الحزب الوطني الأرستقراطي

إذا كنت وطنياً مخلصاً وتنوي خدمة بلدك تحت قبة مجلس الشعب.. أو موظفا أميناً ولم تتربح يوماً من عملك ولم تدخر قرشا للزمن.. وإذا كنت أستاذا بالجامعة أو مدرساً أو طبيباً أو تمتهن أي وظيفة أخري ودخلك علي قدك وربما تكون مديونا.. إذا كنت واحدًا من هؤلاء فلن تتمكن من الترشح لمجلس الشعب عن الحزب الوطني في الانتخابات المقبلة.. لأنك تنتمي للغالبية الكاسحة من فقراء هذا الوطن.. وتلك طائفة من المواطنين لا يريدها الحزب الوطني بين مرشحيه.. ويفر منها فرار السليم من الأجرب.. بعد أن رفع شعار (أصلك قرشك يا حلاوة).

فقد اشترط الحزب الوطني علي كل من يريد دخول المجمع الانتخابي به ضرورة سداد خمسة عشر ألف جنيه (سمها فردة حزبية) مع سداد ألف جنيه أخري ثمنا لاستمارة الترشيح.. يعني ستة عشر ألف جنيه بالتمام والكمال ولا عزاء للفقراء أو الكلام الكبير لقادة الحزب أمثال: صفوت الشريف وعلي الدين هلال وجمال مبارك وزكريا عزمي.. وزعمهم أن حزبهم للفقراء والكادحين لأنهم عند التطبيق جعلوا الترشيح لمن يملك.

ما فعله الحزب الوطني يتسق مع سيادة مفاهيم النفوذ والسطوة داخل كيانه وأن البقاء داخله لمن يملك.. فلاصوت يعلو فوق صوت المال.. ربما كانت هذه الفكرة من بنات أفكار رجل الأعمال أحمد عز وبقية جوقة رجال الأعمال الجالسين في أمانة السياسات.. لكن من العيب أن تصدر هذه القرارات في وجود رجال العهد الاشتراكي وأساتذة السياسة أمثال: مفيد شهاب وعلي الدين هلال وصفوت الشريف أم تراهم قد رموا خلف ظهورهم بكل ذلك.. بعد أن فتحوا عقولهم للفكر الجديد وشعاره الجديد أصلك قرشك يا حلاوة.

قرار الحزب بفرض إتاوة بآلاف الجنيهات علي كل مرشح لخوض الانتخابات علي لافتة الوطني.. أكد أن الفلوس هي الباب الملكي للعبور إلي الحصانة عبر بوابة الحزب الحاكم ذات نفسه.. لذا يجب إلغاؤه فورا لأن هذه الإتاوة ستحرم الفقراء الشرفاء من الترشح علي قوائم الحزب الوطني وأن كثيرين من الأطباء والمهندسين والمدرسين وفئات أخري غيرهم لا يملكون هذا المبلغ وبالتالي فإن الحزب قد حرم من جهودهم وحرم البلد من جهود أبنائها.

ثم من هذا المرشح الذي يمتلك 16 ألف جنيه سوي الحرفيين وأبناء المهن الدنيا والتجار ولاعبي الكرة.؟. وهؤلاء أصبحوا نجوم المرحلة بعد أن جلس العلماء والمفكرون بعيدا لأن الحزب والحكومة والدولة معا رفعوا شعار (اللي مامعهوش مايلزموش).

ومن هذا العامل الشريف الذي يمتلك الآن مثل هذا المبلغ أو حتي عشره (بضم العين)؟!. حتي لو كان عاملا في مصانع حديد عز نفسها.. إلا إذا كان الحزب الوطني قد صك تعريفا جديدا للعمال.

سؤال أخير:ماذا يعني أن يدفع مرشح 16ألف جنيه للدخول للمجمع الانتخابي بالحزب الوطني.؟ وهو يعلم باحتمالية خسارته.. فهل هو شخص عبيط يرمي فلوسه أم ليقينه بأنه سيعوض ما خسره بطريقة أو أخري.؟ وما هذه الطريقة وهي غالبا لن تكون مشروعة بل علي حساب مصالح الناس.. ثم إنه إذا فاز في المجمع الانتخابي وخاض انتخابات مجلس الشعب وصرف الملايين في الدعاية ورشوة الناخبين.. فالمؤكد أنه سيعوض تلك الفاتورة من دماء هذا الوطن.. بعد أن تأكد أن شعار حزبه الوطني هو شيلني وشيلك.

فارق كبير بين مفاهيم الأحزاب الديمقراطية العريقة وبين ثقافة مجلس إدارة شركة ترفع شعار اخطف وأجري.. فليستح كل من وافق علي قرار إلزام المرشحين بدفع تلك الإتاوة.