لا أعلم إذا كانت الحالة التى يعيشها النظام الحاكم مع فريق كرة القدم هذه الأيام هى التى أتت بالتعديل الوزارى الأخير على هذا النحو أم لا؟! فخروج وزير ثم تأخر بديله على الخط.. ثم خروج وزير آخر ودخول وزيرين هو أشبه بعملية تغيير اللاعبين أثناء المباراة!!
المتابع للشأن الداخلى فى مصر يعلم أن السياسة شأنها شأن الكرة، فكلاهما تسوده العشوائية والديماجوجية والتراشق والسباب، وكلاهما موصوم بالتردى والتراجع فى ذيل مواكب الأمم.. ففى مجلس الشعب (بالعين وليس بالغين) بلغت لغة الحوار دركها الأسفل..
فى باحة الصحف وقف الزملاء يكيلون لبعضهم البعض الاتهامات وأصناف التجريح.. أما فى ملاعب الكرة فحدث ولا حرج، لأن أحداث المبارايات باتت تشبه إلى حد بعيد سيناريو فيلم «إبراهيم الأبيض» البلطجى العنيف، الذى بفضله هو وزملائه من أبطال هذا النوع من الأفلام أصبحنا لا نجزع من مشاهد العنف والدماء فى شوارعنا!!..
كان أبى اللواء أنور نافع، رحمه الله، ضابطاً بالجيش المصرى وخاض معه أعتى الحروب والمعارك منذ حرب العلمين، ومع ذلك فقد كان الأديب بداخله يتأذى لمشاهد الحزن فى الأفلام، وكان يخبرنى بأن ظهور المقابر كان محظوراً فى العصر الذهبى للسينما المصرية فى الأربعينيات وبداية الخمسينيات من القرن الماضى!!
وها نحن نشاهد فى أحد المسلسلات الذى عرضت فى شهر رمضان مشهداً لأخ يقوم بجميع تفاصيل دفن أخيه الغريق صاحب المشهد من النواح واللطم!
ما هذا العنف والمرض الذى أصابنا؟ وما بالنا نستغرب أحوال الشارع المصرى وقد كثرت به كل تلك المؤثرات؟ وأخرج من بيتى كل يوم غير طامع إلا فى يوم من السكينة والهدوء.. يوم لا أكون فيه ظالماً أو مظلوماً، لا بفعل المرور والمواكب، أو بفعل الحقد المكبوت فى نفوس بعض الزملاء.. أظل أعالج نفسى من الغضب متهماً إياها بالأنانية والغرور حتى لا تحملنى مضايقات الناس على دفع العدوان بمثله، فأجدنى أحسن حالاً وأصفى ذهناً وأتقى قلباً!