]
[/url]بين الفانوس أبو شمعة والكابتن كورومبو مساحة زمنية طويلة.. شهدت تطوراً كبيراً في شكله ومضمونه وأسباب استخدامه وجنونه إ منذ أن المصريين قد عرفوه كمظهر للفرح أو كوسيلة للإضاءة والتجميل أو كنوع من التأمين وإضاءة الطريق وكرمز للهدي والبصيرة فإنه أصبح الآن ظاهرة رمضانية جميلة يقبل عليها الأولاد والبنات وتتهادي بها العرائس والعرسان.
البداية كانت عام ٢٦٣هـ عندما خرج سكان القاهرة وأطفالها للشوارع مرحبين بقدوم المعز لدين الله الفاطمي ليلاً في الخامس من رمضان حاملين المشاعل وهم ينشدون »وحوي يا وحوي« وبأيديهم فوانيس كانت وقتها تعلق في أعلي المآذن من موعد صلاة المغرب حتي أذان الفجر.
أما المرأة في عصر الحاكم بأمر الله فكانت ممنوعة من الخروج ليلاً إلا في رمضان وكان من الضروري أن يصحبها غلام يحمل فانوساً تضيئه الشموع.
لكن اليوم تبدل الحال وغزا التنين الصيني سوق الفوانيس باقتدار حتي أوشك أن يجعل فانوسنا أبو شمعة في خبر كان. إن لم يسارع صناعه بإحداث تغيير وتبديل سريع يتفق مع مقتضيات العصر واحتياجات الطفل.. ولعلنا نستطيع أن ننزع الفانوس الصيني من عرشه الذي أهديناه إياه ورحنا نتباكي علي صناعة عريقة توارثناها عبر الأجيال.
أما موضة هذا العام فهو »فانوس« المفتش »كورومبو« في أشكال متعددة وأسعار متفاوتة منها الراقص والمراكب والتوك توك وبائع الحمص أو الموتوسيكل أو الجالس علي الأرجوحة وغيرها من الأوضاع والأسماء أطلقوها عليها مثل »حمبوذو لاوي بوذو« و»سيكليحا بتاع المراجيحا« و»حمبولا الجزار« وغيرها من المقولات الساخرة والألحان والأغاني الرمضانية الجميلة.
لكن العم كرومبو واصل جنونه حتي وصلت أسعاره إلي المائة جنيه!! لكنه الأكثر مبيعاً والأكثر أمناً وإبهاراً وجذباً للأطفال بإضاءته الحديثة التي باتت تنافس نور الكهرباء بسبب استخدام الصينيين مادة كيميائية جديدة من الكرون الأبيض.
رغم الطفرة الواضحة في أشكال فوانيسنا التقليدية إلا أنه مازال محلك سر غير قادر علي المنافسة والسبب كما يقول الباعة والمتخصصون لارتفاع الأسعار وقلة الإمكانيات فثمن بطاريتين فقط يصل إلي ستة جنيهات.
المؤسف أن كل الأحياء والمستويات اتفقت علي الفانوس الصيني ورفضت المصري باستثناء المناطق الشعبية السياحية والفنادق الخمس نجوم التي تتمسك بالمصري والتقليدي في ديكوراتها وتزيين مداخلها طوال أيام الشهر الكريم.. كرمز للأصالة وحضارات المصريين التي تبهر دائماً السائح الأجنبي والعربي.
راوية عبدالباري