وصف وقيد القضية بناء علي نص المادة ‮٤٥ ‬من قانون المحاماه‮.. ‬وبالفعل تم قبول تعديل الوصف واحيلت القضية الي محكمة جنح الباجور برئاسة المستشار جورج أنور وامانة سر عبدالرحمن نفحة‮. ‬وقد تحددت جلسة اليوم الاربعاء لنظر القضية والحكم فيها